خبز التنور

خبز التنور

أبو هشام

مع أن التنور لا يزال موجوداً اليوم ولو على سبيل الفولوكلور , فإن تنور زمان ...غير شكل , لأن الخبز الذي كان يصنع زمان هو قمح صافي مطحون و ملح وماء , ولا توجد أية إضافات ولا محسنات ولا نكهات ولا سكر ولا حليب بل كما ذكرت فقط , وهذا ما كان يعطيه هذه النكهة الطيبة المحببة , إضافة إلى الإحساس اللذيذ بالجوع الذي كان يسبق قضمة من الرغيف الشهي الساخن , أما اليوم فإن ما نتناوله جميعنا على مدار اليوم , من أكلات متنوعة ومقبلات ومسليات وأشربة ضارة بمعظمها إضافة إلى الوجبات الثلاث المتعارف عليها , أبعد عنا وأنسانا (الجوع المحمود) الذي يجعل كل شيء طيباً

وهذا يذكرني ببداية الأفران العادية التي بدأت في تلك الفترة بصناعة (الخبز المرقد ) ذي الطبقتين وكان يسمى ( راسو بعبو ) أي كما هو , وكانت تصنع يدوياً أي رغيف رغيف ويتبادل العمل عاملان كل واحد يقوم بنصف العمل , والتي كانت الأرغفة أيضاً تخرج ساخنة من الفرن لتطالها مسحة بالفرشاة  من النشا المذاب بالماء من يد عامل ثالث , فتعطيها تلك اللمعة البرونزية الشهية

ومما يذكر أيضاً في هذا المجال أن الخباز كان ينتهي من عمله حوالي العصر , لتتلقف ما بقي عنده من خبز بقي دون بيع أيادي ( المتعيش ) الذي كان ( يبسط ) في الحي حتى بعد العشاء ليبيع ما بقي من الخبز (بسعر أقل) ولمن انشغل بعمله فلم يحضر لعائلته خبزها الطازج صباحاً

كما تعود بي الذاكرة لأيام سبقت ذلك حيث كانت والدتي – رحمها الله -  تعجن العجين مرة في الأسبوع وننتظر تخمير العجين ليأخذه أجير الخباز فيحمله على رأسه إلى الفرن  وليعود به لنا بعد ساعات مخبوزاً نأكل منه طيلة أسبوع , حيث كان الخبز يوضع في ( معجن كبير ) ويغطى بأقمشة متعددة فلم يكن ظهر النايلون في ذلك الوقت , ولكم أن تتصوروا كيف يستطيع طفل صغير أن يمضغ قطعة خبز ( بايتة ) من أسبوع وخاصة عند حوافي الرغيف الجاف جداً , ومن الكلمات المتعارف عليها في تلك الفترة كلمة ( عا

جنـــــــــــ

ــ

ين ؟ ) من أجير الخباز الذي كان ينادي بها بعد أن يقرع بابنا , وأحيناً نكون لم نعجن ذلك اليوم , فيأتي في اليوم التالي , سقا الله تلك الأيام , وأعان أولادنا وأحفادنا على القادم من الأيام , وجعلنا ممن يشعر بفضل الله علينا على الدوام .