من عبقريات الوزير الزعبي
محمد عبد الرازق
قالها ذات يوم الرئيس صدام حسين مخاطبًا شعبه: ( إذا رأيتموني على شاشة التلفزيون أعلن هزيمة العراق فلا تصدقوني ).
و يبدو أن نظام الأسد يسير على الخطا نفسها؛ فهو لا يفتأ يحذر المواطنين من ظهور محطات فضائية تحمل شارة القناة السورية، يعلن فيها نبأ سقوط العاصمة بيد العصابات الإرهابية؛ و ذلك اعتمادًا على معلومات استخباراتية تلقاها من موقع ( الانتقاد ) التابع لحزب الله، في نسختيه العربية و الإنكليزية. أوصلها له مراسلُه في باريس ( نضال حمادة )؛ الذي يشارك في تحرير موقع ( فيلكا إسرائيل ) لصاحبه (خضر عواركة)، و مديرُ عام جريدة ( اللواء ) اللبنانية ( حسن خلوف )، ضابط المخابرات السورية المعروف.
مفادها أن هناك مخططًا تنوي جهات عربية معادية للنظام القيام به، سيقوم بالتشويش على القنوات السورية، و الموالية له، بل و قطع إرسالها، و ظهور قنوات بديلة عنها متزامنة مع هذا الحدث، تضع شارة القناة السورية تعلن لحظةَ سقوط الأسد. و بالتالي فإن إعلام النظام حرصًا منه على تجنيب السوريين هذه الفبركات؛ فإنَّه يلفت عنايتهم إلى أخذ الحيطة، و الحذر من ذلك.
على السوريين أن يأخذوا حذرهم من أحداث فيلم (السقوط المدوي )؛ وهو عبارة عن مشروع درامي تنتجه استديوهات هوليود الأمريكية بتمويل خليجي (سعودي، قطري، عُماني) بتكلفة قدرها ( ستة و ثلاثون مليار دولار )، يحوي مشاهد لمجسمات ذات أحجام حقيقية تمثل القصر الجمهوري، وجبل قاسيون، ومطار دمشق الدولي، وملعب العباسيين، ومبنى القيادة القومية، وساحات ( الأمويين، والعباسيين، والسبع بحرات)، ومكتبة الأسد، وجسر الرئيس في دمشق، و مطار الضمير العسكري، وإحدى المزارع الخاصة التابعة لأحد كبار الضباط.
و فيه أيضًا لقطات تصويرية لمشاهد انشقاق لكبار الضباط، والسياسيين المتواجدين داخل البلاد، و يشارك في تجسيدها ممثلون عالميون مشهورون، في حين يسعى المنتجون لتصميم مشاهد لضباط آخرين بواسطة تقنيات التصميم ثلاثي الأبعاد.
و سيكون الموعد المحدد لبث هذه المشاهد متزامنًا مع قطع بث جميع القنوات الفضائية المساندة للنظام السوري في سورية، ولبنان، وإيران. و ذلك ضمن مخطط سياسي ـ زمني متسارع يتوقع أن ينضج قبل منتصف شهر آب المقبل، يهدف إلى إضعاف الروح المعنوية للمواطن السوري؛ من خلال التدليس عليه بأن النظام قد تهاوت أعمدته.
و هذا كله جزء من المؤامرة الكونية على سورية، ممثلة برئيسها الدكتور بشار الأسد؛ الذي يقف سدًا قويًا في وجه المخططات الإمبريالية الصهيو ـ أمريكية.
و الطريف في الأمر أن الذي أسعف النظام بخبايا هذا المخطط التآمري هو المتحدث باسم جهاز الاستخبارات الاتحادي الصيني ( زونكو كينغباو)، العقيد ( إيشما سونغا )، و ذلك في مقابلة له مع قناة (روسيا اليوم ) الثانية.
يقول فيها: إن لدى الاستخبارات الصينية معلومات مسربة من عملاء لها من داخل المشروع تفيد بأن شركة ( آسا ديز داك ريلي)، ومقرها مدينة فيلاديلفيا بولاية نيفادا في الولايات المتحدة هي المنتج الرئيس للمشاهد التي أطلق عليها سرًا اسم ( ريساوندينغ فول )، أو ( السقوط المدوي). والهدف منها في النهاية هو إضعاف معنويات أفراد الجيش السوري، والمؤيدين للرئيس بشار الأسد.
ويضيف مؤكدًا: إن بلاده لن تترك النظام السوري يواجه وحده هذه المؤامرة الكونية، وإنما ستقدم دعمًا معنويًّا ضخمًا لدحر هذه المؤامرة.
هذا، و قد فوجئ مشاهدو القنوات السورية في اليومين الماضيين ببث تقرير يقول: إن المخابرات الصينية اكتشفت أضخم عملية سينمائية تقوم بها شركة (مترو غولن ماير) في استوديوهاتها بهوليوود في الولايات المتحدة؛ لإنتاج فيلم يحاكي عملية سقوط للنظام السوري، ستبثه القنوات الفضائية المغرضة. يهدف إلى تصوير عملية سينمائية تظهر فيها مشاهد تبدو على أنها حقيقية لعملية مزيفة تمثل سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.
اللطيف في أمر هذا التقرير أن المتابعين للشأن السوري يؤكدون أن أية قناة روسية، أو صينية لم تجر مثل هذا اللقاء مع مسؤول صيني؛ الذي أدلى فيه بمثل هذه المعلومات، و أنَّه ليس هناك ناطق باسم المخابرات الصينية يحمل هذا الاسم. وهو ما أكده مسؤول المكتب الصحفي في السفارة الصينية في لندن (هي رولونغ( ، حينما سألته بعض وسائل الإعلام عن ذلك.
لا بل إنه أضاف مستغربًا: من المؤكد أنه حتى لو وجد لن يقوم بإجراء مقابلات حتى مع القنوات التلفزيونية المحلية، فكيف بالأجنبية.
هذا ما تفتَّقت عنه عبقرية الوزير الزعبي؛ الذي كان يدير عصابة للسطو على الأموال العامة والخاصة، والتزوير في مكتب رئيس الوزراء ( المنتحر ) محمود الزعبي، مستغلاً مواهبه في ألعاب الخِفة، و خداع البصر. و يبدو أن نفسه قد تاقت لهذه الشنشنة مرة أخرى، فأراد أن يبعث فيها نفسه ما كان منها في سالف الأيام؛ فكانت منه هذه النفثة العبقرية التي أتحف بها حضرات النُّظار للتلفزيون العربي السوري بقنواته الفضائية، و الأرضية ( الأولى، و الثانية)؛ فله منهم خالص الشكر، و التقدير.