أبواب الجنة وكثرة المؤسسات والتنظيمات

أبواب الجنة وكثرة المؤسسات والتنظيمات

حسام السباعي

قد ينظر البعض بأن كثرة المنظمات والهيئات والمؤسسات أنه شئ سلبي وفرقة وتشتت ولايمكن قبوله  ، وأعتقد أن هذه النظرة تحتاج إلى وقفة تأمل منصفة حتى ينصف الإنسان جهود الآخرين ولايبخس الناس أشياءهم.

معلوم للجميع أن الإبداع البشري يأتي عندما تطلق الحريات ويبدأ العقل الإنساني بالتفكير السليم دون الشعور بالقيود ، ومعلوم للجميع أن العقل السوري قيد لأكثر من 50 عاما وحبس عن الإبداع الفكري ، وبعد أن قامت الثورة المباركة تحرر هذا العقل من القفص الكبير وبدأ كالعصفور الضعيف الذي يريد محاولة الطيران وتقوية جناحيه.

فالذي يحصل من كثرة إطلاق المنظمات والهيئات والتنسيقيات هو أمر طبيعي جدا ، ببساطة لأن الإنسان الذي حبس إبداعه هذه الفترة الطويلة ،  يملك فكرا وعقلا وطاقة يريد أن يبديها ويسخرها في خدمة مجتمعه ويظهر للآخرين أنه قادر على فعل شئ ما. قادر على أن يخدم المجتمع الذي هو جزء منه وحرم كل أنواع الخدمة. عندما يكثر الخدم هذا يعني زيادة الرفاهية والأمان للإنسان ، وزيادة الرفاهية والأمان تعني تطورا وتقدما أكثر للمجتمع ،  وأبسط مثال حسي لذلك عندما يسافر أحدنا على الدرجة الأولى على شركة طيران راقية كالإماراتية مثلا ، يرى أن كل 4 ركاب تخدمهم مضيفة واحدة طوال زمن الرحلة بينما الذين في الدرجة السياحية تخدم المضيفة 50 راكبا.

هذه الصورة التي نراها هي الشئ الطبيعي ، لأنه سيكون مخالفا للسنن الربانية إذا حاولنا إدخال الناس من بوابة واحدة وحشرناهم في مؤسسة واحدة ، فالجنة التي هي آخر مبتغانا قد جعل الله لها ثمانية أبواب وخير عبده باختيار الباب الذي يريد ، فمن باب أولى أن يختار الإنسان في هذه الحياة في أي تجمع يريد أن يكون. الفاكهه متنوعة والأطعمة متنوعة والألوان متنوعة وكل شئ في هذه الحياة متنوع ، وهذا التنوع هو لراحة الإنسان وإحترام قدسيته ، فقد أراد الله أن يكرمه. والتنوع الفكري والثقافي والخدماتي هو شئ إيجابي يصب في النهاية في مصلحة الإنسان الذي يجب أن يكرم.

فلا تحزنوا من كثرة المنظمات والتجمعات والتنسيقيات والروابط وامنحوا الناس حريتهم ليختاروا ولتكثر هذه المنظمات لتقدم خدماتها للناس ، ولتتنافس هذه المؤسسات المنافسة الشريفة في تقديم خدمتها ، فمن حق كل 100 مواطن سوري أن تكون لهم جمعية تخدمهم بعد أن حجبت عنهم معاني الخدمة والإرتقاء لعقود من الزمن.

من حق المواطن السوري أن يجد آلاف المنظمات التي تسعى للرقي به ولتضمن له الأمن الغذائي والصحي والعلمي والإجتماعي والثقافي والفكري والسياسي ، حتى تكون له عونا على فك القيود كي ينطلق في ركب المبدعين الأحرار ويري العالم أنه قادر على أن يكون له الدور الكبير في عملية النهضة والتنمية والرقي والإبداع.

سيزول الظلام دون أدنى شك ، وسينبثق الفجر الجديد الذي ينتظر أصحاب الهمم العالية ، العاملين المخلصين الذين ينطلقون لخدمة مجتمعهم ، ويضعون نصب أعينهم:

" إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولاشكورا ، إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ، فوقهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا "

اللهم حقق الآمال ولا تخيب رجاءنا ياأكرم الأكرمين