ما بين حرقين: الكساسبة والطفل أبو خضير

فؤاد الخفش

لن تستطيع الأيام طالت أم قصرت من محو صورة ومنظر إنسان موضوع بقفص يحرق أمام الملأ بطريقة عبرت عن سادية وجرم من قام بهذا العمل الذي لا تستوعب النفس السوية له طريقا أو سبيلا .

ضجت الانسانية  من هول المنظر, وبكت قلوب ملايين البشر , وهم يشاهدون أشخاصا ينظرون لإنسان يذوب داخل قفص حديدي  .

وفي مقارنة ما بين تعرض له الطيار الأردني, وما تعرض له الطفل محمد أبو خضير في 2/7/2014 الذي خطف على يد مستوطنين يحظون بحماية الجيش الاسرائيلي , نجد أن جرم اغتيال الطفل ابو خضير أكثر بشاعة وأشد ألما  بكل ما تحمله الكلمة من معنى .

الطفل أبو خضير اختطف من أمام منزله , لم يضرب أحدا ولم يعتدي على أحد . كانت طفولته تقوده نحو اللعب والتحليق في السماء والصراخ والمزاح , الى أن قرر عدد من شذاذ الأفاق وضع  حدٍ لتلك الطفولة الجميلة باختطافه .

الطفل ابو خضير لم يتجاوز ال16 عاما, وهو محمي وفق جميع الأنظمة والقوانين والأعراف الدولية المفصلة لشعوب تقطن بكل مكان إلا المنطقة العربية ولجميع الديانات سوى الديانة الإسلامية .

من خطف الطفل هم المستوطنون الذي يقوم الجيش بتوفير الحماية لهم في ظل كيان يدعى ان يلتزم بالشرعية الدولية,  وموقع على أغلب الاتفاقيات الدولية, وليس فصيلا او مليشيا او جماعة مارقة تقطن الجبال وتسكن الوديان .

عذب الطفل ابو خضير أكثر مما عذب الطيار الكساسبه رحمهما الله؛ فأبو خضير أجبر على شرب البنزين, و لم يشتعل جسده من الخارج فقط كما الطيار معاذ , وإنما اشتعل جسده النحيل الغض الطري ومن ثم الأمعاء والاحشاء  . فمن بربك قتله أكثر ألما وعذابا !!؟.

تعاطف العالم.. كل العالم مع الطيار الأردني وهذا حق له, ولم يتعاطف ويتفاعل معنا  , فلم يعلنوا الحرب على الكيان الذي قتل  ابو خضير ولم يشكلوا درعا لردع هذا المحتل  ولجمه , ولم تجيش الدول التي تريد أن تحارب الارهاب جيوشها للنيل من هذا المجرم .

ليس هذا وحسب, بل إن العالم الأعور استمع واستمتع بقتل رئيس هذا الكيان: الذي قتل الطفل ابو خضير, لآلاف الفلسطينيين العزل في قطاع غزة ، وحينما ردت المقاومة, خرج علينا قضاء مصر ليصنف الفصيل الذي قاد هذه المقاومة بالارهابي!!  فبالله عليكم اي دول هذه التي تتعامل بهذه المعايير؟ .

ما تحدثت به سابقا يعرفه الجميع, والمقارنه ما بين حارق وحارق واضحه والمجرم معروف ، المشكلة فينا نحن الفلسطينيين الذين لا نحافظ على دماء الأطفال .. لقد ارتدى الملك عبد الله عاهل الأردن لباس الحرب وأعلن انه سيقود بنفسه هذه الحرب ضد من قتل المواطن الأردني ، بينما نحن الفلسطينيون ما زلنا نقول نريد أن نعطي فرصة للسلام .

اي سلام هذا بربك الذي سيكون مع قاتل وحارق الأطفال؟ وعن أي دولتين نتحدث؟ وعن اي جامعة دول عربية نتكلم ؟ الدم الفلسطيني رخيص عند الأعداء فلا تجعلوه رخيصا عندنا, وقفوا عند حدود مسؤولياتكم وواجباتكم اتجاه وطنكم وقضيتكم فالتاريخ لن يرحم مقصر.