سقوط حزب الله من أعين السوريين
سقوط حزب الله من أعين السوريين
بدر الدين حسن قربي /سوريا
في حديثٍ كان قبل عشرة أيام للشيخ صبحي الطفيلي أول أمين عام لحزب الله ، قال فيه بأن الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000 ترافق بتوقيع تفاهم بين حزب الله وإسرائيل وبشراكة سورية إيرانية، يلتزم فيه حزب الله بناءً عليه، بعدم ممارسة أي نشاط عسكري داخل الأرض المحتلة. وهو كلام يقارب ماقاله حسن نصر الله عقب الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، عندما وقف في بنت جبيل مخاطباً جماهيره عياناً وقريباً من العدو: بأنه لن يجتاز الحدود نحو فلسطين. وعليه، فقد توقفت المقاومة عملياً إلا من بعض مناوشات بين فترة وأخرى تجاوزت هذا التفاهم، والتي كان أخطرها ماسمّي لاحقاً بعملية الوعد الصادق لما ترتب عليها من قتل عدد من الجنود الإسرائيلين وأسر اثنين، والتي هدفت فيما قيل وقتها إلى تحرير الأسير سمير قنطار، والمئات بل والآلاف من الأسرى اللبنانين فيما شُبّه على الناس. على كل حال، تسبّب الرد الإسرائيلي غير المتوقع حسب كلام حزب الله، بحصيلةٍ كبيرة من الدمار قدّرت بمليارات الدولارات، وعددٍ من القتلى قارب 1200 فضلاً عمن تركوا خلفهم من الضحايا والأرامل واليتامى، وأضعافهم من الجرحى والمعاقين، وتشريد بضع مئات من ألوف الناس، فضلاً عن أسر أربعة مقاتلين، وانتقل بعدها نشاط حزب حسن نصرالله للعمل السياسي مع استفادته من قوته في الداخل اللبناني. ثم جاءت عملية تبادل الأسرى بعد عامين من الحرب تؤكد أنه لم يكن للبنان لدى العدو سوى أسير واحد هو سمير قنطار وهو العدد الحقيقي فيما قبل عملية الوعد.
جديد المسأله، وفي الذكرى الثالثة عشر للانسحاب الإسرائيلي إعلان حسن نصرالله يوم السبت الماضي، وهو متخفٍ خلف شاشة ضخمة نصبت في بلدة مشغرة عن اجتيازه حدود سوريا للقتال إلى جانب نظام بشار الأسد، ولم تفته الإشارة إلى أنه تلقّى رسائل من أسرٍ تستجديه السماح لأبنائها بالقتال في سوريا، وهي طريقة يستخدمها النظام السوري لاقتحام بلدات وأرياف نتيجة رسائل مزعومة من أهلها.
حقيقة الأمر، أنه لاجديد في خطابه فكل مافيه معروف، فهو وأنصاره يتدخلون تارة بحجة حماية اللبنانيين أو القرى الشيعية القريبة من الحدود داخل سوريا، وحيناً بحماية المراقد والسيدة زينب، وأخيراً كما في خطاب نصر الله بحجة حماية المقاومة وظهرها وتحصين لبنان وظهره كذلك، لأن الخطر القادم حسب زعمهم سيصيب كل اللبنانيين وليس الشيعة وحدهم. ولكن وإن لم يكن هناك جديد، فإنه يبقى خطاباً مهماً وفاصلاً، كشف ماكان خافياً على بعض الناس، والأهم أنه أرّخ لبداية حرب تاريخية طائفية يحملها ويتحملها هو وأشياعه وعشرات الآلاف ممن يستدعيهم للجهاد في سوريا بكلمتين حسب قوله، تفوح منها روائح كريهة، قد تمتد لسنين وتصيب كل المنطقة بالدمار.
أياً كان الرأي في نصر الله وحزبه، فإنه استطاع استغلال الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني مع إخفاء تفاهماته، والإفادة بعدها بسنوات في حرب تموز من الزعم بتدمير أسطورة القوة العسكرية الإسرائيلية، رغم هزيمته فيها على طريقة الحروب العربية السابقة لها، في بناء سمعة كبيرة لدى الناس، جعلتهم يحملون أعلامه وصوره ويهتفون باسمه من خلال شعارات المقاومة والممانعة. وإنما جاءت الثورة السورية بكل مفاعيلها وارتداداتها لتكشف المستور من المشاريع والترتيبات، إن على مستوى المشروع الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وإن مع إسرائيل في التفاهمات واللقاءات. ولينكشف معها أن كل ماقيل لنا، واضطهدنا باسمه من شعارات المقاومة، وقمعنا بسببه ونُهبنا أيضاً، فهو في ذات السياق لتحقيق سطوة إيرانية ممتددة في المنطقة بالتعاون مع نظام الأسد وحزب الله والمالكي، وأن رافعتها شعارات تَحقّقَ كذبها، وانكشف زيفها.
لايشكّ سوري لحظة، أن الثورة السورية كانت تستهدف العلاقات الخارجية للنظام أو السياسات والتحالفات على كل مابها وعليها ومنها إيران وحزب الله، بل كانت ثورة تستهدف استعادة الحرية السليبة والكرامة المهانة قرابة نصف قرن من حكم الأسد الأب والابن قمعاً وقهراً وقتلاً ونهباً ولصوصية. وإنما اصطفاف حسن نصر الله معه ودفاعه عن نظام معفّن وقمعي متوحش، أسقط سمعته وجعلها في الحضيض، ليس بقول السوريين عنه وعن أنصاره الذين يقاتلون في القصير وغيرها من الأماكن، بأنهم قتلوا سوريين أكثر مما قتلوا إسرائيلين، بل بما وصلت إليه قناعتهم بأنه ليس أكثر من دجال. وعليه، فقد سمّت الثورة السورية جمعتها الأخيرة : جمعة دجال المقاومة.