أي منطق هذا الذي حكم انتخابات تونس الرئاسية والبرلمانية ؟

تفرض نتائج انتخابات تونس الرئاسية والبرلمانية الأخيرة  طرح  بعض الأسئلة الملحة منها: لماذا كانت النتائج بهذا الشكل المفاجىء ؟ ولماذا يتأخر حزب النهضة في الجولة الرئاسية ، ويتقدم في الجولة البرلمانية ؟  فلا شك أن وراء ذلك سر أو أسرار .

إنه لا يستساغ بسهولة ويسر أن يكون لهذا الحزب مناضلون  ملتزمون معه يصوتون عليه ،فيجعلونه مرة ثالثا في الانتخابات الرئاسية ، ومرة أخرى أولا في الانتخابات البرلمانية . فهل رفض مناضلوه ترشح عبد الفتاح مورو للرئاسة لسبب هم أدرى به  ، فعملوا على عدم فوزه إما بعدم التصويت عليه أو بالتصويت على غيره أو بمقاطعة التصويت جملة وتفصيلا ؟

وهل كانت الانتخابات نزيهة أم أنها لم تخرج عما تعوّدناه في انتخابات البلاد العربية التي تشبه حكايتها حكاية القسطنطين الذي تبنى المسيحية وقد كان وثنيا وذلك  حين التمس الكفارة عن قتل أحد أبنائه بإيعاز من إحدى زوجاته، فلم يجد له كهان الوثنية عذرا أو كفارة،  بينما وجد له القساوسة  المسيحيون عذرا وكفارة فأصبح مسيحيا  بسبب ذلك ، فأوكل مهمة جمع نسخ الأناجيل الكثيرة  ، ووضعها في مكان مغلق  ليختار الرب منها الصحيح صباح اليوم الموالي ، فوقع الاختيار على الأناجيل الأربعة المتداولة اليوم  عند المسيحيين، ولكن الله وحده يعلم عند من بات مفتاح المكان  المغلق الذي وضعت فيه نسخ الأناجيل العديدة، هكذا يحصل في الانتخابات العربية التي تشرف عليها وزارات الداخلية الآمرة الناهية وهي التي تملك مفاتيح صناديق الاقتراع .

فهل وقع اختيار الجهة المالكة لمفاتيح الصناديق حيث توجد النتائج على رئيس بلاد من المستقلين ، وعلى أول رتبة لنواب حزب النهضة لحاجة في نفس يعقوب كما يقال ؟ وهل يمكن أن يكون عبد الفتاح مورو قد باع أصواته للمرشح المستقل  لوجود صفقة بينهما ، أو لقطع الطريق على المرشح الذي حاز المرتبة الثانية وهو نزيل السجن بسبب  تهمة التهرب من الأداء الضريبي ؟ قد لا يستبعد هذا الافتراض الذي يحتاج إلى تمحيص خصوصا بعد إعلان حزب النهضة عن مساندته للمستقل كي يفوز في الجولة الانتخابية الثانية .

لا شك أن النسبة التي حصل عليها حزب النهضة بالنسبة للانتخابات البرلمانية ستجعله مضطرا للتحالف إذا كان يرغب في حقائب وزارية وإلا سيكون مصيره  معارضة لا طائل من ورائها ،ويكتفي نوابه بالجدل تحت قبة البرلمان، بينما يكون صنع القرار من ائتلاف علماني ويساري وغيره  ممن يعارضون حزب النهضة .

ولا ندري هل استثني  حزب النهضة من تهمة الإسلام السياسي أم أنها لازالت  تطارده ، وأن المؤشر على ذلك هو فشله في الرئاسيات، وضآلة عدد المقاعد التي حصل عليها في البرلمان مقارنة مع ما حصل عليه في الانتخابات السابقة ؟

ولا ندري هل هذا الحزب منزه عن الطعن في صدقه مع الشعب التونسي أم أنه متورط في لعبة سياسية مع جهات نافذة ومتحكمة في  صنع القرار من الداخل أو من الخارج ؟ على غرار ما وقع في مصر.

إلى" أن يقمر ويبين"  كما يقول المثل المغربي، فإننا نترقب الغد القريب  حيث يأتينا بالأخبار من لم نضرب له وقت موعد على حد قول الشاعر طرفة بن العبد.

وسوم: العدد 845