تركيع الجزائر باسم حكم الأقلية لدى مقران آيت العربي

تصفحت صفحة مقران آيت العربي وقرأت نظرته لأحداث الجزائر عبر ماأطلق عليه إسم "من أجل حلول سلمية للخروج من المأزق الدستوري" فكانت هذه الملاحظات:

1.      قبل أن أبدأ في العرض والنقد أطلب من القارىء الكريم أن يقف عند المعلومتين الآتيتين وهما: أوّلا: نشر زميلنا Youcef Mili ونقلها عنه زميلنا محمد لعاطف عبر صفحته صورة لـلمترشح آيت مقران العربي بتاريخ: 25 فيفري 1977 لانتخابات المجلس الشعبي الوطني لولاية البويرة، أي الانتخابات أيام الحزب الواحد والحكم المطلق.

2.      ثانيا: سبق لمقران آيت العربي أن كان مديرا لحملة الجنرال غديري قصد الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2019 التي كان من المفروض أن تقام في 18 أفريل 2019  ودائما في إطار تثبيت العهدة الخامسة والتي ألغيت بسبب أحداث الجزائر بتاريخ 22 فيفري 2019.

3.      أعود الآن لمضمون البيان حيث يقول مقران آيت العربي: "حوار الصّم بين المتظاهرين والسلطة الفعلية التي فرضت نفسها عن طريق رئيس الأركان"، أقول: لايوجد حوار الصّم لأنّ الجيش الشعبي الوطني تعهد بضمان ومرافقة الشعب الجزائري وحقن دماء الجزائريين وصون ممتلكاتهم وأعراضهم وهو الذي دعا وما زال يدعو للحوار  بل يعاتب الذين يرفضون الدخول في الحوار. كيف إذن يقال أنّ هناك "حوار الصّم؟ !".

4.      قال: " كيف ستنظم انتخابات بدون تحديد أهداف واضحة وبدون الشعب ودون المرور على مرحلة انتقالية". أقول: وهل الجزائر الآن بحاجة إلى مرحلة انتقالية. ألا يمكن تنظيم الانتخابات دون المرور بمرحلة انتقالية التي لاتعرف نهايتها المأساوية الدموية.

5.      يرى أنّ: " الرئاسة الجماعية ستتكفل بتعيين حكومة ". أقول: سبق للجزائر أن جرّبت "الرئاسة الجماعية؟ !" أيام الفرقة الخماسية التي ضمّت يومها: بوضياف وخالد نزار والتيجاني هدام وعلي هارون ورضا مالك بعد اغتيال بوضياف، وكانت هذه الفرقة من أسوء المراحل التي شهدتها الجزائر وما زلنا نعيش آثارها الدموية لغاية كتابة هذه الأسطر حتّى أنّ رضا مالك قال يومها عبارته المشؤومة: "آن للرعب أن ينتقل للجهة الأخرى" فكانت وديانا من الدماء والرقاب البريئة  المتطايرة. فكيف نستعين بتجربة مقيتة دموية فاشلة مرعبة؟

6.      يقول أنّ المرحلة الرئاسية ستحكم الجزائر باسم " التشريع بالأوامر". أقول: من أخطاء الرئيس المستقيل أنّه كان يعتمد وبشكل كبير وفي قضايا مصيرية حاسمة على "التشريع بالأوامر" مستغلاّ فترة عطلة البرلمان ومجلس الأمّة وانجرّت عنها نتائج كارثية على الاقتصاد وسيادة البلاد وهوية الجزائر التي مازلنا نعيشها آثارها الوخيمة لغاية اليوم. كيف يطالب مقران آيت العربي بتكرار نفس التجربة السيّئة التي خرج المجتمع الجزائري للشارع لسحقها وعدم العودة إليها.

7.      يتساءل: "من سيعيّن الشخصيات التي ستشكل هذه الهيئة؟". أقول: المهم في نظره أن لاتكون انتخابات وتكون تعيينات تتلوها تعيينات رغم أنّ المجتمع الجزائري خرج ضدّ التعيينات التي أهلكت البلاد والعباد وجعلت أعزّة الجزائر أذلّة وكذلك يفعلون.

8.      قال: "كيف يضمن انضمام ومساندة الأغلبية الشعبية للرئاسة الجماعية، باعتبار هذا الانضمام شرطا مسبقا لشرعيتها؟". أقول: يطلب من الشعب الجزائري أن يوافقه في فرض ديكتاتورية التعيينات وإقامة ديكتاتورية الرئاسة الجماعية والمهم عنده أن لايكون أثر للصندوق والانتخابات.

9.      يرى أنّ: "المجلس التأسيسي الذي هو مطلب تاريخي". أقول: مهمة المجلس التأسيسي هدم مقومات المجتمع الجزائري المتمثّلة في الدين والتّاريخ واللّغة و وحدة التراب الوطني وفي نفس الوقت إقحام الجزائر في مفهوم الطائفية والمحاصصة والتّبعية والدوس على مقوماتها لكن أصحاب المجلس الدستوري لايعلنون ذلك صراحة خوفا من غضب الشارع هذا من جهة ومن جهة ثانية المقصود بالمجلس التأسيسي هو تمرير قضايا خطيرة تهدم أركان الدولة والمجتمع بصمت وهدوء وتجاوز صناديق الاقتراع لأنّهم يعلمون مسبّقا أنّ المجتمع الجزائري لايقبل بمثل هذه القضايا الخطيرة.

10.  قال: "وعليه ينبغي الاتفاق حول مفهوم الديمقراطية، ولا يمكن اختزالها في صندوق الاقتراع الذي يمكن أن يكمّم باسم الأغلبية كل الأصوات المعارضة وأن يسحق الأقليات". أقول: أعترف أنّي قرأت البيان وأعدت قراءته لأجل هذه النقطة بالذات والتي تبيّن بوضوح نظرة أصحاب "المرحلة والانتقالية؟ !" و "المجلس التأسيسي؟ !" للمجتمع الجزائري لأنّ الغاية الأسمى لديهم هي عدم الذهاب لصناديق الاقتراع والالتفاف بكلّ الطرق لعدم خوض الانتخابات لأنّ الصندوق في نظرهم "يكمّم الأغلبية؟ !" و "يسحق الأقليات:؟ !". هذه هي نظرتهم للديمقراطية: أقلية تسحق الأغلبية ولا حقّ للأغلبية ولو فازت عبر الصندوق ولا سلطة للصندوق لأنّ الديمقراطية لاتقوم على الصندوق بل تقوم على ديكتاتورية التعيينات التي مازال المجتمع الجزائري يعيش مآسيها وآثامها على الأرض والعرض منذ استرجاع السيادة الوطنية 5 جويلية 1962 وإلى اليوم لكن اليوم باسم الحقوق تهضم حقوق الصندوق وتعطى للتعيينات ومن هنا يتّضح جليا لماذا يعارضون الانتخابات وبكلّ الوسائل ويدعون في نفس الوقت لـ "المرحلة والانتقالية؟ !" و "المجلس التأسيسي؟ !".

11.  يتعامل مع العاصمة على أنّها هي الدولة الجزائرية. والسؤال: لماذا المسيرات عبر ولايات الجزائر تتم بهدوء وسلمية إلاّ في الجزائر العاصمة ولماذا يتمّ التركيز على العاصمة من طرف الفضائيات العاصمية ومقران آيت العربي دون غيرها من ولايات الوطن التي أبدعت وتفنّت في حسن اختيار الشعارات والتنظيم المحكم والتآزر واللّحمة الوثيقة بين المتظاهرين ورجال الأمن وقد رأيت ذلك رأي وانا أشارك في المسيرات كلّ جمعة وذكرت ذلك عبر مقالاتي الخاصّة بالمسيرات وكذا منشوراتي عبر صفحتي. وهذه الملاحظة هي التي تدفع المتتبّع للتساؤل وبغرابة عن الاهتمام المبالغ فيه جدّا بالتركيز على العاصمة دون غيرها من الولايات مع التحية البالغة لإخواننا وأحبّتنا وأعزّائنا في الجزائر العاصمة.

12.  قال "يرى أنصار المرحلة الانتقالية أن الرئاسة الجماعية ستتكفل بتعيين حكومة". أقول: المعيّن وغير المنتخب هو الذي يعيّن الحكومة غير المنتخبة والمهم عدم المرور بصناديق الاقتراع وهذه إحدى مظاهر الديمقراطية المعاصرة؟ ! حسب أصحاب "المرحلة الانتقالية؟ !" و "المجلس التأسيسي؟ !".

13.  أكثر من استعمال كلمة "توافقية؟ !" كقوله: "مشروع توافقي" و"ضمانات توافقية مسبقة" و"قواعد توافقية" و"حلول توافقية"، و"الزعماء التوافقيين" و"شخصيات مستقلة وتوافقية". أقول: والسبب في ذلك هو الإصرار على عدم الذهاب لصناديق الاقتراع ورفض قبول نتائج الانتخابات المنبثقة من الديمقراطية لأنّ الصندوق في نظره "يكمّم الأغلبية؟ !" و"يسحق الأقليات:؟ !" ولذلك اختار لها كلمة رقيقة تدغدغ المشاعر ألا وهي "التوافقية؟ !" وذلك إمعانا في الهروب من الانتخابات والصندوق.

14.  من الكذب والزور على الجزائر والجزائريين الزعم أنّ الجزائر لها "أقليات؟ !" والتحدّث باسمها وكأنّها أقليات وهذا بحدّ ذاته نكران لفضل الجزائر على الجميع  والتي ضمّت جميع الجزائريين ودون استثناء لحضنها الآمن الدافئ وطعنا في الجيش الشعبي الوطني الذي يضمّ في صفوفه ورتبه جميع أبناء الجزائر ودون استثناء. والتحدّث في الجزائر باسم الأقلية واستغلالها لتفكيك الجزائر ونسف وحدتها الترابية وهدم حضارتها ولغتها ودينها وتاريخها باسم الأقلية جريمة بحدّ ذاتها.

15.  في انتخابات الدول العظمى يفوز الرئيس بـ 51% وأحيانا أقلّ وحين يعتلي الرئيس المنتخب الحكم يوجّه أوّل خطاب له للذين انتخبوا عليه والذين لم ينتخبوا عليه ويتعهد للجميع أنّه رئيس للجميع ودون استثناء ويعمل طيلة مدّته على أنّه رئيس للجميع وكأنّه فاز بـ 100% ولم يقل أحد عن الرئيس الفائز عبر الصندوق أنّه "يكمّم الأغلبية؟ !" و"يسحق الأقليات:؟ !" وتبقى حقوق 49% أو أقلّ مضمونة مصونة محترمة وإلى الأبد.

16.  بقيت الإشارة أنّه سبق لي أن انتقدت أحمد طالب الإبراهيمي الذي طالب بمرحلة انتقالية عبر مقال لي بعنوان: " ملاحظاتي حول بيان أحمد طالب الإبراهيمي " وبتاريخ: السبت 14 رمضان 1440 هـ الموافق لـ 19 ماي 2019. وانتقدت بيان "العلماء؟ !" الذي دعا لمرحلة انتقالية عبر صفحتي وبتاريخ: 31 ماي 2019 لمن أٍراد أن يعود إليها، وسنظلّ على عهدنا مع الجميع ودون استثناء.

وسوم: العدد 827