هل يودع ترامب البيت الأبيض بضربة موجعة لإيران؟

ما تزال طبول الحرب تقرع بين واشنطن وطهران

بدت الأيام الماضية حافلة بالحديث عن قرع طبول الحرب، بين إيران من جانب، والولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل من جانب آخر، في وقت يتحدث فيه كل طرف، عن نوايا الآخر، في شن هجمات عليه، وفي ظل حديث عن أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ربما لن يترك البيت الأبيض، إلا بعد أن يوجه ضربة عسكرية لطهران، ويرى مراقبون أن هذه الضربة قد تحقق أهدافا كثيرة له ولإسرائيل على حد سواء، خاصة ونحن نشهد يومياً ضربات جوية صهيونية قاسية ومدمرة لأماكن تواجد الميليشيات الإيرانية أو الحليفة معها، وإلى مواقع عسكرية للنظام في كامل التراب السوري، إضافة لاتهامات وجهها وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو في الأيام الأخيرة، للحكومة الإيرانية بالسماح لتنظيم "القاعدة" بتأسيس "مقرّ رئيسي جديد" له في إيران.

بومبيو: تنظيم القاعدة يعمل تحت غطاء إيراني

وفي حديث أمام أعضاء بالرابطة الوطنية للصحفيين، قال بومبيو: "على عكس أفغانستان، حين كان تنظيم القاعدة مختبئا في الجبال، يعمل تنظيم القاعدة اليوم تحت غطاء صلب في حماية النظام الإيراني".

ويتحدث البعض عن مساع بدأت بالفعل، لوضع العراقيل في طريق الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، الساعي لعلاقة أكثر انفتاحا تجاه إيران، وللعودة إلى الاتفاق النووي معها، أما بالنسبة لإسرائيل، فإن كل خطوة لإضعاف إيران، تصب في مصلحتها الاستراتيجية، في وقت تقترب إسرائيل كثيرا من الحدود الإيرانية، عبر تحالفات واتفاقيات تطبيع، مع عدة دول خليجية معادية لإيران.

بداية التصعيد بين واشنطن وطهران

أما بداية التصعيد، فقد جاءت بعد الاتهام الذي وجهه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لطهران، بأنها تقف وراء الهجوم الصاروخي، الذي تعرضت له السفارة الأمريكية في بغداد، في العشرين من كانون الأول/ديسمبر العام المنصرم، وقد غرد ترامب على تويتر قائلا "ضُربت سفارتنا في بغداد بصواريخ عدّة "، في هجوم خلّف أضرارا مادية فقط.

ورغم نفي وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، أي دور لإيران في الهجوم الذي تعرضت له السفارة الأمريكية في بغداد، فإن واشنطن بدأت بالفعل حشدا عسكريا في مياه الخليج، وسط تهديدات متبادلة دخلت فيها إسرائيل على الخط أيضا.

ترامب قد يوجه ضربة سريعة وقوية لإيران

ولا يزال الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، يضع أمام عينيه عددًا من القرارات التي قد يقدم عليها قبل رحيله من البيت الأبيض في العشرين من يناير الحالي، حسبما ورد في تقرير عرضته قناة "مداد نيوز" السعودية، على موقع "يوتيوب"، وأن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين كشفوا أن ترامب قد يوجه ضربة عسكرية ضد موقع نووي رئيسي في إيران، بعد أن استشار ترامب كبار المستشارين في البيت الأبيض إذا كانت لديه خيارات لاتخاذ مثل هذا الإجراء.

وأشار تقرير، إلى أن "نيويورك تايمز" الأمريكية أكدت أن اجتماع ترامب مع كبار المستشارين عقد بعد يوم واحد من إعلان المفتشين الدوليين عن زيادة كبيرة في مخزون إيران من المواد النووية، فيما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرا أن مخزون إيران من اليورانيوم أصبح أكبر بمقدار 12 مرة مما هو مسموح به بموجب الاتفاق النووي، الوكالة أشارت إلى أن طهران لم تسمح لها بالوصول إلى موقع آخر مشتبه به.

فوضى في السياسة الأمريكية يتخبط بها ترامب

ونشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمراسلها في واشنطن جوليان بورغر تحدث فيه عن مخاوف من فوضى في السياسة الخارجية خلال الأيام الأخيرة لدونالد ترامب، والتي زادتها التقارير عن تفكير الرئيس المنتهية ولايته بضرب المنشآت النووية الإيرانية.

وقال بورغر إن المخاوف من إحداث ترامب فوضى على المسرح العالمي في أيامه الأخيرة اليائسة بدت حقيقية، بعدما سأل عما تبقى له من خيارات لضرب إيران. وأشار التقرير إلى ما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” عن اقناع الرئيس بالتخلي عن فكرة ضرب المفاعلات النووية والتي ستقود إلى نزاع واسع. لكن هذا لم يخفف القلق حول محاولة أخيرة لترامب يضرب فيها إيران أو حلفاءها بالمنطقة وجماعاتها الوكيلة.

عسكر أمريكا يصعّدون باتجاه الحرب

وأصدر وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة كريستوفر ميلر يوم الثلاثاء الماضي أمرا لفريقه في البنتاغون حذرهم من معارضة القرار الصادر من الرئيس “نفذوا عملكم” و”ركزوا على المهمة”. وقال إن هدفه الأول “وضع حد للحرب الحالية بطريقة مسؤولة وضمان أمن مواطنينا”.

ويقال إن القائم بأعمال مساعد وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات والأمن عزرا كوهين- واتينك، الذي عُيّن في نفس اليوم مع ميلر، دفع باتجاه تغيير النظام في إيران وتحرك قاس ضد الميليشيات الموالية لإيران في العراق.

وتأتي الاضطرابات في السياسة الخارجية والدفاع وسط رفض ترامب المستمر القبول بنتائج الانتخابات، ومنعه الرئيس المنتخب جوزيف بايدن من الحصول على الإيجازات الاستخباراتية.

ويقول مسؤولون سابقون إن ترامب يعرف أن عليه مغادرة البيت الأبيض في النهاية، ويفكر بالترشح مرة ثانية عام 2024. ولهذا يحاول النظر في الخيارات المتوفرة لديه وتحقيق وعود حملته الانتخابية وبناء رواية أن الانتخابات سُرقت منه بسبب التزوير.

مجموعات داخل إدارة ترامب تسعى لتغيير النظام في إيران

وقال مسؤول سابق في إدارة ترامب: إن هناك مجموعات داخل الإدارة تعتقد أن الأسابيع الأخيرة من إدارة ترامب هي الفرصة الأخيرة أمامهم لتحقيق أهدافهم، والتي منها تغيير النظام في إيران، وتعاونت مع ترامب لتدمير الاتفاق النووي الموقع عام 2015.

ويخطط وزير الخارجية، مايك بومبيو لزيادة العقوبات على إيران في كل أسبوع من الأسابيع المتبقية لترامب من أجل تعقيد مهمة الحفاظ على الاتفاق. وقال روب مالي، المسؤول السابق في إدارة باراك أوباما ومدير مجموعة الأزمات الدولية حاليا: “ما كنت أخشاه دائما هو محاولة المحيطين بترامب إقناعه بأنه هو الشيء الوحيد الذي يقف بين “الديمقراطيين الضعاف” الذين سيتولون الحكم بعده ومنع إيران من تطوير القنبلة”.

وربما سعت الجماعات داخل إدارة ترامب لتحقيق ما تريد في الأسابيع القليلة مثل الاعتراف بسيادة إسرائيل على الضفة الغربية، حيث سيزور بومبيو، كأول مسؤول أمريكي مستوطنات في الضفة الغربية هذا الأسبوع.

السيناريو الأسوأ الذي يريد ترامب أن يوقع بايدن في شباكه

ورأت صحيفة "بولتيكو" أن الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، قد يواجه امتحانا صعبا في الأيام الأولى من توليه الحكم بعد 20 يناير، وذلك في حال قررت إيران أن تنفذ وعيدها بـ"الانتقام" لجنرالها القتيل، قاسم سليماني، الذي قضى بغارة أميركية في بغداد في يناير من العام الماضي.

وأوضحت الصحيفة في مقال تحليلي لها أن النظام الإيراني قد يؤجل انتقامه إلى حين مغادرة الرئيس الحالي، دونالد ترامب، البيت الأبيض، وتفعل ذلك في بداية ولاية بايدن.

وأشار المقال إلى أن رغم توقعات بعض المراقبين بأن تنفذ إيران "ثأرها" في الهزيع الأخير من فترة حكم ترامب، إلا أن ذلك ليس صحيحا بالضرورة، مذكرة بما قاله المرشد الأعلى، علي خامنئي، بأن طهران ستختار الزمان والمكان المناسبين لتنفذ تهديداتها، وذلك يعني أن هذا ممكن أن يحدث في ولاية الرئيس المنتخب.

إيران تكبح جماح ميليشياتها حتى لا يستفذ ترامب

وكان ترامب قد هدد برد ساحق في حال حدوث أي هجوم يستهدف القوات الأميركية في العراق، خاصة إذا أسفر عن مقتل جنود، مما جعل طهران بحسب العديد من المصادر، تكبح جماح الميلشيات الموالية لها في العراق لتمتنع عن تنفيذ أي اعتداءات فيما تبقى من فترة الرئيس الأميركي الحالي.

وكانت صحيفة الأخبار اللبنانية، المؤيدة لحزب إيران في لبنان قد ذكرت في وقت سابق أن مبعوث رئيس الوزارء العراقي مصطفى الكاظمي إلى طهران قد طلب من نظامها الحفاظ على هدوء الأوضاع إلى أن "يتسلم بايدن مقاليد الحكم من ترامب".

الاستعداد لـ"السيناريو السيئ"

وأشارت بعض الصحف الأميركية إلى ضرورة أن يجهز بايدن نفسه لسيناريو صعب يتمثل في قيام وكلاء إيران في العراق بتنفيذ هجمات ضد القوات الأميركية قد تسفر عن وقوع ضحايا مما سيضعه في اختبار جدي أمام هكذا أوضاع، إذ سيجد نفسه عالقا بين خيارين يطرحه عليه العديد من أعضاء الكونغرس وإداراته.

فقسم من أولئك السياسيين سوف يطالبون بايدن بالرد بحزم وقسوة على أي هجمات قد تقوم بها إيران عن طريق ميلشياتها في العراق أو سورية.

بينما سيطالب الفريق الآخر، بالذهاب إلى أساليب الدبلوماسية والسياسة لإعادة إيران إلى حظيرة الاتفاق النووي الذي جرى إبرامه في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما.

ومما يزيد من صعوبة مهمة بايدن، كما ترى الصحيفة، هو صعوبة وصول فريقه الانتقالي إلى المعلومات الاستخباراتية والعسكرية الضرورية، جراء رفض ترامب حتى الآن الاعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية.

وفي حال هاجمت إيران أو الميليشيات الموالية لها في العراق المصالح الأميركية في مرحلة متأخرة للغاية في أواخر أيام ترامب والذي قد لا يستطيع الرد، مما يترك بايدن أمام خيار صعب في ساعات حكمه الأولى، بحيث يجب عليه أن يوائم بين الرد العسكري والمسار الدبلوماسي حتى لا تتمنع طهران عن العودة إلى الاتفاق النووي إذا تعرضت لضربات أميركية قاسية.

ويرى مقال الصحيفة أن أفضل ما تفعله إدارة بايدن هو أن تجعل إيران لا تفكر في شن أي هجمات عن طريق إيصال رسائل واضحة بأن تلك الاعتداءات ستكون تكلفتها باهظة.

وأكد كاتب المقال أنه يجب أن" يعلن الرئيس المنتخب بوضوح قبل 20 يناير الحالي أنه سيكون جاهزًا منذ الدقيقة الأولى واليوم الأول أنه جاهز للرد بحزم على أي تهديد يستهدف الأميركيين".

المصدر

*ب ب س نيوز-27/12/2020 و9/11/2020 و12/1/ 2021

*مداد نيوز السعودية-17/11/2020  

*الحرة-3/1/2021

*القدس العربي-18/11/2020

وسوم: العدد 912