رسالة احتجاج من امرأة

فائز سالم بن عمرو

[email protected]

الكتابة فعل اختزالي ، فالأفكار متناثرة وجروح الوطن وآلام الناس تتربص في كل زاوية وفي كل شارع ، وترتسم على جسد كل طفل احتلته الجروح وقروح الحر الشديد ، تشهدها في عين زوج فقد شريكته في غرفة الولادة لإهمال عابث ، تقف عليها في عين طفلة تبكي أخيها في حادثة دراجة ، تمر بها حين ترى موظفين يتوسدون الشارع تظللهم رايات مملوءة بالمطالب . يكاد الإنسان يفقد أدميته ويتبلد شعوره . يعتاد الألم ويعايش القهر والحرمان . فالمخرج من هذه الضوضاء المعاشية والمأساة اليومية الهروب نحو الخيال أو التجاهل والسكوت . فالسكوت عبادة في زمن الفتن ! .

حاورتها طلبت منها أن تكتب ما تعتقده ان تعبر عن نفسها ان تشكي معاناتها ان ترفع صوتها رافضة الظلم رجوتها إلا تخاف المجتمع ولا تعتد بصغير ولا كبير فصوت الحق اكبر ؟! . أشارت بعلامة التهكم والابتسامة في غرفة المحادثة وأردفت كأنك لا تعيش في بلادنا ولا تعرف عاداتنا وسلوكيات أصحابنا ، لن تفهم أيها الذكر معاناتنا ، لم تكابد ماساتنا ، لم تجرب البكاء حين ترى عيون مديريك وزميلك تنهش جسدك تحاصرك وتتطاول على كرامتك وأدميتك ، لا تشعر بكرامتك تهان وتداس بعيونهم وعقولهم الضعيفة . يتساءلون بغباء ـ وربما أحيانا يصرخون بأصواتهم المزعجة : المرأة الشريفة لا تخرج من دارها ؟ ، العفيفة لا تخالط الرجال ولا تزاحمهم ؟! . مسكينة المرأة في مجتمعكم الرجولي كيف تسد رمقها ، كيف تعيل أسرتها ، توفر الدواء لوالدتها المريضة ، كيف تستطيع القيام بنفسها بدون منَّة من الرجل . إذا أعطاها اليوم فانه غدا سيغلق بابه .

هدَّأت غضبها ووبختها بشدة . قرآننا ودينا يعطي المرأة حقوقها كإنسانة ويعتبرها شقيقة الرجل " النساء شقائق الرجال " ، عاودت السخرية ، وغضبها جعلها تتخلي عن أدبها ومجاملتها ، فكشرت عن أنيابها ، وتسآلت باندفاع . هل تعرفون القرآن والسنة ؟! ، لا تفهمون من القرآن إلا زواج الأربع ، فأي إسلام تحدثني عنه . أرجوك أيها الذكر المتحضر عد إلى أمثالنا الحضرمية الشعبية ، فهي مخزون من الفضائح تكشف زيفكم وكذبكم ، وإدانتكم وظلمكم للمرأة من يوم تخلق إلى ان تموت . هاجمتها ورفعت وتيرة كلامي . أنتي إنسانة مغرورة لا تسمع إلا نفسها . كل الشعوب تتنقص المرأة في أمثالها حتى تلك الشعوب التحررية التي تعبدينهم . ضحكت ملاطفة : أوجعك الكلام ، أظهرت معدنك الذكوري المتسلط ، فسَّر لي " الحريم بلا رجال ، كما البقر بلا حبال ". أرجوك قل ، كما قال أجدادك : أيتها البقرة ؟! .

دعني أحدثك بصراحة بدون زعل ، أتطبِّق ما تقوله وتسطره مع زوجتك ، هل تقول ربع ما تنثره في صفحتك لشريكتك ، أنت رجل متعلم وتعرف قدر المرأة وحقوقها ، فأنت بالمفهوم الإسلامي منافق ، تقول ما لا تفعل . رويدك أيتها الثائرة والثرثارة . الرجل جزء من المجتمع ، وهو محكوم بثقافتهم الجمعية شاء أم أبى ، فهو ملاك إذا كانوا ملائكة ، وشيطان إذا كانوا شياطين ، أصرّت على الإجابة بوضوح وأردفت لا ينفعك التهرب . وأضافت ماذا تقولون في مجالسكم عن المرأة . ألا تتلهون بالمرأة وجسدها وقصصها . يا عزيزي الرجل ... دعني ولا تستعرض عضلاتك ومآثرك الذكورية بصفحتي ؟! ، فانا لا أحب الشياطين ولا أناقشهم ! .