هل باتَتْ تركيا أمام الخطة " ب " مع الجماعات الجهادية في إدلب؟

بإعلانهما مساء يوم الاثنين: 17/ 9 الجاري، في سوتشي،  التوصل الى اتفاق حول إدلب، يكون الرئيسان: أردوغان و بوتين، قد أحدثا خرقًا مهمًّا و كبيرًا في الملف السوريّ، من خلال عقدة إدلب.

إذْ يسجّل فيه لتركيا تمسّكها بموقفها المنحاز للقضية السورية، و اعتراضها الصريح و الواضح على عملية عسكرية شاملة، تمّ الترويج لها ضد المحافظة، و قد أفضى ذلك إلى انتصار اللغة الدبلوماسية على لغة العسكرة، و هو ما جنّب إدلب ـ على الأقل على المدى القصير ـ شبح الحرب، و إمكانية إزهاق أرواح آلاف المدنيين، و نزوح و تهجير مئات الآلاف من البشر في منطقة يقطنها أكثر من ثلاثة ملايين و نصف مليون مدني.

إنّ التوصل إلى هذا الاتفاق ليؤكّد ثقل الدور الذي يلعبه البلدان في المسارين: السياسي و العسكري في هذا الملف، و هو بمثابة ربح متبادل يعزز التعاون بينهما في خطوات منتظرة فيه، فبموجبه أقنعت تركيا موسكو بضرورة التنسيق الثنائي للحفاظ على مسار أستانا، الذي سيتيح لها أن تعزز من وجودها العسكري في إدلب، و هو ما يعني أنّها باقية إلى وقت غير قريب، و هو ما فهم من قول أردوغان: " دخلت تركيا إلى سورية بنداء من الشعب السوري، ولا أحد يرفع أعلام روسيا أو أمريكا أو فرنسا وألمانيا في إدلب، لكنهم يرفعون العلم التركي".

و هو الأمر الذي سيقوي موقفها في نهاية المطاف، و قد ظهرت بوادر ذلك في تصريح الرئاسة التركية، الجمعة: 21/ 9: " تمّ الاتفاق مع روسيا على نشر ١٢ نقطة تفتيش في إدلب "، و تصريح وزارة الدفاع التركية أيضًا: " عقد اجتماع مع مسؤولين روس، تمّ الاتفاق فيه على حدود المنطقة منزوعة السلاح في إدلب "، مثلما أقنعتها بضرورة الدفع في المسار السياسيّ، و العودة إلى مرجعية جنيف و القرارات الأممية و لاسيما القرار 2254.

و لعلّ من أهمّ ما تمخّض عنه هذا التفاهم، اقتناع روسيا بوجهة نظر تركيا، بضرورة منحها المزيد من الوقت لحل مشكلة الجماعات الجهادية في إدلب، و هي بذلك قد سحبت هذه الذريعة مؤقتًا من يد النظام، ومنعته كذلك من دخول المحافظة، بغض النظر عن المآلات التي ستتجه إليها الأمور لاحقًا.

و يبقى التساؤل: هل استنفدت تركيا الخطة " أ " مع هذه الجماعات، و حان الوقت للتعامل معها وفق الخطة " ب " ؟

يذهب المراقبون إلى الإجابة بـ " نعم "، حيث الأمور متجهةٌ مع هذه الجماعات إلى الصدام، و ذلك بعد مضي أكثر من شهرين من اللقاءات الاستخباراتية و العسكرية معها في أنقرة، حيث كان فيها الغلبة لرأي الأطراف المؤدلجة " غير السورية "، في التمسك برأيها في استبعاد الحلّ، و التشبث بما تحقق لها ميدانيًا، من تجسيد حلمها في مشروع الإمارة.

و بذلك تكون هذه الجماعات قد أكسبت روسيا  اِلتزامًا من تركيا، بمكافحتها بشكل ثنائي؛ بذريعة أنّها ــ و هي" المصنّفة إرهابيًا " على لوائح الأمم المتحدة، و حتى تركيًا ــ لم تقبل بالحل السياسي، و قامت بخرق بنود هذا الاتفاق.

و ذلك في حال إذا لم تفلح تركيا في القضاء عليها بمعية الجبهة الوطنية للتحرير، على غرار ما كان منها مع فصائل الجيش الحر الأخرى، في عمليتي: درع الفرات، و غصن الزيتون.

و يبدو أنّ هذه الجماعات باتت على قناعة بأنّ ذا الأمر حاصل لا محالة، و هو ما لمستْه من المظاهرات المليونية، التي غابت عنها أعلامها و راياتها بشكل قاطع، و هو ما دفع قادة من الصف الأول فيها إلى تصفية أعمالهم التجارية، و قيام عناصر من المهاجرين بترحيل عوائلهم من إدلب، و هو ما أكدته مصادر ميدانية مطلعة، من قيام عشرات العوائل من الأوزبك بدخول تركيا من معابر غير نظامية، تسيطر عليها هذه الجماعات؛ تمهيدًا للعودة بهم من حيث أتوَاْ، أو للرحيل بهم إلى مناطق وجود تنظيم " أنصار الشريعة " في ليبيا، و هناك قلة منهم تسعى جاهدة للوصول إلى مقاطعة " وزيرستان " في باكستان، حيث قادة القاعدة الكبار.

وسوم: العدد 791