لم يعد خافيا من يقف وراء مؤامرة إجهاض التجربة الديمقراطية الفتية في تونس الخضراء

لقد تمادي دكتاتور تونس الحالي في غيّه وطغيانه حيث استحوذ على كل السلط في البلاد، وجعلها قبضة يده  بعد انقلابه الغادر على أول تجربة ديمقراطية فتية في كل الوطن العرب ،والتي لولاها ما كان له أن يتبوأ كرسي الرئاسة ، وهو نكرة من النكرات بدون رصيد سياسي كاريزمي أو ماض نضالي ، فصار يخون كل فئات الشعب وممثليه أحزابا، ونقابات، وجمعيات مدنية مقابل تزكية  غيه وطغيانه، واستبداده، وتسلطه، وهو يحيط نفسه بشرذمة من عصابات النظام البائد  يخطبهم ليل مهار وهو يتشدق في كلامه، ويتخلل بلسانه تخلل الباقرة  ليخون من ينكر انقلابه على مسار ديمقراطي سالت من أجله دماء زكية ، وقدم الشعب التونسي من أجله أرواح خيرة شبابه .

ولقد صار يظهر كل يوم على وسائل الإعلام بوضح يعلو سحنته الموميائية مهددا ومتوعدا ومخوّنا أحرار شعب تونس الراقضين لخيانته الصارخة  و أحرر العالم ينددون بإجهاضه التجربة الديمقراطية الفتية والرائدة في كل الوطن العربي ، وهو لا يبالي بتنديدهم ، ويزداد كل يوم إصرارا على التشبث بالسلطة محاكيا المستبدين الهالكين في تونس من قبله .

ومعلوم أن أنظار الشعوب العربية شدت منذ أول وهلة إلى  التجربة الديمقراطية  التونسية الفتية والرائدة، وقد استبشرت بها خيرا معتبرة إياها بداية عهد جديد ينقلها من استبداد وفساد هما من مخلفات الاحتلال الغربي الذي رحلت جيوشه الغازية  عن الوطن العربي ، وبقي كيده الماكر، ومؤامراته  الخبيثة تحول دون تحقيق أحلام و آمال هذه الشعوب  في غد أفضل بعد ماض كئيب، وحاضر أشد كآبة منه  .

ولم يعد خافيا على أحد في الوطن العربي  أن الأيدي الخفية وراء إجهاض التجربة الديمقراطية الفتية في تونس هي أنظمة إقليمية تعتبر الديمقراطية عدوها اللدود الذي يهدد وجودها ، وهي في تآمرها عليها على تنسيق  تام مع جهات شريرة لا تقبل بأية ديمقراطية في العالم العربي مع أنها تتظاهر بالوصاية على الديمقراطية  في العالم ، وبالدفاع عنها ، وبالتنديد بمن يعادونها .

ومعلوم أن الديمقراطية هي من يعري تلك الأنظمة المستبدة والمتسلطة على شعوبها ، والتي تبذل قصارى جهودها ، وتنفق الأموال الطائلة لإفشال كل التجارب الديمقراطية في الوطن العربي ، وهي التي تملي أول بأول على كل المستبدين  المنقلبين على تلك التجارب ما تريده من شر بالوطن العربي  ، وقد اشترت بأموال شعوبها صمت الغرب كي يغض عنهم الطرف ، ولا يزيد عن مطالبتهم الكاذية بالعودة إلى المسارات الديمقراطية ،وما هم بعائدين  إليها، وهو على يقين من ذلك لأنه مدفوع الأجرعلى صمته الشيطاني .

وأخيرا نذكر بأن التاريخ قد سجل أشكالا من الاستبداد والفساد كلها انتهت إلى زوال وإن  كانت كلها تظن  ألا زوال لها .  ومن المؤكد أن الشعوب العربية ستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها حالمة بالديمقراطية ومتشبثة بها ، ورافضة لأعدائها ولافظة لهم .

وإن شعب تونس البطل الذي تبوأ مكانة الريادة في صنع ثورة أنجبت له أول ديمقراطية حقيقية لقادر على أن يجعل ثورته تحبل من جديد وتلد ديمقراطية أخرى مستعصية على الإجهاض ، وليس فوق إرادة الشعوب سوى إرادة خالقها سبحانه وتعالى . وشعب تونس سيظل مرددا مقولة شاعره الثائر أبو القاسم الشابي :

إذا الشعب يوما أراد الحياة      فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلـــــــــى    ولا بد للقيد أن ينكســــــر  

وسوم: العدد 982