هل ستكون سورية مسرحا لحرب عالمية ثالثة؟ وهل سيتغير وجه خارطة العالم؟

جاهل من ينسى لعنة التاريخ ونيران الثار التي تستقر في اللاوعي رغم ان الآخر يتظاهر بخديعة النسيان،فقساوسة موسكو حين يرشون الماء المقدس على الطائرات الحربية الروسية المتجهة الى سوريا في حرب الكنيسة المقدسة،فانهم يثأرون لكرامة القيصر التي اهدرتها خسارة حرب القرم وضياع القسطنطينية،وطبول الحرب التي يقرعها الاوربيون،تعيد صورة لويس التاسع ملك فرنسا الذي لازال تاريخ فرنسا ينوء بعار هزيمته في حملته الصليبية.

كانت الحملات الصليبية قد تركت اثرها البالغ على علاقة المسيحيين في بلاد الشام مع الفرنسيين وعندما سيطرت الدولة العثمانية على بلاد الشام رفعت الدول الغربية الصوت عاليا وهي تجاهر بالمطالبة بحماية الاقليات فكانت الامبراطورية الفرنسية تعتبر نفسها حليفا تاريخيا للموارنة والكنيسة الكاثوليكية المشرقية بينما كانت الامبراطورية الروسية ترى ان حماية المسيحيين الارثوذوكس من صلب اهتماماتها،لان الامبراطورية الروسية تعتبر الوريث الشرعي لعرش الكنسية الأورثوذوكسية بعد سقوط الإمبراطورية البيزنطية.واصبحت عاصمتها موسكو تدعى (روما الثالثة) بعد أن سقطت القسطنطينية (روما الثانية) على يد العثمانيين.وكانت هذه الفكرة قد تولَّدت لديها بعد زواج الأمير الأكبر لعموم روسيا إيفان الثالث في 1472 ميلادية من الأميرة صوفيا باليولوك آخر أميرات الأمبراطورية البيزنطية التي سقطت في 29 أيار 1453 ميلادية. 

كانت الفكرة السائدة آنذاك أن موسكو هي روما الثالثة كمركزٍ للمسيحية الأوروبية (بعد سقوط روما الأصلية "الرومانية" ثم روما الثانية، أي القسطنطينية "البيزنطية") و لن تكون هناك روما رابعة أبداً،بل ان حرب القرم الشهيرة التي دارت رحاها في الأعوام (1853 – 1856) بين الروس من جهة والعثمانيين والفرنسيين والبريطانيين من جهة أخرى. وكان سبب هذه الحرب هو الخلاف حول من يتولى إدارة الأماكن المقدسة المسيحية في فلسطين بين الأورثوذوكس (حلفاء موسكو) والكاثوليك (حلفاء باريس)....فمنذ سيطرة القياصرة على الحكم في روسيا،كانت روسيا تطالب بالقسطنطينية (إسطنبول) ومضائق البوسفور والدردنيل على أساس كونها (حامية المسيحية) في الشرق،ومسؤولة عن الأرثوذكس في العالم،وبالتالي لابد لها من السيطرة على القسطنطينية التي فتحها السلطان محمد الفاتح،وكذلك السيطرة على الأماكن المقدسة المسيحية في فلسطين.ولذلك فان حرب القرم في اساسها قد اشتعلت لان السلطان العثماني منح امتيازات جديدة عام (1852م) للكاثوليك (الذين كانت فرنسا تمثلهم)،وهو مايعني أنه خضع للضغوط الفرنسية.تسبب هذا الموقف في استياء روسي من السلطان العثماني، ووجدت روسيا فيه ذريعة ومبررا يتيح لها حرب الدولة العثمانية،معتمدة على البعد الديني وحماية المسيحيين الأرثوذكس، وقد ظل هذا الحلم الروسي يمثل حجر الزاوية في السياسة الروسية الى ان جاءت الحرب العالمية الاولى فتم توقيع اتفاقية “سايكس – بيكو – سازانوف” (نسبة إلى اسم سيرغي سازانوف وزير الخارجية الروسية آنذاك).تحصل روسيا بموجبها على القسطنطينية ومضائق مضايق الدردنيل والبوسفور وصولا الى المياه الدافئة في شرق البحر الأبيض المتوسط، ولكن تسارع الاحداث ونشوب الثورة الشيوعية أدى الى اخراج روسيا من المعادلة،واليوم يعيد التاريخ نفسه فيتججد حلم القياصرة الجدد في الكرملين لانهم يدركون ان سوريا منذ القدم كانت قلب طريق الحرير .

ثورة الشام ستغير وجه العالم وان من يمسك سوريا سيمكنه ان يتحكم في شمال افريقيا ، ومن يسيطر على سوريا سيتحكم في القوقاز،ومن يسيطر على سوريا يمكنه ان يمسك بمفاتيح خراسان .

فهل تعلمون ان الصين اليوم تقيم مبادرة اسمها (مبادرة الحزام والطريق الصينية ) وبهذا المعنى فان الفرع الجنوبي لطريق الحرير يمرّ من تركستان وخراسان وعبر بلاد ما بين النهرين وكردستان والأناضول وسوريا عبر تدمر وأنطاكية إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وشمال أفريقيا.وهل تعلمون ان فينيقيا والمدن التابعة لها، بلغت ذروة مجدها التجاري في القرن الثالث عشر قبل الميلاد؛ إذ كانت اتصالاتها البحرية تشتمل مناطق العالم القديم بأكمله، كما كان للاتصال الثقافي والاقتصادي بين الآراميين والفينيقيين تاريخ طويل، حتى أن اللغة الآرامية التي انتشرت في سورية القديمة أصبحت لغة التجارة والدبلوماسية في الشرق القديم، وصارت أوسع اللغات انتشاراً في ذلك العصر.ان انتصار ثورة الشام يعتبر فتحا جديدا وسيعيد رسم خارطة المنطقة والعالم .  

وسوم: العدد 791