عن تصاريح الاحتلال لبعض الفلسطينيين بدخول القدس؟

عن تصاريح الاحتلال لبعض الفلسطينيين

بدخول القدس؟

صلاح حميدة

[email protected]

منذ فترة يتم التّسهيل لعدد غير قليل من الفلسطينيين بدخول القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة  منذ العام 1948م على شكل رحلات أو عمل أو تجار أو صلاة أو خلافه، ولكن في بداية رمضان الحالي زادت حتى أصبحت ظاهرة، وأخذ عشرات الآلاف  من الفلسطينيين تصاريح لدخول كافة مناطق فلسطين المحتلة -ما عدا إيلات- ويمتدّ مفعول التّصاريح أو أذونات الدّخول من بداية رمضان حتى نهاية عيد الفطر، وبالتوازي مع ذلك سمح لمن تقل أعمارهم عن أربعة عشر عاماً وتزيد عن الأربعين بدخول القدس للصلاة أيّام الجمعة فقط.

هذه الخطوة لقيت ارتياحاً من القطاعات التي شملها السّماح بالدّخول فيما القطاعات الأوسع من الفلسطينيين - وهم فئة الشّباب - ساءهم ما جرى لرغبتهم وحبّهم لزيارة القدس وفلسطين والصّلاة في الأقصى وتكحيل عيونهم برؤية ما سلب منهم من فلسطين.

هذه الخطوات جلبت العديد من التّساؤلات لدى قطاع واسع من الفلسطينيين، حيث تساءلوا عن سر هذا السّماح المفاجىء لبعض الفلسطينيين في الضّفة الغربية بدخول القدس بتصريح ورقي أو بدون تصريح مكتوب، حيث ينسب بعض النّاس هذه الانفراجة إلى أنّها محاولة لتنفيس الاحتقان الشّعبي في الضّفّة الغربيّة، في ظل وضع اقتصادي بالغ السّوء، وانسداد سياسي بلا أيّ أفق، وحواجز وجدار ومصادرة واعتداءات مستوطنين وتوسيع مستوطنات، حيث خاف الاحتلال ان تصل الأمور للانفجار في ظل ما يجري في العالم العربي من ثورات، حيث علّق أحد الدّاخلين للأقصى لكاتب هذه السّطور قائلاً:- ( حتّى الاحتلال حسّن معاملته لنا  بسبب الرّبيع العربي....).

بعض النّاس لا ينظر لخطوة الاحتلال بأنّه تأتي من باب حسن نيّة في رمضان، فمن يفعل الأفاعيل بالفلسطينيين لا يمكن أن يفعل شيئاً ظاهره لصالح بعضهم، فيما باطنه سوء لهم كلهم، فالبعض يعتبره محاولة لتعزيز حالة من التّمييز بين الفلسطينيين، يسمح لبعضهم ويمنع الآخرين، لأنّ إدخال الفلسطينيين أيام الجمع لا علاقة له بالأمن بالمطلق، فهل الفلسطيني فوق الأربعين خطير على الأمن الإسرائيلي طوال الأسبوع إلا يوم الجمعة؟ إذن الخطوة ليست لوجه الله كما يقولون.

هناك من  يعتبرها مدخلاً لتبرير السماح للمستوطنين بدخول الأقصى، يسمح لبعض المسلمين بدخوله لبعض الوقت، ويسمح لليهود باقتحامه كل الوقت، حيث أعلن عدد من مسؤولي الاحتلال عن تحويل الأقصى ل ( حدائق عامة) وأنّهم سيقسمون الأقصى بين المسلمين واليهود كما حدث في الحرم الإبراهيمي الشّريف، هنا تتكشّف الاهداف الخفيّة، ودسّ السّم بالعسل، فالأقصى ليس معلماً سياحيّاً أو حديقة عامّة، وهو فقط مقدّس إسلامي، وهذه الإعلانات تظهر هدف سماح الاحتلال لبعض العرب والمسلمين بالقدوم للأقصى زيارةً وسياحةً.

بعض النّاس يعزو منح بعض صغار السّن أذونات دخول للقدس والمناطق المحتلة يهدف لإفساد بعضهم عبر تسليط مافيات عليهم من دعارة ومخدّرات وإسقاط أمني، فقد ذكرت مصادر اجتماعية عن اكتشاف بعض الأسر أنّ أبناءها تعرّفوا على أشخاص عبر الانترنت أو بالاتصال المباشر، جلبوا لهم تصاريح دخول ثمّ أصبحوا مدمنين على حبوب الهلوسة، وبعض الناس ذكروا أنّهم ذهبوا لبعض المدن الفلسطينية المحتلة على المتوسّط، فوجدوا ضبّاط مخابرات ينادونهم بأسمائهم ويعطونهم أرقام هواتفهم ويدعونهم لمقابلتهم في أماكن مختلفة.

بعض النّاس يعتقد أنّ الاحتلال يريد أن يظهر نفسه بصورة طيّبة أمام العالم بأنّه يسمح للفلسطينيين بالصّلاة في المسجد الأقصى، بينما يقوم باوسع عملية تهجير واستيطان وتدمير ومصادرة وتعطيش وتضييق على الفلسطينيين في الضّفة الغربيّة.

أطراف أخرى ترى أنّ هذه الخطوة خطوة أخيرة لتنفيس غضب محتمل لحرب جديدة على قطاع غزة في ظل تحضيرات حقيقية على الأرض لها، و أنّ مجزرة الجنود المصريين وخلق رأي عام معادي لهم يقع في هذا الإطار لخنق المقاومة الفلسطينيّة والإجهاز عليها،  وإلهاء بعض الفلسطينيين في الضّفّة الغربيّة بتصاريح زيارات ورحلات وخلافه

يذهب الفلسطينيّون ركضاً نحو القدس، شيباً وشبّاناً، يركضون في الجبال، ويحبون حبواً للبعد عن عيون جنود الاحتلال، ويتسلّقون الجدران والأسلاك الشّائكة، ويتحمّلون العطش والتّعب والزّحمة والنّوم على الأرض والصّلاة تحت الشّمس اللاهبة، كلّ هذا في سبيل الصّلاة في الأقصى والمشي في حواري وأسواق القدس، فوجود الفلسطيني في القدس حق، وصلاته فيها واجب، والقدس تسكن قلب وعقل وجسد كل فلسطيني، ولو أزيلت العوائق بين الفلسطينيين والقدس لما اتسعت القدس وضواحيها للمصلين الزّاحفين لها من كافّة أرجاء فلسطين، وعندما يسمح الاحتلال لبعض الفلسطينيين بالصّلاة في القدس، فهذا حقّ لهم وليس منّة منه.