في سوريا[بعث الشرور والممانعة من كل إنسانية]

[ مطحنة ] الأطفال والنساء

في اليوم العالمي للطفل:

 مقتل ما لا يقل عن 28226 طفلاً في سوريا منذ آذار 2011

بعد ثماني سنوات من بدء الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا، الذي تحول لاحقاً إلى نزاع مسلح داخلي، تعرض خلالها الشعب السوري لإهمال غير مسبوق من قبل المجتمع الدولي في المجالات كافة؛ ما يُثقل إرث هذا النزاع وشكل مستقبل سوريا، وهذا سوف يظهر بشكل أكثر وضوحاً على أطفالها، وفي قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي نوثِّق فيها أبرز الانتهاكات التي تعرَّض لها الأطفال في سوريا وفي بعض بلدان اللجوء، قمنا بعرض بعض ما وردَ فيها ضمن عشرات التقارير التي تحدثَّت بالإحصائيات والشهادات والصور والوثائق عن أخطر ما تعرض له أطفال سوريا، وعلى الرغم من كل ذلك فإننا نؤكد أنه لا يمكننا أن نقول أن المخاطر تتجسد في صحة الأطفال الجسدية أو النفسية أو التعليم أو الرعاية الطبية، بل إنها تتجاوز ذلك كله لتحفر عميقاً في ذاكرتهم وتصوغ شخصياتهم على نحو مشوه، الأمر الذي سيظهر لاحقاً في مستقبلهم، وعلى الدول الإقليمية استدراك أقصى ما يمكن في بدء معالجة ما يعانيه أطفال سوريا لأنه لا استقرار في سوريا بدون استقرار أطفالها.

ويُعتبر صعيد تجنيد الأطفال وفقدان التعليم من أشدِّ الأخطار التي يعانيها الطفل السوري الذي نجا من القتل الجماعي بسبب القصف أو الحصار أو التعذيب، فعلى صعيد التجنيد ففي بداية الحراك الشعبي شارك الأطفال في عدة نشاطات كالمظاهرات والأغاني والتصوير، لكن قسماً منهم بعد تحوِّل الحراك الشعبي إلى نزاع مسلح انتقل كجزء من المجتمع الذي تحول نحو العسكرة وبكل تأكيد بنسبة أقل من الرجال، لكن قسماً لا بأس به من الأطفال قد انخرط على شكل تدريجي مع متغيرات نمط المواجهة مع النظام السوري متأثراً بقريب كأب أو أخ أو صديق، وتحوَّل بالتالي بعض الأطفال من ضحايا وشهود إلى مشاركين في الصراع، وبرز ذلك واضحاً لدى بعض فصائل المعارضة المسلحة على نحو متفاوت، وكذلك لدى الميليشيات المحلية التي تقاتل تحت إمرة النظام السوري، وبشكل خاص عندما تحول القتال إلى ما يشبه مصدراً من مصادر الدخل، وكانت التنظيمات المتشددة أكثر من استغلَّ عمليات تجنيد الأطفال للقتال، وكذلك قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي عبر عمليات التَّجنيد الإجباري للأطفال.

وقد خضع كثير من الأطفال للتعذيب في أقبية ومعتقلات النظام النصيري ومات كثير منهم تحت التعذيب!!

            وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة  (25/11)

مقتل 27226 أنثى في سوريا منذ آذار 2011           

كنظرائهن من الرجال تعرَّضت السوريات لجميع أنماط الانتهاكات التي مورست ضدَّ المجتمع السوري، يُضاف إلى ذلك تحملهنَ لأعباء إضافية نفسية واجتماعية وجسدية، وبالتالي فإنه بإمكاننا القول إنَّ السوريات من الطفلات والنساء هنَّ أكثر الفئات تضرراً طيلة السنوات الثماني الماضية في سوريا منذ بدء الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار/ 2011، يُضاف إلى كل ذلك منظومة من العادات الاجتماعية مرتبطة بالعادات أو التقاليد أو التفسيرات الدينية أو المذهبية، التي شكَّلت في بعض الأحيان نماذج تمييزية مشوهة بحقِّ السوريات، بعضها يُبرر العنف والتمييز ضدَّ المرأة ويُشرعنه، وفي ظلِّ أنماط الانتهاكات الكبرى كالقتل والتعذيب والعنف الجنسي، والإخفاء القسري وما يُماثلها، ربما لا تتاح الفرصة لإدانة ممارسات وانتهاكات متعددة أخرى، وعلى أمل أن تتوقف الانتهاكات الكبرى والجرائم الفظيعة نرجو أن يُتاح لنا إدانة أنماط أخرى من الانتهاكات في التقرير السنوي القادم.

فرضَ النزاع المسلح الداخلي على السوريات تغييراً ثقيلاً، فقد تسبَّبت الحصيلة المرتفعة من حيث القتل والاختفاء بحق الرجال في المجتمع، في انتقال عبء إضافي إلى المرأة، حيث ارتفعت نسبة الأسر التي تعيلها السيدات، وبالتالي لعبت السيدات دوراً جديداً يُضاف إلى أدوارهنَّ الاعتيادية، وخضعت بالتالي إلى ظروف مركبة يصعب التأقلم معها؛ لأنها تفوق في كثير من الأحيان قدراتها وإمكاناتها المادية والمعنوية، ومع غياب الأمن والرعاية الاجتماعية بسبب فقدان الزوج أو الأخ بشكل أساسي وشلل العملية التعليمية؛ انعكس كل ذلك بشكل كارثي على الجانب النفسي؛ ومما زاد من المعاناة عدم وجود منظمات مختصة في رعاية ودعم المرأة السورية بشكل كافٍ داخل سوريا أو حتى في بلدان اللجوء، وبدون شكٍّ فإنَّ هناك نماذج عن تجاوز كل هذه التَّحديات لكن السياق العام يبقى أكثر سوداوية من أن يصفه هذا التقرير.

يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:

"على الرغم من الكمِّ الهائل من الأعباء والانتهاكات، التي تعرضت لها المرأة السورية، إلا أنَّ قسماً كبيراً منهنَّ لم يتوقف عن صناعة المقاومة والنِّضال في سبيل انتزاع الحقوق والحريات الأساسية للمجتمع السوري كله، وصولاً إلى تحقيق التَّغيير الديمقراطي للدولة السورية، ويجب أن يكون هناك ضمان لمشاركتهن الفاعلة على المستويات كافة"

 نؤكِّدمرة أخرى-على أنَّ العنف الذي يمارَس ضدَّ المرأة في سوريا لا يُشابه أيَّ عنف تعرَّضت له المرأة في أي مكان آخر من العالم وهو مستمر ومتصاعد وممنهج من قبل أطراف النزاع الرئيسة وفي مقدِّمتها النظام السوري وحلفاؤه.

وسوم: العدد 800