العشرية الحمراء بين أسئلة العراقي وإجابة الجزائري

مقدمة القارىء المتتبّع:

  1. كان من المفروض أن أنشر هذا المقال منذ 10 أيّام، لكن وفاة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رحمة الله عليه، دفعت القارىء المتتبّع أن يؤجّل الموضوع ويفرد للرئيس الجزائري مقال[1].
  2. وضع صديقنا العراقي [2]Mustafa Alaumari، وبتاريخ: 16 سبتمبر 2021، وتحت تصرفي، وعبر الخاص مقطعا من 51 دقيقة و46 ثانية، لفضائية خليجية[3]عن العشرية الحمراء بالجزائر.
  3. تابعت الحصّة كلّها، وأجبته في حينه: السّلام عليكم. رحم الله الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد. وليس لدي اعتراض حول ماجاء في الحصّة، باستثناء بعض المصطلحات الخاصّة بي. وكتبت عن الشاذلي بن جديد، وغيره من رؤساء الجزائر الأحياء منهم والأموات. وإنّي على استعداد أن أضيف لك -حسب تجربتي وقراءتي- ماتريد أن تستفسر عنه فبما يخصّ الموضوع"
  4. أجاب مصطفى العمري قائلا: ليس ذات الشاذلي مهماً في هذه الحلقة المهم هو الجزائر البلد. ثمّ طرح 7 أسئلة يريد أن أجيبه عنها.
  5. أجاب الجزائري على أسئلة زميله العراقي، ودون انتظار باعتباره عاش العشرية الحمراء، وشاهد عيان على تلك الفترة التي فرضت على الجزائر.

السؤال الأوّل: ١-كيف تكونت جبهة الانقاذ؟.

الإجابة الأولى:

  1. تكوّنت جبهة الإنقاذ[4]لانعدام المنافس لها. واستغلال الحرية التي غرسها الشاذلي بن جديد. وقابلية الجزائري -والعربي- لكلّ من يخاطب عاطفته الدينية. والمحيط الدولي كأفغانستان، والصحوة الإسلامية.

السؤال الثاني: ٢لماذا تستغل التيارات الدينية ضعف الدولة لكي تقفز للواجهة؟

الإجابة الثّانية:

  1. التيارات الدينية كغيرها من التيارات تسعى للحكم، والسيطرة على الحكم باسم الدين. وتكون قوية كلّما كان النظام ضعيفا، فتجعل منه أداة للسيطرة والاستحواذ باسم الدين. والغاية، هو كرسي الحكم ولا غاية غيره.وجبهة الإنقاذ ليست بدعا من هذه التيارات.

السؤال الثّالث: ٣هل كان الشاذلي رحمه الله هو المؤهل الصحيح لقيادة بلد كبير مثل الجزائر أم أن القيادة كانت تحوم حول بوتفليقة؟

الإجابة الثّالثة:

  1. الشاذلي بن جديد رجل لايطمح للسلطة، ولا للحكم. وقد فرضته المؤسّسة العسكرية[5]يومها -في تقديري- لعلاقته القوية بهواري بومدين، ولإخلاصه، وأمانته رحمة الله عليه جميعا.
  2. أكاد أجزم لو ترك له الخيار لرفض الرئاسة، والسياسة، وبقي العسكري المنضبط إلى أن يلقى ربّه.
  3. ممّا وصلت إليه من خلال قراءاتي الأخيرة، أنّه لايمكن بحال في تلك الفترة -أقول لايمكن بحال- أن تختار المؤسّسة العسكرية[6]رئيسا خارج المؤسّسة العسكرية.
  4. أزعم أنّه لم تكن هناك لدى المؤسّسة العسكرية ، شخصية مدنية مقترحة لحكم الجزائر -كبوتفليقة مثلا-. ولن تكون يومها، ومهما كان وزنها.
  5. أضيف: المؤسّسة العسكرية في التسعينات هي التي اختارت بوضياف[7]لحكم الجزائر لأنّه رضي بذلك. وهي التي عرضت الرئاسة على حسين آيت أحمد[8]ورفض أن يحكم تحت حكم العسكر. مايعني أنّ المؤسّسة العسكرية لاتفرض رئيسا بالقوّة.

السؤال الرّابع: ٤أين التيارات و الأحزاب المدنية في ضل الخطابات الدينية الحماسية لعلي بلعيد و عباسي مدني؟

الإجابة الرّابعة:

  1. لم يوجد في الجزائر أيّام العشرية الحمراء - أستعمل مصطلح العشرية الحمراء وليس العشرية السوداء[9]- حزبا، ولا تيارا، ولا نظاما سياسيا يواجه الخطابات السياسية لعلي بلحاج، وعباسي مدني[10].
  2. كانت يومها أحزاب فريسة الجهوية كـ: "التجمع من أجل الثقافة والديمرقراطية" و"جبهة القوى الاشتراكية"، و "حزب العمال" وأحزاب دينية كحماس(قبل أن تتغيّر إلى حمس)، لكنّها لم تكن جميعها في مستوى مواجهة الجبهة. وحزب جبهة التحرير أصيب من يومها، وفضّل الانسحاب وعدم المواجهة، وقبل أن يقتسم الكرسي مع الجبهة.

السؤال الخامس: أين التيارات والأحزاب المدنية في ضل الخطابات الدينية الحماسية لعلي بلحاج و عباسي مدني؟

الإجابة الخامسة:

  1. هناك فئة شعرت بخطر التيارات التي تريد الحكم باسم الدين، وهناك فئة ساعدت على هذا، والفئة العظمى لم تدرك الخطورة إلاّ بعد أن رأت الدماء تسيل، والرقاب تتطاير[11].

السؤال السّادس: ٤هل كان الشعب الجزائري غير مدرك خطورة التيار الديني و خطورة ما سيحيق به؟

الإجابة السّادسة:

  1. يجمع الحضور أنّ الدولة أخطأت حين تساهلت، وانسحبت. ويجمع الحضور أنّ جبهة الإنقاذ استغلّت عاطفة الجزائريين حين تجاوزت المعقول من التصرّف، وأمست تهدّد الدولة، وأركان المجتمع. فالتقت الدولة الضعيفة، بالمتربص الشرس، فكانت الدماء والانهيار.

السؤال السّابع: ٥-هل أدرك الجزائريون خطأهم بعد ملحمة العشرية بانتخاب زعماء الدين للدولة ؟

الإجابة السّابعة:

  1. قل ماشئت عن جبهة الإنقاذ، لكنّها فازت بحقّ في انتخابات لم تعرف الدول العظمى مثلها في النزاهة، والبياض، والشفافية.
  2. المجتمع الجزائري ناصر الجبهة، ودافع عنها، وتخلى عن الدولة.
  3. أعظم جريمة ارتكبت -في تقديري- هي محاربة الجبهة[12]وعلى رأسهم المراهق علي بلحاج للرئيس الشاذلي بن جديد كوصفه وعلى الشاشة، والمباشر بـ: "مسمار جحا؟!". ولم يفعل الشاذلي بن جديد شيئا. ولا أعرف -يومها- دولة عظمى يوصف رئيسها وعبر وسائل إعلامها بهذا الوصف، دون أن ينتقم من قائلها شرّ انتقام.
  4. لم تحسن الجبهة التعامل مع الرئيس الشاذلي بن جديد، وقد فتح الأبواب والنوافذ للجميع، وهو العسكري الصارم.
  5. مافعله الرئيس الشاذلي بن جديد -يومها- من حرية، وانفتاح لم يكن يحلم به العرب -وأزعم أنّهم مازالوا يحلمون به-.
  6. الجبهة قادها المراهق علي بلحاج فأودى بها، وبالجزائر إلى الهلاك[13].
  7. ماكان للمراهق أن يقود دولة عظيمة كالجزائر. وما كان للمراهق أن يتصدّر الجزائر باسم دين، أو دنيا.
  8. مصيبتنا في مراهق يقود الكبار. والدول العظمى يقودها كبير يعرف عاقبة الأفعال، ويقدّر من فتح له بابه من الكبار.

الخاتمة

  1. ختمت تدخلي قائلا: وفّقك الله.
  2. وختم صديقنا العراقي مصطفى العمري لقاءه بقوله: خلاصتك مهمة و تلخيصك غاية في الدقة. ودليلي قولك مصيبتنا في "مراهق يقود الكبار و الدول العظمى يقودها كبير".

[1] مقالنا بعنوان: "الجزائر من خلال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رحمة الله عليه" ،وبتاريخ: السبت: 11 صفر 1444هـ، الموافق لـ: 18 سبتمبر ( أيلول ) 2021

[2] Mustafa Alaumari | Facebook

[4] فيما يخص جذور جبهة الإنقاذ، راجع من فضلك كتاب: :AHMED MERAH « L’AFFAIRE BOUALI » TELLE QUE VECUE PAR AHMED MERAH OU COMMENT UN POUVOIR TOTALITAIRE CONDUIT A LA REVOLTE » , Première edition, Mars 1998, Imprimerie EL-Oumma , Ben Aknoun,Alger, Algérie, Contient 195 Pages.

[5] راجع من فضلك كتاب: Saphia Arezki «DE L’ALN A L’ANP. La construction de l’armée algérienne 1954-1991», Edition barzakh, Blida, Algérie, deuxième semestre, Mars2018, Contient 388 Pages.

[6] لمعرفة كيف تعامل الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد رحمة الله عليه مع اليش الوطني الشعبي، وكيف تعامل الجيش الوطني الشعبي مع أحداث 5 أكتوبر 1988. راجع من فضلك مقالنا بعنوان: "الرئيس هواري بومدين من خلال الجيش الوطني الشعبي" ، وبتاريخ: السبت 9 جمادى الثّاني 1442 هـ الموافق لـ 23 جانفي 2021.

[7] راجع من فضلك قدا لبوضياف عبر مقالنا بعنوان: "بوضياف .. الأيام الأخيرة" ،وبتاريخ: الخميس25 رمضان 1437، الموافق لـ 30 جوان 2016

[8] رفض حينها حسين آيت أحمد انقلاب 12 جانفي 1992، وهو المعارض الشرس للجبهة وقد أعلن ذلك علانية في الأيّام الأولى الانقلاب.

[9] راجع فضلك مقالنا بعنوان: "إلى الجزائريين الذين لم يعرفوا العشرية الحمراء" ،وبتاريخ: الأربعاء 05 ربيع الثاني 1438، الموافق لـ 04جانفي 2017 .

[10] راجع من فضلك مقالنا بعنوا: "سلسلة من أيامي7: عباسي مدني كما رأيته"، وبتاريخ: الأحد22 شعبان 1440 هـ الموافق لـ 28أفريل 2019

[11] راجع من فضلك مقالنا بعنوان: "سنوات الجمر في الجزائر"، وبتاريخ: الأربعاء: 16 ذو الحجة 1436 هـ الموافق لـ:30 سبتمبر 2015 .

[12] من أراد أن يعرف رأي المعارضين بشراسة للجبهة فليطالع من فضله –كمثال- كتاب: رشيد بوجدرة "زناة التاريخ، هجاء"، دار فرانتز فانون، السداسي الثاني، 2018، تيزي وزو، الجزائر، من 128 صفحة.

وسوم: العدد 948