مجازر لا تتوقف في المدن السورية
مجازر لا تتوقف في المدن السورية
(ملخص لأحداث الثورة السورية للفترة من 4 وحتى 12 يونيو/حزيران 2012)
قصف ومجازر متواصلة طالت العديد من المناطق في المحافظات السورية الأسبوع الماضي، فعقب مجزرتي الحولة بحمص، و السكر بدير الزور، شهدت قرية الحفة في اللاذقية منذ بداية الأسبوع قصف عنيف جداً من قبل قوات النظام والشبيحة، و بحسب ناشطين ذكروا أن مجموعات من الشبيحة هاجموا القرية بقذائف الهاون انطلاقاً من القرى المحيطة، ما أدى لسقوط عشرات الشهداء والجرحى.
وفي مزرعة القبير في قرية معرزاف بريف حماة؛ اقتحم مجموعة شبيحة النظام 18 منزلاً في القرية، وقام الشبيحة تدعمهم قوات النظام بإعدام كل من كان في تلك المنازل بالرصاص والأسلحة البيضاء، وقاموا بإحراق المنازل و حرق الضحايا قبل رحيلهم، وقد وصل عدد الضحايا إلى 100 شهيد؛ بينهم عشرون طفلاً لم يبلغوا السنتين، وفي سياق متصل ذكر مسؤول في لجنة المراقبين أن قوات النظام منعتهم من الذهاب إلى القبير لتحقق من وقوع المجزرة التي نفت أجهزة الإعلام الرسمية وقوعها، ولم يتمكنوا من الذهاب ومعاينة الوضع إلا بعد يومين من وقوع المجزرة.
وفي ذات السياق ارتكبت قوات النظام مجزرة في درعا البلد جرّاء القصف المتواصل على المدينة مما أدى لمقتل ما يزيد عن 40 شهيد بينهم أطفال ونساء، وتسبب ذلك بموجة نزوح باتجاه الحدود الأردنية، كما قامت قوات النظام بارتكاب مجزرة في دير الزور قتل فيها 31 شهيداً وأصيب أكثر من سبعين آخرين وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وذلك بعدما استهدف قصف مدفعي للجيش النظامي مظاهرة في الجبيلة تندد بالمجازر التي حصلت بالمناطق الأخرى من البلاد وتنادي بالحرية وإسقاط النظام، وأشار ناشطون إلى أن كثيرا من الجثث ما زالت تحت الأنقاض في الجبيلة، وقد قامت قوات الجيش والأمن بمحاولة لاقتحام مشفى النور في الجبيلة لخطف الجرحى ولكن تواجد عناصر حماية من الجيش الحر أمام المشفى تسبب في اشتباكات بين الجانبين، ولم يتمكن الجيش النظامي من خطف الجرحى وفق ناشطين. وكان قد بلغ عدد شهداء الفترة مابين الرابع إلى العاشر من حزيران/يونيو حوالي 540 شهيداً سقطوا في عدة مجازر قامت بها قوات النظام والشبيحة.
أما في إدلب وريفها شمالاً استمر القصف بالهاونات والدبابات والصواريخ في معرة النعمان وأريحا وجسر الشغور وتفتناز التي نزح عنها أغلب أهلها باتجاه تركيا أو إلى مناطق أخرى من سوريا هرباً من جحيم نار الجيش، كما طال القصف أغلب أحياء حمص ووصل إلى أحياء الغوطة والملعب والوعر - تلك التي كانت هادئة نسبياً - بالإضافة لحمص القديمة وريف حمص تلبيسة والقصير، وفي ريف دمشق نالت دوما النصيب الأكبر من نيران جيش النظام الذي قام باقتحامها بشراسة واعتقال العشرات من أهلها، وسقط العديد من الشهداء والجرحى بنيران الجيش، وفي ريف حلب؛ اندلعت اشتباكات عنيفة في كل من عندان واعزاز وحيّان ودير جمال وتعرضت هذه المناطق لقصف شرس. كما ذكرت مصادر أن قوات النظام استخدمت طائرات مروحية لقصف مدن عدة في درعا وحمص وحماة وإدلب واستخدمت مواد كيماوية وغازات سامة سببت اختناقات وأزمات صحية في تلك المناطق.
وعلى صعيد الجيش الحر؛ تواترت أنباء عن انشقاقات كبيرة في محافظة إدلب التي اندلعت فيها اشتباكات عنيفة تمكن الجيش الحر من تدمير عدة دبابات للنظام وقتل ضابط وجنود من الحواجز التي تتمركز في المنطقة؛ مما أثار حفيظة النظام ليقوم بإحراق غابات في منطقة جسر الشغور شمال إدلب، الأمر الذي تسبب بنزوح كبير إلى تركيا.
في يوم الجمعة خرج الشعب السوري في 770 مظاهرة، تمركزت في 555 نقطة تظاهر رغم وابل الرصاص والقصف وانتشار القناصة في غالبية المناطق، فيما قامت قوات النظام بقتل 68 شهيداً سقط أغلبهم في القصف العنيف على مناطق متفرقة من سورية، وقد أشارت الهيئة العامة للثورة أن دبابات ومدرعات الجيش قامت باقتحام القابون في دمشق وسط قصف عنيف على المنازل السكنية وحصار يمنع الدخول والخروج للحي.
وفي حمص تحدث النشاط هادي العبد الله عن كارثة إنسانية بسبب القصف المتواصل على 14 منطقة من حمص بينها الخالدية، والقرابيص، وتلبيسة؛ التي تشهد سقوط عشرات للقتلى والمصابين بسبب استهداف المشفى الميداني بالقصف.
على الصعيد الدولي، اتهمت الأمم المتحدة الحكومة السورية بإتباع "تكتيكات جديدة مروعة"، وتحدثت عن "تكثيف خطير" للعنف واستخدام المروحيات لقصف المدن والمراكز السكانية وسط مخاوف من ارتكاب مجازر جديدة في الحفة باللاذقية، والرستن وتلبيسة بحمص، وقد تحدث تقرير أممي عن أن القوات السورية قامت بإعدام أطفال في سن الثامنة وتعذيب آخرين واستخدامهم "دروعا بشرية" خلال عملياتها العسكرية. وصنفت الأمم المتحدة الحكومة السورية الأسوأ على قائمتها "السوداء" السنوية للدول التي تشهد نزاعات يتعرض فيه أطفال للقتل أو التعذيب أو يرغمون على القتال. وتقدر مجموعات حقوق الإنسان أن قرابة 1200 طفل قتلوا منذ بدء الانتفاضة الشعبية قبل 15 شهراً.
وفي السياق نفسه أيدت الولايات المتحدة فرض عقوبات دولية قاسية على سوريا تحت الفصل السابع "إذا لزم الأمر" دعماً لطلب قدمته الجامعة العربية الأسبوع الماضي بهذا الشأن، وصرحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأنه حان الوقت لتوجيه الاهتمام إلى عملية انتقال منظم للسلطة في سوريا تمهد الطريق أمام مستقبل ديمقراطي ومتسامح وتعددي، وأعلنت تحفظها عن الإدلاء برأيها بشأن الاقتراح الروسي عقد مؤتمر دولي جديد حول سورية تشارك فيه ايران؛ قائلة: إنه من الصعب تصوّر دعوة بلد ينسّق عمليات نظام الأسد ضد شعبه للمشاركة في هذا المؤتمر واصفةً مجزرة القبير في حماة بأنها تنم عن انعدام الضمير، كما أشارت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس بأن إيران جزء من المشكلة في سوريا، واصفةً إياها بالمُفسِدة. من جهتها أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فكتوريا نولاند عن قلق الولايات المتحدة حيال المعلومات التي تتحدث عن استعداد نظام الأسد لمجزرة جديدة في منطقة الحفة باللاذقية، مهددةً ضباط كتائب بالأسد المسؤولين عن جرائم ضد الإنسانية بالمحاسبة عن أعمالهم، ومستبعدةً أي تدخل عسكري أمريكي بدعوى الخشية من حدوث حرب أهلية. بحث مسؤول الملف السوري بوزارة الخارجية الأمريكية فريدريك هوف مع نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الروسي الرئاسي إلى الشرق الأوسط الوضع السوري وحشد الدعم الدولي الصالح لتطبيق خطة أنان، كما ناقش معهما المقترح الروسي لعقد مؤتمر دولي حول سوريا بأسرع وقت.
وفي ذات السياق وصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الأحداث الجارية في سوريا بالمروعة، وقال إنه سيتعين على القوى العالمية حال ثبوت وقوع مجزرة القبير بذل المزيد لعزل سوريا وإظهار أن العالم بأسره يريد أن يرى تحولا عن هذا النظام غير الشرعي، وشبَّه وزير الخارجية البريطاني الوضع في سورية بوضع البوسنة في التسعينات رافضاً استبعاد تدخل عسكري فيها، كما دعا إلى العمل على 3 محاور لحل الأزمة السورية، الأول تطبيق خطة أنان وفق خارطة الطريق المتفق عليها دولياً، والثاني زيادة الضغوط على نظام الأسد وعزله، والثالث ضمان تحقيق العدالة والمساءلة وتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري.
من جانبها أكدت فرنسا رسمياً موعد انعقاد مؤتمر "أصدقاء الشعب السوري" في باريس يوم 6 يوليو المقبل، وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن إيران لا يمكن أن تشارك في مؤتمر حول سوريا لأن مشاركتها تتعارض مع الهدف الذي ترمي إليه الضغوط القوية التي تمارس على سوريا، كما سيكون لها تأثير على المحادثات حول البرنامج النووي الإيراني الأمر الذي وصفه بغير المستحب، كما أجرى فابيوس اتصالاً مع عبد الباسط سيدا رئيس المجلس الوطني السوري، مهنئاً إياه بانتخابه رئيساً للمجلس، ومؤكداً تقديم فرنسا "الدعم الكامل" للمعارضة السورية، موضحاً أنه وجه دعوة إلى سيدا للمشاركة في اجتماع أصدقاء الشعب السوري في السادس من تمور المقبل في باريس. أكَّ وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله على ضرورة إشراك روسيا في جهود السلام بسوريا، مضيفاً أن الصراع هناك يمكن أن يفجر حريقاً كبيراً في المنطقة.
وكان قد شنَّ كبار قادة إسرائيل حملة انتقادات قوية ولافتة للانتباه ضد نظام الأسد، حيث أعرب الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز عن أمله في انتصار المعارضة السورية، كما اتهم نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شاؤول موفاز الأسد بارتكاب إبادة جماعية، وقال داني يعلون نائب وزير الخارجية إن حكومة نتنياهو مستعدة لمساعدة السوريين الذين يلجؤون إلى الخارج. وفي سياق آخر ادَّعى نائب رئيس الأركان الإسرائيلي يائير نافيه أن نظام الأسد يمتلك أكبر ترسانة أسلحة كيماوية في العالم، محذراً من إمكانية استخدام هذه الأسلحة ضد إسرائيل.
وكانت قد اعتبرت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية أن خطة كوفي أنان المبعوث العربي الدولي المشترك إلى سوريا قد فشلت تماماً، داعيةً لمواجهة هذه الحقيقة القاسية وإلى بحث جهود جديدة تنطوي على دعم الدول العربية وتركيا للمعارضة السورية. وقالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن الجيش السوري الحر بدأ يعيد تنظيم نفسه، محققاً مكاسب على الأرض خلال الأسابيع الأخيرة في ظل أنباء عن تلقيه الدعم من المال والسلاح.