عائلة أسد إجرامية

عائلة أسد إجرامية

زهير ناعورة

في شتاء عام 1991، وأمام فندق (الريفيرا) في مدينة اللاذقية، وقف ثلاثة شبان، إلى جانب دراجة نارية كبيرة، كانت تعرف باسم "البطح"، كان واضحاً عليهم حالة السكر، ركب أحدهم الدراجة، ورفع عجلتها الأمامية، وانطلق بسرعة جنونية، غير آبه بكل السيارات والمشاة من حوله.. قال الاثنان المتبقيان لزميلهم الذي ركب الدراجة: "روح الله يحميك يا حبيب"، وأجابه الثاني مشككاً بقدرة الله عليه: "ليش.... بيقدر عليه؟".!

سائق الدراجة هو هلال الأسد، واثنين من شبيحته، وكانوا جميعاً يعملون بتهريب الدخان والمخدرات، وعرف عنهم ولعهم باقتناء أحدث السيارات والدراجات.

* مهنة العائلة

كان أغلب شباب آل الأسد وأقرباؤهم يقودون عصابات التهريب، وتجارة الممنوعات، ومنهم هلال سليمان الأسد، أحد أقارب بشار، وهو معاق، لا يمكنه النطق بشكل جيد، كثير التأتأة، من مواليد عام 1970، عرف عنه هوسه بالأسلحة والسيارات، وكان يضع رشاشاً وقنابل ومسدسات في سيارته، منذ كان في الخامسة عشرة من عمره.

يرافقه خلال جولاته الاستعراضية في المدينة، عدد كبير من الشبيحة، يركبون السيارات الفارهة المكشوفة، والدراجات "البطح"، يرتكبون أقذر الأعمال بحق الناس، كالخطف والاغتصاب، والسرقة العلنية في وضح النهار، يحفظ أبناء المدينة الكثير منها.

"أجبر هذا المجرم ابنة أخي، طالبة في الثالث الثانوي، على ركوب سيارته، عند خروجها من باب مدرسة الكرامة، ليعيدها إلى أهلها بعد أسبوع، وقد اختلت عقلياً"، عمّ الفتاة، روى هذا، ولم يستطع إخفاء دموعه، رغم مرور أكثر من عشرين عاماً على الحادثة، وأضاف "كانت في أول عمرها، متفتحة كزهرة، قضى عليها، ولا شيء ينسينا ذلك".

* شرعنة التشبيح

بنصيحة من باسل الأسد حينها، أصدر الأسد الأب مرسوم الاستثمار رقم 10 في مطلع تسعينيات القرن الماضي، لقوننة أعمال التشبيح، فوظف الشبيحة أموالهم الطائلة في تجارة السيارات عبر الوكالات الحصرية، وإقامة معامل العلكة والمناديل الورقية والمنظفات.

تولى هلال إدارة مؤسسة الإسكان العسكرية في مدينة اللاذقية، وهي أكبر مؤسسات الدولة ميزانية، ومعروف بأن قيادتها محصورة بالمقربين من آل الأسد، ولاتزال قصة مديرها العام في ثمانينات القرن الماضي خليل بهلول، وسرقته للمليارات، بالتعاون مع رفعت الأسد، ماثلة في ذاكرة السورين.

وظف هلال الأسد شباب طائفته وبناتها في الشركة، وسرّح ما عداهم، أوقف كل المشاريع، و "حوّل ميزانياتها لحسابه في البنوك الأوربية، حتى فقدنا القدرة على دفع الرواتب"، كما سرب أحد محاسبي الشركة، الذي اختفى عقب ذلك.

* رتب ومناصب

ومع بداية الثورة عام 2011، تمت تسميته /بدون مقدمات/ عقيداً في الجيش، تولى قيادة الشرطة العسكرية في الفرقة الرابعة، ومن ثم تم تكليفه بتشكيل جيش الدفاع الوطني "الشبيحة"، ليمارس القتل والخطف، والاعتقال على هواه، دون أية ضوابط، حيث اتخذ من المدينة الرياضية معتقلاً، يمارس فيه أكثر أنواع التعذيب عنفاً، بحق المعارضين والمتظاهرين.

كلف بالقضاء على ثورة اللاذقية، وتحت هذا المسمى، "أذل الناس، واغتصب النساء واعتقل الشباب، واقتحم البيوت، وسرق مافيها، وأحرق الكثير منها"، بحسب إفادة أحد الفارين من قبضته، من سكان الرمل الجنوبي.

يؤكد ناشطون، أنه من أطلق النار على الطفلة علا جبلاوي، ابنة السنتين في حضن والدها، وهز استشهادها المدينة، ولاتزال مشاهد إصابتها بطلق ناري في عينها تملأ الشاشات، وصورها معلقة في المنازل.. أطلق عليه شبيحته، ألقاب كثيرة منها" الرئيس" و "رئيس الدولة العلوية"، وهذا الاسم راج كثيراً، وصار يتردد على لسان الموالين للنظام، بإيعاز من ابنه سليمان هلال الأسد، وهو أيضاً شبيح يفوق والده أجراماً، بحسب أهالي اللاذقية.