مفيش شيء اسمه إخوان

مفيش شيء اسمه إخوان

أ.د/ جابر قميحة

gkomeha@gmail.com

ما أبلغ الإمام علي كرم الله وجهه إذ يقول : إذا كنت في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى .

 وأنت يا سيدي يا مبارك ... يا مخلوع ... أنت أولى الناس بهذا التوجيه الرباني الصادق : نعم يا مبارك لم يعد هناك مجال للتفاخر، وملء الدنيا ــ في تعال ــ بـ " أنا " ..." أنا " ... أو " نحن " ... " نحن " على طريقة المتنبي :

 سيعلمُ الجمعُ ممن ضم مجلسنا = بأنني خير من تسعى به قدمُ

 فلا مجال ــ يا مبارك ــ ولا وقت للفخر والتعالي .

 وإن أخذك الكِـبر والخُيلاء والتعالي على عباد الله وعلى الآخرين ، فعليك ــ في هذا الهزيع الأخير من العمر ــ أن تعلن توبتك ، وشعورك بالأسى للجرائم التي ارتكبتها من قبل .

وصدق تعالى :

 " وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "الجاثية 37 .

 واذكر قبرك يا مبارك ... اذكر أنك صائر إلى عالم آخر ... وبيت آخر .

ومعروف أن الغرور ــ في إيجاز شديد ــ آفة نفسية تعتمد على سوء التقدير في النظر إلى الذات ، من ناحية ، والنظر إلى الآخرين من ناحية أخرى . فالمغرور يرى في ذاته أبعادا ، وإمكانات ، وقدرات لا تملكها نفسه ، أو تفوق بكثير ما تملكه نفسه في واقعه .

 وعلى سبيل التمثيل : يرى المغرور في نفسه ذكيا ألمعيا ، مع أنه لا يملك أي قدر من الذكاء ، أو الألمعية . وإن كان يملك حظا من ذلك فهو يرى في نفسه أذكى الأذكياء ، وعبقري العباقرة .

 وهذه النظرة " التضخيمية " لواقع الذات يترتب عليها بالتبعية أن ينظر المغرور إلى الآخرين نظرة مناقضة : فهم في نظره أقل مستوى ، وأضعف قدرة حتى لو كانوا يتفوقون عليه في مجالاتهم ، ومجالاته أضعافا مضاعفة .

 وقد يتضخم هذا الشعور بالغرور فيصل إلى درجة " التورم الخبيث "، أو ما اصطلح علماء النفس على تسميته " بالنرجسية " أو " توثين الذات " . ولهذا المرض الخبيث أعراض نفسية متعددة لا يتسع مقامنا هنا لذكرها وتعدادها .

وكان مبارك إذا ساله غيره عن الإخوان المسلمين أجاب على الفور : " مفيش شيء اسمه إخوان ... مفيش حاجه اسمها إخوان " ، مع أن الإخوان يمثلون الأغلبية الشعبية في مصر .

وحقد مبارك يذكرني بالواقعة التاريخية الآتية ، وخلاصتها :

" أن الفرزدق راي علي( زين العابدين ) بن الحسين بن علي بن ابي طالب ،
في مكه المكرمه والوفود تتسابق اليه وبين يد يه ، ولم تلتفت الجماهير للأمير الأموي هشام بن عبد الملك ، وبدافع الحقد سأل : " من هذا ؟؟؟ " فأجابه الفرزدق بقصيدة طويلة منها الأبيات الآتية :

هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ = وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَـــــــــرَمُ

هذا ابنُ خَيرِ عِــبـــادِ الله كُلّهِـمُ = هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَـــــــلَمُ

 إلى أن ختم القصيدة بأبيات منها :

وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هــذا؟ بضَائرِه = العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجــمُ

ومرة أخرى نقول لمبارك : طامن من كبريائك وغرورك فالإخوان منتشرون أقوياء لا في مصر فقط ولكن في العالم كله ... لقد بدأ الإخوان جمعية من ستة أعضاء ، ثم تحولت إلى جماعة ممتدة منتشرة ، ثم أصبحوا تيارا عالميا له حماته بعشرات الملايين . وله تأثيره على كل الحركات المناهضة للظلم والاستبداد والسقوط الخلقي في البلاد العربية والإسلامية.

أليس هؤلاء بإخوان يا طريد الشعب ؟