حقيقة مرض بوتين

بوتين المريض بين التأكيد والنفي

قالت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، إنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيترك رئاسة روسيا في ‏يناير المقبل، بسبب إصابته بمرض الشلل الرعاش “باركنسون”، وهو مرض ليس له علاج.‏

وأشارت الصحيفة إلى أنّ من توصف بأنها “عشيقة الرئيس”، لاعبة الجمباز السابقة ألينا كابيفا هي من ‏حثّت “بوتين” البالغ من العمر 68 عامًا على الاستقالة.

جاء ذلك في الوقت الذي انتشرت فيه لقطات في روسيا تظهر بوتين وهو يتجول ممسكاً بمسند ‏ذراع كرسي.‏

ومما يدفع إلى الاعتقاد بأن بوتين حقيقة مصاب بمرض الرعاش الخطير تعجيله في سن تشريع غير متوقع لضمان أن يصبح بوتين سيناتورًا ‏مدى الحياة، وهذا أثار تكهنات بأنه يخطط للانسحاب من الكرملين.‏

وتم تقديم مشروع القانون الجديد من قبل بوتين نفسه، وسيضمن له الحصانة القانونية وامتيازات ‏الدولة حتى وفاته.‏

بوتين صورة مستنسخة عن كل حكام روسيا القيصرية والشيوعية

وللعلم فإنه منذ عام 1999، حاول الرئيس فلاديمير بوتين ترسيخ عاملين أساسيين في روسيا: إعادة الهيبة السوفييتية إلى روسيا الفتيّة، وإبراز نفسه صانع سياسات ومحاور باسم تسويق الطاقة والسلاح، ضمن نهج "عالم متعدد الأقطاب". وكأن بوتين لم يدرك أن روسيا ليست الولايات المتحدة؛ ففي روسيا الرئيس هو مصدر السلطات، منذ زمن القياصرة إلى الحكم الشيوعي وصولاً إلى بوتين نفسه، رجل الاستخبارات الذي يجمع بين التفكير الأحادي والنزعة الرأسمالية، على الرغم من رفضه مفهوم الليبرالية.

وفي أي مكان يكون الشخص مصدر السلطات، يبقى الرهان على أن المنظومة الدولية التي ينتمي إليها هذا الشخص معرّضة للتحوّلات الفجائية، سواء الناجمة عن وفاته مثلاً، أو التي لا تُواجه بحلول مؤسساتية وقانونية، كما يحصل في الفترة الأخيرة. في المقابل، النظام الأميركي منيع ويحمي كل قرار يتخذه أي شخص يحكم البيت الأبيض. يكفي القول إن رئيساً مثل دونالد ترامب هو بقوة فرانكلين روزفلت. الرئيسان تمتعا بقوة النظام الأميركي، لفرض هيمنة الولايات المتحدة في العالم، وكل من سيخلف ترامب، سواء في عام 2020 أو في عام 2024، سيتمتع بالخاصيّة نفسها.

روسيا لم تخرج من نظام القائد الأوحد

لم تخرج روسيا من نظام القائد الأوحد، ولم تتمكّن من معالجة ترهّل الداخل المجتمعي، وتحويله إلى قوة دافعة مؤسساتية. ربما قد يكون هدف المعارضين الذين نظّموا التظاهرات الأخيرة تحقيق مفهوم الدولة، غير أن ذلك لا يجد صدىً كافياً في المجتمع الروسي عموماً، الذي تبدو فيه الأرياف والمناطق البعيدة عن التجمّعات الاقتصادية والديمغرافية مؤيدةً لزعامة الفرد، على عكس موسكو وسان بطرسبرغ، في إشكالية مستمرة منذ كان الكاتب ليو تولستوي حياً.

مستقبل روسيا بعد بوتين مليء بالفوضى السياسية

يمكن ببساطةٍ توقع مستقبل محدّد لروسيا ما بعد بوتين، وهو مستقبلٌ مليء بالفوضى السياسية التي لن تكون، بطبيعة الحال، مماثلة للتسعينات أيام بوريس يلتسين، لكنها ستكون كافيةً لتقول روسيا: "الأولوية للداخل". وهذا ما يعني انكفاءً عن التمدّد العسكري والسياسي في العالم، مع المحافظة على الاتفاقات الاقتصادية المعقودة. وغنيٌّ عن التعريف أن النموّ الديمغرافي أيضاً كان من أبرز العوامل المساهمة في تعزيز القوة الروسية السوفييتية، غير أنه في السنوات والعقود المقبلة لن يخدم روسيا إطلاقاً، بفعل انخفاض معدّلات الإنجاب الذي يستولد نقصاً في القوة البشرية العاملة، في مقابل عدم انتشار الآلات بشكل كافٍ، لتعويض هذا النقص.

ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الفوضى العالمية حالياً في سياق غياب "القطب الأحادي" أو "نظام القطبين" ستؤدي إلى تكريس عشوائي لمفهوم "تعدّد الأقطاب" من دون ناظم حقيقي للعلاقات الدولية، مع تحوّل الأمم المتحدة إلى جمعية خيرية فقط من دون قدرةٍ فعليةٍ على سنّ القوانين، وإصدار القرارات وتطبيقها، المرتكزة حالياً على التوافق الأممي أو عامل الوقت.

في هذه الفوضى، ستتراجع روسيا ما بعد بوتين خطواتٍ إلى الوراء، وستترك فراغاً يُفترض أن يملأه الأميركي فقط، على اعتبار أن الصين لا تسعى بالأساس إلى أداء دور هجومي توسّعي بالمعنى التقليدي أو السياسي. الصين قد تكون ساعيةً إلى التحوّل إلى أكبر قوة اقتصادية عرفها التاريخ، لكنها في الوقت عينه لا يناسبها نظام مشابه لنظامها الداخلي في الكوكب، وإلا فإن الخسائر الاقتصادية ستكون أفدح من زلزال الكساد العالمي عام 1929. الثابت أنه حتى نهاية عهد بوتين (عام 2024 مبدئياً)، ستتوالى الضربات على روسيا.

وتوقعت وسائل الإعلام الروسية التي تديرها الدولة أن يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها “علامة على وضع الأساس لانتقال نهائي للسلطة في روسيا”.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يتكهن فيها الناس بأن بوتين ربما يعاني من مرض الشلل الرعاش “باركنسون”، فقد أشار البروفيسور فاليري سولوفي إلى أن بوتين سيعين قريبًا رئيس وزراء جديدًا “يتم إعداده” لتولي السلطة.

الرئاسة الروسية تنفي ادعاءات الصحيفة البريطانية

من جهتها نفت الرئاسة الروسية مزاعم صحيفة "ذا صن" البريطانية التي تحدثت عن "الاستقالة المرتقبة" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب مشاكل صحية.

وقال الناطق الصحفي باسم الكرملين دميتري بيسكوف: إنّ تقرير الصحيفة البريطانية "لا يتضمن شيئاً يجدر التعليق عليه، وهذا محض هراء، الرئيس يتمتع بصحة جيدة"، وفق ما نقلت رويترز.

وأضاف بيسكوف: إنّ التقرير الصحفي الذي نشرته صحيفة "ذا صن" الذي يستند إلى تأكيدات الخبير السياسي الروسي فاليري سولوفي، ونقلته صحف بريطانية أخرى، "كاذب".

كما ردّ المتحدث بالنفي عندما سئل عمّا إذا كان بوتن يعتزم التنحي في المستقبل القريب، كما أشار سولوفي.

الغرب يدخل في خلاف مع موسكو على خلفية محاولة اغتيال نافالني

ويتعرض بوتين لانتقادات كبيرة من الإعلام الغربي الذي يصف الرئيس الروسي بالمستبد ويحمله مسؤولية استهداف المعارضين لنظامه.

ومؤخرا دخل الغرب وخاصة الاتحاد الأوروبي في خلاف مع موسكو على خلفية محاولة تسميم المعارض الروسي البارز الكسي نافالني الذي لا يزال مقيما في ألمانيا بعد خضوعه للعلاج.

والخميس فتشت الشرطة في روسيا مكتبا للمعارض البارز حيث نشر نافالني على تويتر اليوم الخميس صورا لأفراد شرطة مقنعين في أروقة مكتب (صندوق مكافحة الفساد) الذي كان نافالني قد أسسه، وكتب نافالني تعليقا على الصور:" كنت محقا تماما عندما قلت إن النتيجة القانونية الوحيدة لتسميمي ستكون موجة من الضغط على مكتب صندوق مكافحة الفساد".

وينظر الغرب خاصة الاتحاد الأوروبي بكثير من القلق تجاه محاولات روسيا للعودة الى الهيمنة في عهد بوتين سواء بالتدخل في الملف السوري او الليبي وملفات أخرى مثل أوكرانيا وروسيا البيضاء (بيلاروسيا).

تأثير غياب بوتين على النظام في سورية

يؤكد محللون سوريون بأنَّ الوجود الروسي في سورية مرتبط بشخص بوتين، وأنَّ روسيا لا تُدار بمؤسسات ديمقراطية، بل بـقبضة أمنية بيروقراطية دكتاتورية تسلطية إرهابية"، بقيادة رأس الهرم المافياوي رئيس المخابرات العامة للاتحاد السوفيتي السابق فلاديمير بوتين. وبذهاب المجرم بوتين أو موته تنهار المخططات الخارجية للاتحاد الروسي، فوجود الروس في سورية هو نوع من المقامرة السياسية والعسكرية لبوتين الذي تردد عدّة مرات بالبقاء أو الانسحاب من سورية، لذلك كانت ترجح التحليلات السياسية بأنَّ هناك عملية إغراق أمريكية ولبعض الدول الأوروبية لبوتين في المستنقع السوري، وهذا الإغراق كان بدفع مال خليجي لبوتين في بداية الأمر ليواجه التمدد الإيراني. ولكن هو في حقيقة الأمر مؤامرة أمريكية - أوروبية بأيدي عربية، لإغراق بوتين في الوحل السوري لإضعاف الاتحاد الروسي وتفكيكه عبر حصار واستنزاف اقتصادي. وبأنَّ الوجود الروسي في سورية مرتبط بشكل كبير بشخص الرئيس، فالنظام الروسي نظام فردي شمولي القرار المطلق بيد رأس النظام، وإذا رحل بوتين هناك مراكز قوى أخرى سيكون لها رأي آخر،

وهناك محللين سياسيين آخرين يعتقدون بأنَّ القرار سيكون بيد وزارة الدفاع الروسية وأجهزة الأمن وليس لوزارة الخارجية، وهم لن يتخلوا عن نظام الأسد، فالدفاع متمسكة بالأسد أكثر من بوتين، فبتالي لن يتغيَّر الوجود الروسي في سورية، إلا في حال جاء رجل ليبرالي مثل "مدفيدت" للحكم، فممكن أن يتخذ قرار الخروج من سورية لكن الترتيبات لتغيير الرئيس ستجري بشكل محكم وتحت إشراف الدفاع والأمن.

الطغاة لا يستقيلون والبسطار الروسي لن يرحل عن سورية

يعتقد كثيرون أنَّ بقاء بوتين، أو رحيله لن يؤثر على الدور الروسي في سورية، ولا يعتقد بأنَّ شخص كبوتين غيّر الدستور ليستمر بحكم روسيا إلى الأبد على غرار طغاة العرب، سيستقيل أو يترك السلطة لغيره كون الطغاة لا يستقيلون، وبوتين ينفذ سياسة ستستمر روسيا بالسير عليها لعشرات السنين وإن رحل، فالقواعد والوجود العسكري الذي من خلاله سيطر على البحر المتوسط واستطاع تقويض سيطرة حلف الناتو من خلال قواعده الصاروخية في مناطق الساحل السوري وقربها من تركيا أحد أهم أعضاء الناتو، ويضاف إليها الاستثمارات الاقتصادية التي شملت المرافئ والثروات السورية كالنفط والغاز والفوسفات وما ينتج من تصنيع جانبي لها من يورانيوم وكادميوم، فكلّ تلك المكاسب ستربط الوجود الروسي في سورية لعقود قادمة وستجعل روسيا جزءاً من أيّ حل في سورية سواءً بوجود بوتين أو رحيله.

ولكن رحيله قد يؤثر على طريقة التعامل مع القضية السورية، كالتنازل عن وجود النظام السوري مقابل ضمان مصالح روسيا واستمرار وجودها، والذي قد يشكل بدايةً لحل المأساة السورية ولكن ذلك يعتمد على من يُخلفه بالحكم.

وأنا من وجهة نظري لا أعول على رحيل أو بقاء بوتين في السلطة، وأرى أنَّ أيّ من هذه التغيّرات لن تؤثر على مأساتنا التي تتفاقم يومياً بالشمال السوري. يشار إلى أنَّ بوتين يسيطر على مفاصل نظام الأسد في سورية، ويتحكم بالقرار العسكري والسياسي والاقتصادي، كما استولت روسيا على مرافق سياحية داخل مدينة اللاذقية شمالي غربي سورية وغيّرت اسم بعض المنتجعات بعد وضعِ يدِه عليها.

من جهتها دعت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقريرها السنوي الخامس عن انتهاكات القوات الروسية منذ تدخلها العسكري المباشر في سوريا 30 أيلول/سبتمبر 2015، إلى فرض عقوبات أممية ودولية على روسيا لارتكابها جرائم حرب في سورية.

موقع فوكس الأمريكي: هناك حقيقة مخيفة وراء شائعة مرض ‏بوتين

قال موقع فوكس الأمريكي إن هناك حقيقة مخيفة وراء شائعة مرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرا إلى أنها حقيقة مرعبة للدولة الروسية بأكملها.

ولفت الموقع إلى أن الشائعة قد لا تكون صحيحة، لكن ذلك لا يعني أنها لن تكون ذات قيمة، مشيرة إلى أن المسؤول عنها يريد نقل رسالة إلى الشعب الروسي مفادها " ماذا لو أصبح بوتين عاجزا عن الحكم؟".

وتابع الموقع أن تركز السلطة في دائرة بوتين أدت إلى غياب خطة بديلة يمكن أن تلجأ إليها روسيا إذا غاب فجأة، مشيرة إلى أن تركز السلطة في يد رجل واحد يكشف أن النظام هش وضعيف بصورة مخيفة.

وأوضح الموقع أن الشائعة تحمل الكثير الذي تريد أن تقوله، مشيرا إلى أنها تجمع بين الرغبات والتخوفات.

وتابع أن بعض الروس يرغبون في رحيل بوتين لكنهم يخشون مما هو آت قائلين: " ماذا بعد بوتين؟، ما هو القادم؟، مشيرا إلى أن البعض يعقد مقارنة بين الرئيس الأمريكي الذي يوجد العديد من البدائل في حال غيابه وبين بوتين الذي قد يؤدى غيابه إلى مستقبل غير واضح المعالم.

وذكر الموقع أن هذا الأمر على درجة كبيرة من الخطورة لأنه جعل روسيا في قبضة رجل واحد.

المصدر

 

*وطن-6/11/2020

*الموجز-6/11/2020

*ميدل إيست انلاين-6/11/2020

*تلفزيون أورينت-6/11/2020

*نداء سورية-6/11/2020

العربي الجديد-17/9/2019

*موقع آرام-6/11/2020

وسوم: العدد 902