الثورة السورية ومصر مبارك وموته ومصر الثورة
الثورة السورية
ومصر مبارك وموته ومصر الثورة
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
مما لاشك فيه أن حسني مبارك لم يكن إلا فرعوناً من فراعنة مصر ، ولم يكن حسن السيرة والسلوك ، وأعماله هي التي دلّت عليه وأوقعته بشرها ، وهو دكتاتور من لون دكتاتورية من قامت الثورات العربية عليهم ، وهو من جملة مستحقي هذا القيام الذي لم يكن منه بد ، وهذا لايعني أنه فاقد لبعض الحسنات ، ولكن سيئاته أغرقته ببحر آثامه ، وما يهمنا الحديث عنه ليس موته أو إن كان على قيد الحياة ، ولكن مايهمنا هو مصر الثورة ، وتفاعلها مع الثورة السورية والسيناريوهات المتوقعة للأيام القادمة
وعندما أتكلم عن الثورة المصرية ، فأنا لا أعنيها بمفهومها الإقليمي ، بقدر ما أعنيها بمفهومها الربيعي العربي الإنعتاقي من كل التبعية والطغيان ، وأعيها بأنها ملك لجميع أبناء الأمّة العربية ، ومن هذا المنطلق أسمح لنفسي بالتحدث عن السلبيات والإيجابيات فيها ، دون خوف أو وجل من أحد ، لأني اعتقد أن من يحمي ظهري ، هم الثوار أصحاب الحق الحقيقين بتقييم ما أقول ، وبالتالي أسمح لكل أبناء الوطن العربي ، أن يتحدثوا عن ثورتنا السورية المجيدة ، وأن يضطلعوا فيها ويغوصوا في أعماقها ، وأعتبرهم شركاء حقيقين ، ماعدا أولئك الأزلام الذين باعوا ضمائرهم للمستبد الخائن بشار وأسرته الملعونة ، وضربوا مصالح مع الإيراني البغيض ، تحت مُسميات ظاهرها الرحمة ، وباطنها الخيانة والغدر والإنتقاع ، وهؤلاء ستحاسبهم شعوبهم الإقليمية ، قبل أن يُحاسبهم شعبنا السوري العظيم ، لأقول رأيي ورأي ثوار سورية بكل وضوح ، لما يجري على الأرض المصرية
أولاً : عن انتخابات مجلس الشعب ، فإننا قد باركنا هذه الخطوة وبكل إجلال ، ونعتبر حل مجلس الشعب بالطريقة التي تمت ، هو انقلابا عسكرياً تحت غطاء دستوري لاشريعة له ، ونعتبر الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس العسكري باطل ، ونُقر بشرعية الرئاسة للدكتور محمد مرسي الذي فاز بها ، وان له كامل الصلاحيات في إدارة الدولة ، وأن على المجلس العسكري العودة لثكناته ، خشية أن تتأزم الأمور ، ويثور الشعب مرّة ثانية بالثورة الكبرى ، بقصد اقتلاع آخر بقايا نظام الفلول ، وأقولها بكل صراحة إن وصلت الأمور إلى حافة الهاوية ، فسيكون من حق البرلمان الالتحام مع الجماهير لإسقاط سلطة العسكر شعبياً ، وحتى إصدار قرار بالقبض على كل مُعيقي إرادة الشعب ، وحينها ستعاد الكثير من الحسابات ، ولن يستطيع أي مخالف أن ينجو من المحاكم الثورية ، وهبة الشعب إذا ماتجرأ عليه أحد ، أو حاول الالتفاف عليه ، وربما صانعي السياسات التأزيمية قد يغيب عنهم هذا السيناريو ، الذي لم يحمي مبارك وهو في عزّ قوته وسطوته وجبروته ، وهو مايجب أن يكون مصيره درساً لكل من تسول له نفسه باللعب بإرادات الشعب ، ولكنهم سيكونون حينها في موضع أسوأ منه وهذا بالتأكيد ، لأنه لاعاصم لهم حينها كما كان لمبارك وفلوله ، ولن تعود عقارب الساعة إلى الخلف ، ولن يُسمح بأن يكون هناك منشية أخرى ، أو يُسمح بأي انقلاب ناعم أو خشن ، ولن يُسمح بتجاهل أحد من مكونات الشعب بعد اليوم ، ومن سيُقدم على أي مغامرة سيتحمل أسوأ كوارثها وعواقبها ، لنتمنى على المجلس العسكري الذي كانت له أيادي بيضاء ألا يفقدها كما فقدها مبارك ، بعدما سُحبت منهم كل النياشين والأوسمة ، وصار مُداناُ مُهاناً
هذا المبارك الذي كان له من الحسنات مانذكرها ، ومنها وقوفه بالغالب إلى جانب الإجماع العربي ، وكان مُساندا مهماً لدول الخليج العربي ، وإن كان بالمواقف الأخرى خوّاراً خائباً ، ولو كان مبارك اليوم على زمام الأمور ، لرأينا موقفاً مصرياً ضاغطاً يقلب الموازين لصالح القضية السورية ، ليس إيمانا بالقضايا العربية ، ولكن إتباعا للموقف العام الذي في الغالب هو مُلتزم به ، وكما رأيناه في مواقع أخرى على الجانب الإيراني الفارسي مُعادياً لأطماعهم وتدخلاتهم بالشأن العربي ، بينما لم نجد هذا في عهد الثورة المصرية المباركة ، الذي توغل فيه الإيراني بالدم السوري ، وشارك عصابات آل الأسد بكل جرائمهم ومذابحهم والدعم المادي واللوجستي ، وسمح لأساطيلهم المُحمّلة بكل عتاد القتل المرور من قناة السويس ، هذا عدا عن الموقف الحيادي من القتلة الروس أعداء الإسلام والعروبة والإنسانية جمعاء ، بل أن البعض قد ذهب إلى بيع مبادئه وشعاراته في المزاد العلني ابتغاء مصالح ضيقة ، وترك الشعب السوري الذي وقف إلى جانب ثورته بكل حزم وقوّة ، تحت مُسميات مشبوهة المُسماة بالمشروع الإسلامي ، كما فعل سليم العوّا وأشباهه ممن نعتبرهم كأعداء للشعب السوري ، ولا نُكن لهم أي محبّة أو مودة ، ونعتبرهم وصوليين وانتهازيين ، باعوا ضمائرهم في سوق النخاسة ، لنُعلمهم بأنهم سيكونون عند انتصار ثورة شعبنا السوري المجيد من المنبوذين المحتقرين
وأخيراً : أتمنى على ثوار وثورة مصر الرفق بالتعامل مع الموت في حال وفاة حسني مبارك ، والسماح لأولاده بالسير بجنازته ، والتعامل معهم بما الثوار أهلاً له ، وليس بأخلاق مبارك ونظامه ، لأننا ننتصر بقيمنا وأخلاقنا وسمونا ، وليس بما هم كانوا عليه من الوضاعة ، لنُسجل للتاريخ علامات فارقة في تاريخ نضال الشعوب ، وما عمله الربيع العربي من التغير الحقيقي في القيم والمنهج ، ولنطالب الثوار والثورة المصرية ومصر بالمزيد من التلاحم مع الشعب السوري المذبوح لنجدته وإنقاذه ، كما ونطالب الرئيس الدكتور محمد مرسي لوضع يده مع دول الخليج في نصرة الشعب السوري ، واتخاذ خطوات جريئة يلقى فيها التأييد الشعبي العربي والإسلامي ، ودول الخليج بالتأكيد ستقف بكامل قدراتها في دعم مصر ، إن ذهبت مصر لنصرة الشعب السوري والموقف العربي ، الذي صار إسقاط هذا النظام ضرورة عربية كما هو حاجة سورية ، وإنّ ثورتنا السورية منتصرة بإذن الله ، وما نريده تقليل الخسائر ، ولن يكون ذلك إلا بالانحياز الكامل لمتطلبات الشعب السوري ، كما فعلت دول الخليج وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ودولة قطر ، والله أكبر والنصر لشعبنا السوري العظيم.