«كتائب الضيف» السورية وتهديد إسرائيل للشرع!

قال الجيش الإسرائيلي إن مقذوفين أطلقا من سوريا، الثلاثاء الماضي، في اتجاه إسرائيل، وتداولت وسائل إعلام عربية وفلسطينية إثر الحادثة بيانا تعلن فيه جماعة غير معروفة أطلقت على نفسها اسم «كتائب الشهيد محمد الضيف» المسؤولية، في إشارة إلى قائد الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الذي استشهد في غارة إسرائيلية عام 2024.

سارع وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى تحميل الرئيس السوري أحمد الشرع المسؤولية قائلا: «نحن نعتبر الرئيس السوري مسؤولا بشكل مباشر عن أي تهديد او إطلاق نار تجاه دولة إسرائيل» مضيفا أن «الرد الكامل سيأتي قريبا».

شن جيش الاحتلال، في اليوم التالي، سلسلة من الضربات استهدفت عدة مواقع للجيش السوري في ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، وهو ما أسفر، حسب وزارة الخارجية السورية عن «خسائر بشرية ومادية جسيمة».

تزامن إطلاق المقذوفين الذي اعتبر حصوله «حدثا نادرا» على الجبهة السورية مع إطلاق حركة «أنصار الله» (الحوثيين) صاروخا في اتجاه إسرائيل.

يتعلق الأمر، حتى لو أخذنا البيان الذي أطلقته المجموعة على محمل الجد، وتأكد انطلاق المقذوفين من درعا (وهو أمر قالت السلطات السورية إنها لم تتثبت منه) بفعل رمزي هو التذكير بإمكانية فتح الجبهة السورية المغلقة ضد إسرائيل منذ اتفاق عام 1974 (ذُكر أن المقذوفين من طبيعة بدائية وأنهما سقطا في منطقتين مفتوحتين).

لكن هذه الفعل، على رمزيته، يحتوي إنذارا لاحتمالات يرتبط تصاعدها أو تراجعها بظروف أخرى غير رمزية يقف على رأسها عواقب الاحتلال الإسرائيلي الذي وسع سيطرته على أراض سورية بينها مدينة القنيطرة منذ سقوط نظام بشار الأسد، واستهدف جيشه مجمل البنى التحتية العسكرية لسوريا، ولم يوقف توغلاته في قرى محافظتي درعا والقنيطرة حتى اليوم.

تضافرت هذه التوغلات والضربات الإسرائيلية (57 مرة منها 48 غارة جوية و9 عمليات برية) مع أشكال التدخّل المباشر في الوضع الداخلي السوري عبر تهديد كبار المسؤولين الإسرائيليين للنظام السوري الجديد من التعرض للأقلية الدرزية في السويداء وريف دمشق، وإتباعها بقصف للنظام، وهو ما أضاف عناصر اشتعال ساهمت في تأجيج اشتباكات قضى فيها كثيرون، وما تزال تداعياته مستمرة.

تجمع تهديدات كاتس وقاحة الغطرسة الإسرائيلية التي تمثل الإبادة الجارية ضد أهالي غزة نموذج انفلاتها الإجرامي والعنصريّ، وهو ما ينطبق أيضا على تحميله السلطات السورية مسؤولية إطلاق المقذوفين في الوقت الذي تحتلّ فيه إسرائيل المناطق التي أُطلقت منها النار، وتبرر أن احتلالها سيوفر لها الأمن من «الجماعات الإرهابية».

تخلق إسرائيل، باحتلالها أراضي الفلسطينيين والعرب أسباب مقاومتها، ولكنها ترفض أي مسؤولية عن الانتهاكات والتدخلات الفظة التي ترتكبها، وهي فوق ذلك، تعتبر أي شكل من الاحتجاج على أفعالها مناسبة لإظهار معادلة القوة الفائضة بطرق تجمع بين السفاهة والإجرام.

كان طبيعيا أن ترى السلطات السورية في الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة محاولة لتثبيط ديناميات التطوّر السياسية والاقتصادية الجارية في سوريا، التي عبّر عنها التعاضد العربيّ والإقليمي والدولي معها، وهو ما يجعلها، بالنظر إلى إيغالها في دماء الفلسطينيين، واعتداءاتها المستمرة ضد السوريين واللبنانيين، ومعارضتها المنهجية لتقدّم الدول العربية، قوة مناهضة للتاريخ، ومعيقة لتطوّر المنطقة واستعصاء عالميا كبيرا.

وسوم: العدد 1127