أزمات التصريحات والمواقف الشخصية

بين فينة وأخرى تتفجر أزمة بسبب تصريح أو موقف شخصي، تأخذ طابعا انفعاليا حادّا، وتجمع إليها جمهورا ضخما من الثوّار، يراها بعضهم "بظّا" إعلاميا، بينما آخرون يرونها تشبيحا غوغائيا! 

ومثل هذه التصريحات والمواقف العفوية المتكررة تتناوشها ردود أفعال انفعالية من هذين الفريقين:

فريق محق يرى أن فيها إساءة له، وقد يخفّف من انفعاله أحيانا تفهّم المخطئ لخطئه واعتذاره عنه..

وهذا فريق معذور، ويعتذر له بقصور وتقصير كل جهد واجتهاد بشري، وجلّ الذي لا يضلّ -سبحانه- ولا ينسى..

وفريق عريض آخر يتربّص بالعاملين للثورة الدوائر، يلتمس للأبرياء الأحرار العيب، و( يلمزون المطّوعين من المؤمنين في الصدقات، والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم)،(ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون).

هؤلاء القاعدون البطّالون ينفّسون أحقادهم، ويبردون غيظ قلوبهم، ويطفئون نيران الحسد المتأججة في صدورهم، بالغيبة والنميمة والهمز واللمز والغمز والبهتان! وتراهم أفحش الناس سبابا، وأسلطهم اغتيابا، وأكثرهم شكّا وارتيابا..

وأجرأهم تشبيحا، يبحثون عن أثمر الشجر، فيقذفونه بالحجر!

يكفرون الإحسان والمحسنين،

لو أحسنت إلى أحدهم الدهر كلّه ثم رأوا منك شيئاً، أو زللت بينهم زلّة، قالوا: ما رأينا منك خيراً قط! 

يُدارَون مداراة السفهاء

ويُراعون مراعاة القاصرين،

ويُترفّق بهم ترفّق المربّين بالعاثرين وتحترس منهم احتراسك من الغادربن 

ويَترُكُهم الناسُ اتقاء شرّهم،

فبئس إخوة العشيرة، وبئس أنصار الثورة هم!

إذا خاصموا فجروا، وإذا خالفوا هجروا!

وإن تتواضع لهم حقروا

وإن تصنع معروفا كفروا 

وإن تأمنهم غدروا!

يشنّون حملاتهم على أسماء فاعلة في الثورة ليحرقوها!

ما سلم منهم قبلا برهان غليون ولا معاذ الخطيب ولا نصر الحريري ولا أنس العبدة ولا ملهم الدروبي ولا سهير الأتاسي ولا عماد الدين الرشيد ولا أحمد طعمة ولا أسامة الرفاعي ولا أسامة أبوزيد ولا خالد خوجة ولا علوش ولا كيلو  ولا حتى الساروت قبل استشهاده! وأسماء كثيرة شوهوها وحرقوها وأطفأوا جذوة عطائها بما تلوكه ألسنتهم من تهويل وتهوين!

لم يكن هؤلاء جميعا معصومين، ولا ملائكة مطهّرين، وما في عالم السياسة الأرضية ملائكة سماويون، يكفيهم أنهم بشر أحرار يقولون ويفعلون، وبوصلتهم الثورة فليسوا ممن هم في كل واد يهيمون، بل نحو حرية شعبهم يغذّون السير ويجتهدون، حتى وإن كانوا يصيبون تارة، وتارة يخطئون..

فارحموا أنفسكم يا سوريون..

ولا تأكلوا لحم بعضكم، ولا تفرغوا بأسكم بينكم، ولا تتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، وكونوا عباد الله إخوانا...

الثورة جلل، وتستحق منا أن نشتغل لها بعظائم الأمور، وندع السفساف لما بعد التعاف!

وسوم: العدد 835