الإعادة بين مرشح الإخوان والإعلام

علاء الدين العرابي

الإعادة بين مرشح الإخوان والإعلام

علاء الدين العرابي

عضو رابطة الإسلام العالمية

oraby_a@hotmail.com

كشفت لنا نتيجة انتخابات الرئاسة عن عدة أمور تتعلق بالإعلام المصري ، في غالبيته وهي :

·       أن الآلة الإعلامية نجحت إلى حد بعيد في حشد الأصوات ضد الإخوان ، وقد استخدمت نفس الفزّاعة التي كان يستخدمها النظام السابق ، خصوصا وأن الإعلام لم يصله المد الثوري بعد

·       خسر الإعلام في الجولة الأولى عندما نجح الإخوان وأقول نجحوا بسبب أن مرشحهم نزل أخيرا وحل أولا في النتيجة ، وأنا لست مع الذين يقولون بأن الإخوان خسروا لسببين الأول : أن أصوات الشعب توزعت بين ثلاثة عشر مرشحا كل منهم يحمل معه مسوغات التصويت له ، والصوت الإسلامي توزع بين أربعة منهم على الأقل ، السبب الثاني : أن الآلة الإعلامية تمارس شحن الشارع المصري ضد الإخوان بصورة يمكن أن نصفها بالبشعة

·       خسر الإعلام في استطلاعات الرأي التي حاولت تضليل الرأي العام والدعاية لمرشح بعينه أو مرشحين بعينهم ، وجاءت نتيجة الانتخابات عكسية تماما فالمرشح الأول جاء آخرا والأخير حل أولا

وفي جولة الإعادة ينزل الإعلام السباق بنفس المنهج المعادي للإخوان ممثلا للتيار الإسلامي ويستمر في تصدير " الإسلاموفوبيا " أو " الاخوانوفوبيا " على حد تعبير المفكر فهمي هويدي ، ولكنه هذه المرة يستخدم خطابا مختلفا بعض الشيء يتلخص في الآتي :

·        تصوير الإخوان على أنهم الطرف السيئ في جولة يتنافس فيها السيئ والأسوأ ، أو السرطان والطاعون ، أو المر والأمر منه ، ويساوي بين الضحية والجلاد وبين الثائر والذي قامت ضده الثورة

·       فصل الإخوان عن تيار الثورة ، وفي هذا مخالفة لأبسط قواعد العدل والإنصاف ، فالإخوان كانوا جزءا أصيلا فيها بل هم الذين حموا الثوار في معركة الجمل في حين كان الطرف الآخر في المنافسة وهو الفريق شفيق رئيس وزراء مبارك أثناء المعركة

·       يعيد الإعلام قراءة نتائج الانتخابات بطريقه مخلة فهناك تيار للثورة وتيار للإخوان وتيار الثورة المضادة ، ، في حين أن القراءة الصحيحة تظهر تيارين فقط تيار الثورة (والإخوان منه) وتيار الثورة المضادة

·       يركز الإعلام على أخطاء وزلات الإخوان ويعتبر أن تلك الأخطاء والزلات خطايا شيطانية غير قابلة للتوبة ، برغم أنها أخطاء سياسية جائزة في أول تجربة ديمقراطية ، ويساوي بين أخطاء الإخوان وجرائم النظام السابق التي هي بالفعل جرائم شيطانية وغير قابلة للتوبة

·       يظهر الإعلام أن جولة الإعادة اختيار بين دولة دينية بقيادة الإخوان ، وبين النظام الفاسد الذي قامت عليه الثورة ، في حين أن الجزء اليقيني في هذه القضية أن هناك مرشح نظام فاسد ، أما مسألة الدولة الدينية فهي مجرد مسألة نظرية بدليل أن مصر الأزهر صاحب الإسلام الوسطي منذ 14 قرن لم تتحول إلى دولة دينية يوما ما ، كما أنه لا وجود للدولة الدينية في الإسلام

·       يركز الإعلام على مصطلحات إخوانية قديمة ويستدعوها من التاريخ مثل مصطلح الخلافة الإسلامية رغم أنها بعيدة في اللحظة الحالية كل البعد عن الواقع المصري ، ويستدعي شخصيات أشد عداوة للإخوان للحوار أمام الناس ، ويتبني المذيع أو مدير الحوار نفس الفكر المعادي

 ما أود أن أقرره هنا أن جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة هي في الحقيقة بين مرشح الإخوان الذي يمثل التيار الإسلامي هذا التيار الذي يرفضه التيار العلماني واليساري بشدة ويقبله التيار الليبرالي المعتدل ولكن بشروط وضمانات قد تتعدى إلى حد الابتزاز ، وبين الإعلام الذي وجه آلته الإعلامية هذه المرة لا إلى المرشح المنافس لأنه يعلم أنه الطرف الأسوأ في السباق ، ولكن إلى ضرب مرشح الإخوان لتوجيه الناس إلى عدم التصويت له ، وأعتقد أن الثورة المصرية قد تلفظ أنفاسها الأخيرة إذا عاد النظام السابق للحكم ويكون السبب الرئيس في ذلك هو الإعلام.