تحت التعذيب استشهاد المجاهد العتيد الكردي محمد فوزي يوسف أبو خباب

مؤمن محمد نديم كويفاتيه

تحت التعذيب استشهاد المجاهد العتيد الكردي

محمد فوزي يوسف أبو خباب

ونقل مباشر لما يجري في سجون آل الأسد

مؤمن محمد نديم كويفاتيه

[email protected]

بقلب حزين مجروح ومكلوم على مايجري في سورية من عمليات الإبادة الجماعية ضد شعبنا السوري وتدمير وطنا وخطفه من قبل عصابة آل الأسد والاحتلال الإيراني ، ومن أصل نصف مليون شهيد عشرات الآلاف قتلوا بدم بارد تحت التعذيب ، وكان من ضمن آخرهم منذ أسبوع تقريباً الشهيد الحبيب رفيق الدرب والنضال المفكر والأديب السوري الكردي محمد فوزي يوسف أبو خباب ، أو أبو هاني موالديد عفرين حلب 1960 رحمه الله الذي انتقل الى رحاب الله شهيداً تحت التعذيب في معتقلات عصابات بشار الأسد بعد رحلة طويلة من المعاناة والآلام ، ابتدأت منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي ، كان حينها لم يبلغ العشرين من عمره ، شأنه شأن عشرات الآلاف من الشباب الذين هجرتهم عصابات آل الأسد وأمعنت في قتل خيرة أبناء البلد آنذاك ، ليستمر أبو خباب في مواجهة الطغيان ، وهو ينشر المقالات بأسماء مستعارة آنذاك خوفاً على أهله في سورية ، وأنتج مجموعة أدبية رغم أنه كان في ريعان الشباب ، لينتقل من بلد المهجر الأول الأردن الى اليمن التي عمل فيها مدرساً وداعياً لله سبحانه ، الى أن تهيأ له السفر الى ألمانيا التي تزوج فيها وحصل على الجنسية الألمانية وأنجب أربع أولاد ، ولم يخف شوقه وحنينه الى زيارة سورية ، فاستفسر من خلال السفارة وأصحاب النفوذ في سورية عن وضعه وإن كان هناك إشكالات أمنية فنفوا له البتّة ، وبالفعل جاء لسورية وعاد دون أن يعترضه أحد لأنه ليس هناك مايُدينة ، وفي العام التالي كانت له قصّة وتلفيقة لرفضه دفع مبلغ لايستطيع دفعه أو كما قال له المجرم العقيد محمد بركات 100 ألف يورو أو عمل اضبارة بتهمة توصلك الى حبل الإعدام أو المؤبد وهذا ماتمّ بالفعل ، ولا أريد الخوض في هذا الحديث لأنّي سأعرض كامل المحادثة من داخل سجنه أسفل المقالة وصوره في داخل سجن حلب ، وكيف كانوا يعاملونهم ، واللحظات العصيبة التي قضوها في سجن حلب قبل نقلهم قبل شهرين الى فروع المخابرات للتحقيق معهم من جديد ، ليقتل بدم بارد تحت التعذيب ، دون أن تكلف خاطرها الحكومة الألمانية للتدخل مع علمها بكل مايجري معه في السجن عبر زوجته ، الى أن أتى رسولهم بظرف وهو يطرق الباب عليهم ويسلمهم المظروف ، وكان فيه أن محمد فوزي يوسف توفي منذ أسبوع في السجن ، وقد أبلغت السلطات السورية السفارة الألمانية في لبنان رسمياً بهذا الخبر ، دون أن تكلف نفسها الحكومة الألمانية لإجراء تحقيق ، والمطالبة بفحص جثته ، وهو ماطالبت به رسمياً زوجته المقيمة في ألمانيا وأولاده بنقل جثته الى ألمانيا ليتم فحصها والتحقق بسبب الوفاة ، ومن ثم دفنه هناك عند عائلته ليتمكنوا من زيارته ، ولذلك أناشد كل المنظمات الإنسانية والحقوقية بالضغط على الحكومة الألمانية لتحقيق مطالب عائلته ولكونه ألماني ، والضغط على عصابات آل الأسد لإرسال جثته الى أسرته ، آملاً الاستجابة ، لينضم ملفه الى ملف عشرات الآلاف ممن قتلوا تحت التعذيب وفي الظروف السيئة ، وحرمانهم من الطعام والدواء ، واليكم كل ماذكرته بتواصلي المباشر معه وهو في سجنه عبر التلفون المهرب ، لتروا عمق ماكانوا يعانونه وما مارسوه عليهم وكأنكم تعيشون واقعهم المؤلم وهم في عزّ محنتهم ، ليكون ماكتبه كوثيقة رسمية الى من يهمه الأمر

البداية شرح لي عن سبب نزوله لسورية وهو في السجن فقال : 

لدي بلوغ ابني هاني سن الدراسة عام ألفين أرسلت عائلتي إلى حلب، ليدرس هاني فيها الصف الأول الابتدائي. كانت عائلتي تقضي عندي في ألمانيا عطلة الدراسة النصفية، وكذلك عطلة الصيف من كل عام دراسي. وجود عائلتي في سوريا قوى لدي رغبة زيارتها، وزيارة الأهل، والأحبة فيها، فكلفت خلال سنوات ابتداء من عام ألفين، وحتى ألفين وخمسة معارف ذوي نفوذ في سوريا فيما إن كانت هناك موانع أمنيه قد تشكل خطورة علي عند زيارتي لسوريا. فتبين لي أن العائق الوحيد هو عدم أدائي لما يسمى خدمة العلم (الخدمة الإلزامية في الجيش السوري). ولما كانت وزارة الهجرة والمغتربين قد عملت آنها استثناء للمغتربين، بأنهم لن يساقوا إلى الجيش إن حصلوا على إذن خاص من السفارة السورية في البلد التي يقيم فيها المغترب، فقد استفدت من هذا الاستثناء في صيف 2005، حيث رجعت بأهلي في سيارتي في بداية العام الدراسي ٢٠٠٥/٢٠٠٦، ليحضر أولادي المدارس من جديد في حلب. في هذه الزيارة لم أتعرض لأية مسائلة لا على الحدود التركية السورية، ولافي حلب، أوغيرها من الأماكن في سوريا، التي زرت كثيرا منها.

وفي نهاية آذار من عام ألفين وستة كررت الزيارة لسوريا. هذه المرة زودتني شرطة مطار حلب بظرف رسائل، ادعت أنني أستطيع بما في داخله الحصول على إذن بالرجوع إلى ألمانيا، إن عرضته على مكتب المغتربين في العاصمة دمشق، أما إن لم أقدم هذا الإذن إليهم(شرطة المطار)، فلن يسمحوا لي بمغادرة البلد. لم أتلق أي رد عن عنوان هذا المكتب، وباعتباري مواطنا ألمانيا فقد استفسرت عنه في السفارة الألمانية. اعتبرت السفارة الحصول على إذن بالسماح بالرجوع إلى ألمانيا أمرا هينا، ولأحصل على هذا الأذن بسرعة، علي فقط تفادي طرقات المرور الخانقة في العاصمة المؤدية إلى المكتب ٧٩ التابع لامن الدولة في حي كفرسوسة، ولعدم معرفتي بهذه الطرق، فقد بينت لي السفارة أقلها زحاما إلى هناك. عند ذهابي إلى هذا المكتب، طلب مني محمد بركات -حينها برتبة عقيد- فدية مالية بمقدار مائة ألف يورو، لأحصل بها على إذن بالرجوع إلى ألمانيا. بعد مشادات كلامية بيني وبين، قالها لي بصراحة: -إن لم تدفع الفدية، فسأوجه إليك تهمة تقضي بها بقية حياتك في السجن. فكانت التهمة بالقانون ٤٩ لعام ١٩٨٠، القاضي بإعدام من توجه إليه. ولأسباب مخففة حكم علي بالأشغال الشاقة المؤبدة في ٢٢/٤/٢٠١٠.

وكما عرّف الشهيد عن نفسه بناء على طلبي وجاء بما يلي : 

محمد فوزي يوسف بن شكري ونازو، مواليد 28.10.1960، روطانلي- عفرين-حلب-سوريا. متزوج، ولي أربعة أولاد. عائلتي تحمل الجنسية الألمانية، وتقيم في ألمانيا. درست الإبتدائية والإعدادية في عفرين، والثانوية في حلب، والشريعة في جامعة دمشق، والأدب العربي في جامعة بيروت العربية من دون أكمل هذين التخصصين ثم درست التاريخ، وعلوم الأديان، والأدب الإنكليزي في جامعة Regensburg الألمانية، وحصلت منها على درجة الماجستير. عملت في الترجمة للألمانية، والكردية، والعربية لأكثر من خمسة عشر عاما. أحمل الجنسية الألمانية منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما. اعتقلني فرع أمن الدولة-كفرسوسة-دمشق في 2 أيار من عام 2006. حكمت علي محكمة أمن الدولة -الملغاة- عملا بالقانون 49 لعام 1980 في 22.4.2010 بالإعدام خفف إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. كنت حتى نيسان 2011 في معتقل صيدنايا-دمشق، ثم نقلت إلى سجن حلب المركزي في نيسان 2011. أنا موجود في المعتقل الأخير منذ ذلك التاريخ. أشكو من أمراض مزمنة في القلب، وانخفاض الضغط، وديسك رقبي وقطني، وورم في البروستات.

بدء المحادثة للتأكد منّي أنّي من يقصد مخاطبته 

5/2/ 2014

• إن كنت مؤمن فستعرفني أنا أبا خباب محمد فوزي يوسف 

• مؤمن : أهلا وسهلاً وهل يخفى القمر

• 

عيوني عم بتدمع والله.

بعد كل هالسنين ياابوعامر.

مؤمن : حمد الله على سلامتك وين انت الان ومتى افرجوا عنك

محمد فوزي يوسف : انا لستني في سجن حلب المركزي.

لدينا نت، ولدينا رصاص، يطلقه السفلة الساديون علينا، كلما اشتهوا ذلك.

أريد الخلاص من هنا.

مؤمن : كم العدد عندكم

كيف تعاملون

انا انقل رسالتك بطريقتي

ماذا تريد قوله

ماذا تنصح بفعله

لماذا لاتتدخل المانيا للإفراج عنك

اشتقتلك والله

فوزي يوسف الحكومة الالمانية -التي انا مواطنها منذ أكثر من خمسة وعشرين عامان- وكأني بهم جميعا لايولون قضيتي الاهتمام الذي يجب بعد اعتقال قارب الثماني سنوات.

ادعي بالفرج.

الامور عنا خطيره. الحر محاصر السجن منذ تسعة شهور. كل ما اطلق طلقه عالنظامي الموجود داخل اسوار السجن، صوب هذا الأخير رشاشاته تجاه جناحنا، جناح السياسيين، واطلق النار علينا.

مؤمن من معك من السياسيين

اذكر اسماءهم

على كل اكتب ماتشاء هنا

وماذا ترى ان نفعل

لن نقصر باذن الله

فوزي يوسف من مجموع ٥٣ قتل الى الآن ٣ وجرح اكثر من ١٥، انا من بينهم، لكن الحمدلله جرحي خفيف. هناك آخرون قطعت طلقات الدوشكا أرجلهم. إن نشرت هذه المعلومات، فالرجاء لاتذكر اسمي.

مؤمن : طبعا

فوزي لااستطيع ذكر اسم أحد.

يقال إن هناك صفقة تبادل مع اسرى النظام، وقد قيل لي، إنني سأكون من بين المعتقلين الذين سيتم استبدالهم. أخي الحبيب، فلو عملت لي على هذا الخط. زوجتي وأولادي في ألمانيا. صحيح أن الحكومة الألمانية تتكفلهم باعتبارهم مواطنين ألمان، لكن -للأسف- وعلى مدى ثمانية أعوام لم يمد إليهم يد المساعدة 

فلاتستعجل علي.

أتواصل على النت بالدرجة الأولى مع زوجتي وأولادي. تحدثت مع زوجتي قبل قليل. سأخبرها أنك أخي، وصديق عمري.

بينما كنت أحادثك، اضطررت إلى ترك مكاني الذي توجد فيه تغطية النت في كاريدور الجناح السياسي، واللجوء إلى داخل غرفة أكثر أمنا، لأن النظامي أمطر النوافذ التي كنت أحادثك من تحتها بوابل من نيرانه من جهة بوابة السجن الرئيسة. لدى مغادرتي المكان، تطايرت شظية صغيرة، وأصابت كعب رجلي اليمنى، وللبسي بوطا واقيا، تحسبا لمثل هذه الحالات، فقد جاءت سليمة، والحمدلله.

وفي اليوم التالي تابع يقول : 

ولأن ارهابيوا النظام يريدون قتل أكبر عدد ممكن من جناحنا، يتخيرون الفرص التي يمكن أن يأخذونا فيها على حين غرة: ففي ساعات الصباح، وبينما يكون أغلب المعتقلين يغطون في نوم عميق، يؤز رصاص الكلاشنيكوف، وال ب.ك.س.، والدوشكا في ردهة الجناح، وداخل المهاجع، وكذا بعد منتصف الليل، أوبعيد تسليم ارهابيي النظام طعام الهلال إلى المكلفين بحراسة باب الجناح من المعتقلين، حيث يعلمون أننا سنتجمع في ممر الجناح لتوزيعه. بالرغم من حذرنا، وأخذنا لاحتياطات قد تبدو بدائية، لكنها جل مانستطيع حماية أنفسنا به: كوضع سواتر من حجر، وتراب في أماكن عدة من ممر الجناح وعلى نوافذه، فقد نال ارهابيوا النظام منا أكثر من مرة، فقتلوا منذ حصار السجن قبل عشرة أشهر وإلى تاريخه ثلاثة معتقلين، وجرحوا أكثر من خمسة عشر من أصل ثلاثة وخمسين معتقلا، هم مجموع المحتجزين في الجناح السياسي.

مؤمن : الحمد لله على سلامتك وأسأل الله أن يحفظكم وينهي مأساتكم يارب

وبعد أيام يدخل علي ويقول : 

الشرطه والعسكر فتح فتحه امام غرفه سته. ورمو منها قنبله عالكاريدور. حاليا عم بحفرو سقف غرفه عشره، وبهددو بفتح كل الغرف من غرف الجناح اللي خلفنا، حتى يسلطو منها قناصين ع كل الغرف. الرصاص عم بزخ علينا زخ من باب الجناح والمشفى مقابيل الغرف الاربع الاولى ومن باحة السجن المقابله لباقي الغرف.

وبعد أيام : الأوضاع لدينا لاتزال متوترة.

ثم طلب نشر مايلي : 

الرجاء نشر التالي، وإيصاله إلى المعنيين إن أمكن: مات البارحة فقط 25 سجينا جوعا. رقم مهول في يوم واحد، إن أخذنا بعين الاعتبار أن عدد السجناء لايتجاوز 2800 سجين. منذ أن باشر الثوار العمل العسكري من جديد الأربعاء الماضي، وهم يمنعون الهلال الأحمر السوري من إدخال الطعام إلى السجن. مادام الثوار قد عجزوا عن تحقيق نصر عسكري خاطف، فعليهم أن يسمحوا فورا للهلال بإدخال الطعام إلى السجناء. سياسة الاستنزاف التي رجعوا إليها بعد الفشل العسكري مجددا لن تحصد سوى المزيد من أرواح السجناء، الذين باسم تحريرهم بدأ الثوار حصارهم للسجن قبل عشرة أشهر..الحصار الذي قتل إلى هذه اللحظة 525 سجينا جوعا. الاستنزاف لن يلجأ العسكر، والشرطة، والشبيحة إلى الاستسلام إن كان الثوار يطمعون في ذلك، فلدى هؤلاء مخزون هائل من الطعام، والشراب، والذخيرة ويمنعونه عنّا . على الثوار السماح بإدخال الطعام للسجناء كي لاتكون للنظام حجّة في قتلنا ، والاستمرار في العمل العسكري..فأحدهما لايمنع الآخر.

أخي مؤمن، الصديق عند الضيق، لذا أشكر لك، ولزوجك مواساتكما لزوجتي، عندما سقط في يدها، لما بلغها كذب القنوات الإعلامية في خبر تحريرنا، وفشل الثوار مجددا لتحقيق ذلك. أتدري أخي مؤمن؟ إنها المرة التاسعة التي يفشلون فيها لتحريرها. وأثناء، وبعيد كل اقتحام نتعرض لمحاولة تصفية جماعية على يد الجيش، والشرطة، والشبيحة، راح ضحيتها إلى الآن ثلاثة من خيرة إخوتنا، ناهيك عن الجرحى. هذا عدد كبير بالنظر إلى العدد الصغير لجناحنا البالغ ثلاثة وخمسين معتقلا فقط.

أخي مؤمن، لو يعمل .... أيضا على خط المنظمات الإنسانية كالصليب الاحمر الدولي، ووكالة اغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من أجل فك عقدة سجن حلب المركزي برمتها. هذا السجن يجب أن يتحول إلى قضية إنسانية لاعلاقة لها بالسياسة. فهو لم يعد صالحا للاستعمال البشري، حيث انهارت كل مقومات الإقامة فيه، فالماء لايأتي لانادرا، ولاكهرباء، ولاطعام، جدرانه قد تصدعت من الداخل والخارج بسبب المعارك، ومرافقه الصحية قد انهارت تماما. أخي مؤمن، وأنا أكتب إليك هذه الكلمات، وأنا أعتلي نفايات لم تزل منذ سنتين. النفايات تملأ كل الجناح البالغ طوله سبعون مترا. بمعنى يجب إغلاق هذا السجن، وإطلاق سراح كل من فيه.

ثم يطلب مني بعد أيام نشر مايلي : 

الرجاء نشر التالي: صحيح أن الهلال الأحمر السوري جزء من النظام، لكن أن يجعل من نفسه أداة طيعة بيد أجهزة القمع، ليباشر بنفسه قتل السجناء في سجن حلب المركزي جوعا، فهذا تطور نوعي في تلطخ جهة تدعي أنها منظمة إغاثة إنسانية بجريمة إبادة جماعية. بالتواطؤ مع أجهزة القمع المدمنة على القتل بكل أشكاله، يستغل الهلال الأحمر السوري الهجوم الذي قام به الثوار على السجن يوم الخميس الموافق ل ٦/٢/٢٠١٤، ليقطع: أولا-الطعام عن السجن لستة أيام تالية، ليموت على إثر ذلك يوميا عشرات السجناء، وليحمل من بينها يوم الأحد الماضي ٩/٢/٢٠١٤ بموت ٢٥ سجينا جوعا الرقم القياسي. ثانيا- كي يستمر مسلسل موت السجناء جوعا يجلب الهلال يوم الثلاثاء المنصرم ١١/٢/٢٠١٤ إلى السجن خبزا فقط...يكرر الهلال الأمر نفسه بجلب الخبز فقط إلى السجن البارحة الخميس. يعلم الهلال ومعه الآخرون المشتركون في الجريمة أن ذوي الإرادة الضعيفة من السجناء، من مدمني التدخين، والمخدرات سيقومون ببيع حصصهم من الخبز لشراء السجائر، وعقاقير التخدير من الشرطة، التي تقدم هذه المواد السامة إليهم لقاء المبالغ التي حصل عليها المدمنون من بيع الخبز.

ثم يطلب مني مشر مايلي : 

للنشر دون ذكر اسمي: أيها المجتمع الدولي اللاهث وراء مصالحه فقط! أيتها المنظمات الإغاثية الغارقة في البحث عن تأمين رواتب عامليها فقط! أتريدون التصرف بإنسانية ولو لمرة واحدة فقط؟ فأنقذونا إذا في سجن حلب المركزي..أبعدوا عنا كل العابثين بدماءنا، وأرواحنا من حملة السلاح..أزيلوا كل أشكال، ونعوت العسكرة والتسييس من سجن لم يعد صالحا للاستعمال البشري..أعلنوا هذا السجن المنطقة المنكوبة الأولى في العالم، التي لاتقبل سوى حلا إنسانيا واحدا هو إخلاء سبيلنا كلنا من دون استثناء، ومنح كل واحد منا وسام الصبر على تحمل قذائف الطيران..الدبابات..المدافع.. ال آر.بي.جي، والقنابل اليدوية، ورصاص الرشاشات الثقيلة..الخفيفة..البنادق الآلية..نصف الآلية، وحتى بنادق البومب آكشن على مدى سنة، فقدنا فيها أكثر من ستمائة عزيز، قتلتهم نيران سلاح، وسياسات تجويع أطراف تتقاتل على بضعة هكتارات من ترابه. امسحوا بالسجن الأرض، وأبقوا منه فقط على ساحات التنفس فيه التي رمي في حفر فيها الأعزاء بالمئات بعد أن طحنهم المجرم بآلة قتله..اجعلوا من أكبر مقبرة جماعية عرفها تاريخ سجون العالم شاهدا على استهتار القاتل حتى بجثمان ضحيته.

بعد أيّام قال :

خلال الأربعة أيام الماضية حفر طاقم السجن من شرطة وجيش وشبيحة خمس فتحات في غرف، وممر جناحنا، ورمونا منها بالقنابل اليدوية، والرصاص، أصابت ثلاثة سجناء بجروح بليغة. الجرحى هم: عبدالمجيد اليوسف، وجبرائيل إنتباس، وأحمد صقور. بعد كل وابل نيران يهددنا "حماة الوطن" بتصعيد أكثر، إن استمر الثوار في رمي أهداف لهم حول، أو داخل أسوار السجن. كل هجوم قامت به الشرطة والجيش والشبيحة في الأيام الأخيرة، كان يعقب أي إطلاق للرصاص، أو قذائف الهاون عليهم من قبل الثوار.

ثم طلب نشر مايلي : 

للنشر: أعلن النظام البارحة، أنه سيحرر سجن حلب المركزي. ومن يستعبدنا في سجن حلب المركزي غيره؟ ومن قتل منا في سنة واحدة فقط أكثر من ستمائة سجين بالرصاص، والتجويع الممنهج غيره؟ لقد غادر النظام كل شئ اسمه الحياء. ألا يستحي الجلاد عندما يعلن أنه محرر للمعتقل الذي يذوقه صنوف التعذيب الوحشي، ليقتله في النهاية بالرصاص والتجويع!؟ إن كان النظام سيفتح جبهة واسعة مع الثوار المسيطرين على مساحات شاسعة حول سجن حلب، فهذا يعني أن معاناتنا، وأسرنا في هذا السجن البغيض..بل المحرقة الأشد، والأنكى من المحرقة النازية، ستطول..كم؟ عاما آخر بعد عام الحصار الذي أوشك على النهاية؟ ومن يدري!؟ فالسيطرة على مابيد الثوار حول سجن حلب ليس بالسهولة التي يمني بها النظام نفسه. إذا ستطول المعركة، ويطول معها التنكيل بنا، وتطول مجاعتنا.

لليوم الخامس على التوالي يرفض الهلال الاحمر السوري جلب الطعام إلى السجن.

وبعد أيام قال :

قام الشرطي سامر الحسن من اللاذقيه مع عصابته البارحة ظهرا بإخلاء الطابق الذي فوقنا من السجناء، ثم بفتح فتحة في سقف مهجع ثمانية، وأخرى في الممر أمام مهجع سبعة. العصابة عملت أيضا على فتح فتحتين أخريتين من دون إكمالهما، إحداهما داخل مهجع تسعة -الذي أنام فيه حاليا- وأخرى في الممر أمام هذا المهجع نفسه. ألقت العصابة من هذه الفتحات أربع قنابل هجومية -عرفها الخبراء بيننا بأنهن هجوميات من شكل عتلاتهن- اثنتين من فتحة المهجع الثامن، وأخريتين من الفتحة أمام المهجع السابع. العصابة أطلقت أيضا عدة عيارات نارية من الفتحتين المذكورتين. للتذكير، كانت العصابة قد فتحت قبل أيام فتحة في الممر أمام المهجع الثاني، وأخرى في سقف المهجع الرابع، وثالثة أمام المهجع الخامس، ثم رمت منهن أكثر من مرة قنابل، وأطلقت منهن عيارات نارية أيضا، مما كان قد أدى إلى إصابة ثلاثة معتقلين. العصابة، ومن يخطط لها، يريدون أخذ كل الجناح السياسي المكون من ٥٣ معتقلا، غالبهم إسلاميون، بالإضافة إلى دعاوى تجسس، وأحزاب كردية، كرهائن، والتهديد بتصفيتنا لحمل الثوار على فك الحصار عن السجن.

ثم طلب نشر مايلي :

للنشر، وإبلاغ منظمات الإغاثة الدولية، التي تمول الهلال الاحمر العربي السوري. الهلال الاحمر العربي السوري لايدع فرصة إلا ويؤكد فيها، أنه جزء لايتجزأ من النظام. قبل ثلاثة أسابيع، وبعد اندلاع معركة كبيرة بين الثوار، وبين قوات النظام حول أسوار السجن، قام الهلال هذا بمعاقبتنا -نحن سجناء سجن حلب المركزي- اثني عشر يوما متواصلا من دون أن يوصل إلينا أي شئ من الطعام. بعد معركة الخميس الماضي بين الثوار وقوات النظام، يعاقبنا هذا الظلام -عفوا الهلال- بمعاقبتنا سبعة أيام متواصلة، أما في اليوم الثامن )يعني البارحة( أفتدرون ماذا قدم لنا بعد تجويعنا أسبوعا كاملا؟! خبزا فقط..ثلاثة أرغفة لكل سجين. أما متى سيأتي المرة القادمة؟! فاسأل 631 سجينا، انتظروا طويلا قدوم الظلام -نعم الظلام وليس الهلال- للمرة التالية، فعاقبتهم سياسة تجويعه المتواطئة مع رصاص النظام بالموت الزؤام، ليرقدوا رقدتهم الأخيرة في باحة السجن الشرقية، كبرى باحات التنفس في سجن حلب المركزي، وكبرى المقابر في تاريخ سجون العالم.

ثم قال : 

بالإضافة إلى الجهود الفردية لعائلتي لمتابعة قضيتي، من الضروري متابعة قضية السجن كمنطقة منكوبة يجب على الهيئات الدولية التدخل لإنهاء معاناة كل السجناء فيها. دوركم هو لفت أنظار هذه الهيئات للتدخل على جناح السرعة، وأن السجن لايحتمل أي تسويف بهذا الخصوص.

بإمكان ممثل الامم المتحده هذا التوسط لدى إدارة السجن والمحاصرين للسجن من الثوار مباشرة لإطلاق سراحنا.

أخي مؤمن، على مايبدو ستتدخل قطر لحل قضيتنا، كما حلت من قبل قضية اللبنانيين في اعزاز، ومؤخرا قضية الراهبات، فلو استطعتم التواصل مع المسؤولين للاستعجال بالموضوع.

قطر يجب أن تتفاوض على الجناح السياسي(٥٣ معتقل). نحن الأولوية، لأن النظام يعتبرنا رهائن، ولايريد في الأحوال العادية إخلاء سبيل أحد، حتى المنتهية أحكامهم. بعدنا يأتي حوالي ٥٨ امرأة، وعدة أطفال، وأخيرا المعتقلون من المتظاهرين في سجن حلب.

ولاتنس، أن أولوية الأولويات هي أخوك.

أردنا-نحن هنا بإمكانيات التواصل المتواضعة لدينا- أن تقوم الأمم المتحدة أيضا بالتوسط بين الثوار والنظام للتوصل إلى صيغة لإخلاء سبيلنا، طبعا قمنا ببعض العمل بهذا الخصوص. أنا شخصيا أفضل قطر، بسبب القدرة المالية لديها، فبها تستطيع إرضاء الطرفين كما فعلت مع رهائن اعزاز، والراهبات مؤخرا.

في 23/5/2014

السلام عليكم. كيف حالك أخي الحبيب؟ الحر انسحب من مواقعه حول السجن، ووصل النظامي إلى السجن منذ يومين. هل لديك معلومات تفيد، أن اتفاقا ما جرى بينهما الغرض منه إخلاء سبيل معتقلي الجناح السياسي؟

الوضع مخيف حاليا. هناك نية لنقل كل السجناء إلى سجن في السفيرة أو ربما إلى سجون محافظات أخرى. لاأحد يدري. معاملة الشرطه للسجناء ساءت أكثر بعد استيلاء النظامي على السجن، وماحوله. هم الآن مؤخوذون بنشوة النصر، ويرون أنهم فوق كل حساب.

ثم نقلوهم الى فروع المخابرات ليُقتل معظمهم تحت التعذيب ومنهم شهيدنا الحبيب محمد فوزي يوسف رحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته إن شاء الله.