إنجاز نوعي للجيش الحر؛ فلا تغمطوه حقَّه

إنجاز نوعي للجيش الحر؛

فلا تغمطوه حقَّه

محمد عبد الرازق

ليست المراجل، و البطولات حكرًا على الناس، من دون السوريين، و كأن المكارم قد وُهِبَت لهؤلاء، و حرموها هم. لقد قلناها منذ مدة في مقال لنا سابق بعنوان ( إلى دمشق فَلْتتَّجِهْ الأنظار ): إنَّه في دمشق ستحسم المعركة، و سينكسر عمود الأسد الفقري.

و كان قد أسرَّ لي أحدُ قادة الجيش الحر بشيء من ذلك في حينها، و قال: ( إنَّ جهودنا بنسبة سبعين بالمائة ستكرس للعاصمة، و بنسبة ثلاثين لحلب، و ستكون هناك مشاغلة للنظام في المناطق الأخرى، و قد كانت درجة التفاؤل عالية عنده؛ حتى قال: إنَّه سيفطر في بلدته عوضًا عن المخيمات ).

لم أكن متفاجئًا ممَّا قال؛ لأنني أعلم قَدْرَ هِمَته العالية، و هِمَّة إخوانه في قيادة الجيش الحر، ولاسيما قائده ( العقيد رياض ـ أبو محمد ). فهم قد أعدوا لهذه المعركة منذ مدة ليست بالقصيرة، و قد لمسنا شيئًا من لك، تمثَّل في انخفاض وتيرة العمليات بشكل عام في مناطق ( إدلب، و حماة، و حتى ريف دمشق )؛ حيث انصبت جهودهم بشكل أساس على إدخال أكبر قدر ممكن من السلاح إلى دمشق العاصمة، و تعزيز الكتائب المتواجدة فيها بعدد آخر من الكتائب من المحافظات الأخرى ممَّن لديه دراية في دمشق؛ بحيث لا يشكل وجودهم فيها عبئًا على أبناء دمشق. و بالطبع نحن نعلم أن جلّ أبناء سورية لهم دراية بأزقتها، و حاراتها؛ بسبب الخدمة الإلزامية، و الدراسة الجامعية، فضلاَ على المركزية الشديدة في تسيير المعاملات الحكومية التي عرف بها النظام.

لقد تمكنت كتائب الجيش الحر في العاصمة بمساعدة إخوانهم في إدلب، و حمص، و  درعا من إيصال كميات هائلة من السلاح إليها، في الوقت الذي كان النظام يخوض معارك تعمَّدها الجيش الحر في ( ريف حلب الشمالي و الغربي، و ريف إدلب من جهة المعرة و سراقب، و دير الزور، و في أحياء حمص )، للفت الانتباه عمَّا يقوم به. و هو الطعم الذي ابتلعه النظام في ظل انسحاب تكتيكي كانت تقوم به الكتائب في تلك المناطق، و كان النظام حينها يخوض في الوحل يومًا بعد يوم حتى وصل إلى أذنيه.

 لقد شربَ نخب بطولاته الرعناء ممزوجًا بدماء السوريين في مجازر ( الحولة، و القبير، و الرامي، و خان شيخون، و خان السبل، و التريمسة، و الرستن ). في حين أن كتائب الجيش الحر كانت تصبِّر نفسها محتسبة هؤلاء الشهداء قرابين على مذبح الحرية عند الله. و كانت هممهم لا تفتُر، و سواعدهم لا تَكِلّ من الإعداد لمعركة الحسم في دمشق. كلُّ ذلك و النظام في غفلة ممَّا حوله.

لقد شاركت أطراف عدة في الإعداد لهذه المعركة الفاصلة إلى جانب كتائب الجيش الحر، منهم: شريحة التجار، و أصحاب رؤوس المال في دمشق، و حلب، فلا ننسى النجاح غير المسبوق لإضراب العاصمتين، و نوعية الانشقاقات ( العسكرية، و السياسية، و غيرهما )، و الظهور العلني لعلماء و مشايخ دمشق ( أسامة، و سارية الرفاعي، و د. النابلسي ).

و بهذا فإنَّه لا معنى لأي كلام يغرِّد صاحبه خارج هذا السياق؛ فينسب هذه النتائج الإيجابية للتطورات النوعية التي شهدها أداء الجيش الحر مؤخرًا في دمشق لأطراف خارجية استخباراتية، أو لعمليات جراحية قام بها النظام للتخلص من محاولة انقلابية كان ينوي هؤلاء القتلى القيام بها.

لِمَ هذا الغمط للسوريين، ألا يحق لهم أن يفخروا بما قام به إخوانهم من الجيش الحر من كتائب الصحابة؟ هل مازال هؤلاء يعوِّلون على الدهاء الغربي في خطف الثورة من يد أهلها؛ ألمْ يدركوا أن ضابط الإيقاع في المشهد السوري هم السوريون وحدهم، و ليس لغيرهم سوى التمايل على ألحانهم، بانتظار لحظة الحسم؛ التي ستقرع آذانهم معلنة أن خططهم قد ذهبت أدراج الرياح؛ فالشعب قد عرف طريقه، و هو بغنى عن تحركات بان كي مون، و مبادرات كوفي عنان.