مقابلتي للأمير الراحل جابر الأحمد

د. عبد الرحمن السميط

يقول الدكتور عبد الرحمن السميط رحمه الله 

حدد لي الديوان الأميري 15 دقيقة أقابل فيها الأمير الراحل جابر الأحمد رحمه الله ، وأشرح له فيها أعمال جمعية العون المباشر في أفريقيا ، فحصلت المقابلة ، وامتدت إلى ساعة ونصف ، ثم قال الأمير : متى ستسافر إلى إفريقيا ؟ 

قلت : الأسبوع المقبل .

وقبل موعد سفري بيومين ، أخذ موظفو الديوان الأميري مني تذكرتي ذات الدرجة السياحية ، وقالوا لي : تعال إلى المطار غداً في الساعة العاشرة صباحاً ، وسنرتب أمور سفرك كله . 

وصلت في الموعد المحدد وإذ بطائرة أميرية في انتظاري وبداخلها ستة أشخاص ، وعندما هممت أن أجلس معهم قالوا : مكانك في الأمام . 

فلما ذهبت حيث أشاروا ، وجدت الأمير رحمه الله ، وقد لبس ثوباً كويتياً عادياً ، وليس عليه بشت ، ولم تصحبه صحافة ، ولا كاميرات . 

فلما وصلنا إلى وجهتنا ، دخل الأمير إلى البلد الأفريقي بجواز عادي ، باسم مستعار ، فلم يعرفه أحد في المطار ، ولم يدخل إلى قاعة التشريفات .

كانت جولة سريعة استمرت ليوم واحد ، اطلع فيها رحمه الله بنفسه على بعض مشاريعنا الخيرية في تلك الدولة الأفريقية ، ثم غادرها مساءً إلى الكويت . 

فلما وصلت إلى الكويت بعده بأيام ، علمت من مدير حسابات جمعيتنا أن الأمير رحمه الله قد أودع في حسابنا 23 مليون دينار كويتي ، تبرعاً منه لجمعيتنا .

- يقول د. السميط سألني صاحب السمو الشيخ جابر فقال : "سمعت يا إبني أنه انقلبت بكم السيارة كم مرة ، والأسود حولكم ، واللصوص المسلحين ، وألغام انفجرت حولكم  !! 

لماذا تعرض نفسك لكل هذه المخاطر ؟!

فقلت له : يا طويل العمر اسمح لي أن أكون إلى حد ما غير مؤدب معك في الكلام  .

فقال لي : تفضل ..

فقلت : اقسم لك بالله ، لو تحس باللذة التي نحن نحس بها في شغلنا هذا ، 

ماقعدت على كرسيك يوم واحد ، ولكنت الآن في أفريقيا ، ويدك بالطين معنا .. لا أستطيع أن أصف لك اللذة عندما تجد أحد الأيتام ، كيف كانت حالته ، ملابسه ممزقة ، حافي القدمين ، وضعه سيئ ، وقد تحول إلى متعلم ، وضابط ، ودكتور ، ومسؤول كبير .

إن عشرات الأطباء ، وأساتذة الجامعات ، والسفراء ، والوزراء ، حتى أن وزير الدفاع ، ونائب رئيس جمهورية ملاوي 

كانا ممن آوتهم جمعية العون المباشر التي أسسها د. السميط .

لقد كان بمقدوره كأحد أوائل الأطباء الكويتيين ، أن يعيش حياة رغدة ، يمتلك فيها الملايين ، كما هو الحال مع زملائه وطلبته ، لكنه كان يقول : *" والله أعطف عليهم إذ يظنون أن السعادة فيما تحمله من مال " .*

*" السعادة ليست كم هو حسابك في هذا البنك أو ذاك ؟ لكن السعادة .. كم هو رصيدك عند رب العزة والجلال  "*

*" لقد تعلمتُ أن السعادة الحقيقية هي أن أُدخِل السعادة إلى قلوب الآخرين*

وسوم: العدد 967