حرائر العباسية!

حرائر العباسية!

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

لم يتكلم الثوريون المناضلون عن حرائر العباسية اللائي تم اعتقالهن من مسجد النور ، وسحبهن إلى معتقلات وزارة الدفاع أو طرة  يوم الجمعة 4/5/2012م . القوى المدنية التقدمية المستنيرة ، لم تجد تشابها بين حرائر العباسية وحرائر التحرير أو محمد محمود ، ولذا كان الصمت المطبق على ما جرى للطبيبات وطالبات الطب اللائي كن يسعفن المصابين في غزوة العباسية المظفرة التي قادها الجنرال بدين بحجة منع اقتحام وزارة الدفاع ، واستطاع أن ينزل خسائر فادحة بالمهاجمين ، ويجمعهم أسرى من الشوارع المحيطة ومسجد النور الذي كان المهاجمون يخبئون فيه الأسلحة في دورات المياه والمآذن وتحت السجاجيد ، وفق ما أبلغنا إعلام فخامة الرئيس السابق المخلوع حسني مبارك!

عملية الكماشة العسكرية التي قادها الجنرال بدين وشاركت فيها قوات الداخلية وأمن الدولة استطاعت محاصرة الأعداء في نفق الخليفة المأمون ، وتصفية العناصر النشطة ، وطرد الغزاة تماما من العباسية كلها ، والتعامل مع الأسرى بالطريقة الملائمة من ضرب وتعذيب وإذلال ، وخاصة من ينتمون إلى الإعلام المرئي والمقروء ، حتى لا يعود أحد منهم إلى الميدان ثانية اللهم إلا إذا كان الناطق الرسمي باسم القوات المنتصرة وأجهزة الأمن – أعنى مدير قناة تزغيط البط الذي يعشق تقبيل يد الرائد صفوت الشريف !

حرائر العباسية لا بواكي لهن ، لسبب بسيط وهو أنهن ينتمين إلى شيء اسمه الإسلام ، وكل من ينتمي إليه فهو مستباح ، لا دية له ولا قيمة ولا اعتبار ، بل إن هتاف الإسلاميين : يسقط حكم العسكر غير مقبول إلا من جانب الإنجليز السمر ، حين يركبون موجات التظاهر المخالف التي تعني فرض إرادة الأقلية على الأغلبية !

لقد قرر الإنجليز السمر وفقا لنظرية فيها لأخفيها أن يؤدبوا الأغلبية الساحقة التي تعبر عن الشعب المسلم في مصر المسلمة ، وأن يجعلوها تقول : توبة من دي النوبة ، وأن تتوب عن اتخاذ موقف  يعبر عن رأيها أو تقرر قرارا بنفسها ، ولذا أعلنوا أنهم لن يشاركوا في جمعة النهاية ، وشنوا حملة ضارية على الإسلاميين ، وأدانوهم مقدما ، وشهروا بهم سلفا ، ووقفوا إلى جوار الغزوة الظافرة للجنرال بدين بدعوى عدم إسقاط وزارة الدفاع !

لقد خرجت العناوين الكبيرة لصحف الاستنارة تشيد بغزوة العباسية ، ومعارك اللواء بدين وانتصاراته على السلفيين ، وتدين الإسلاميين وغير الإسلاميين الذين يطالبون بتسليم السلطة إلى المدنيين ، وتتهمهم بحمل السلاح ولكن كثيرا من الصحفيين الشرفاء شهدوا أن المقبوض عليهم لم يكونوا مسلحين ، وتبرءوا من كل إساءة إلى القوى السياسية جميعا ، سواء الإسلامية أو غير الإسلامية .

لقد شهد قائد المقاومة الشعبية في السويس الشيخ حافظ سلامة بما جرى في العباسية وأدلى الشيخ  بشهادته في الاجتماع المشترك أمام خمس لجان بمجلس الشعب، ، هي لجنة الدفاع والأمن القومي والتشريعية وحقوق الإنسان والتعليم والصحة، ظهر الثلاثاء 8/5/2012 فقال: "فوجئت بعد صلاة العصر يوم الجمعة الماضي أثناء تواجدي فى مسجد النور بطلقات نارية كثيفة خارج المسجد، وسألت فقالوا لي إن الشرطة العسكرية والصاعقة بيضربوا طلقات نارية فى الهواء، فأمرت من حولي بالانتظار وعدم الخروج من المسجد حتى تهدأ الأمور".

وتابع الشيخ حديثه قائلاً: "عندما جاء اللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية يسأل عن المسئول بالمسجد وطلب منى تفتيش المسجد بادعاء وجود أسلحة.. قلت له: المسجد مفتوح لك. وفوجئت بدخول الجنود بالأحذية مبررين ذلك بصعوبة خلع بياداتهم بعد أن حذرتهم من ذلك"، مضيفًا أنه أخبر اللواء بدين بأن الموجودين فى المسجد كانوا يصلون العصر ولم يستطيعوا الخروج بسبب إطلاق النار فى الخارج.

وأعرب سلامة عن تعجبه من الحديث عن وجود كميات كبيرة من الأسلحة تتضمن 50 بندقية آلية و24 طبنجة خلاف القنابل المولوتوف، قائلاً: "اللواء حمدي بدين كان يجلس بجواري أثناء تفتيش المسجد ولو كانوا وجدوا أسلحة لأخبرني بذلك، المسجد لا يوجد به سوى سجاد و12 دورة مياه، فأين سيتم إخفاء هذا الكم من الأسلحة؟ وكيف لم يرها أي أحد من المصلين فى صلاتي الجمعة والعصر؟ وكيف دخل من أخفى السلاح المزعوم إلى هذه المنطقة التي كانت محاصرة منذ الصباح؟ ولماذا ترك الأسلحة؟".

وأكد الشيخ أن المقبوض عليهم من داخل مسجد النور وأثناء التحقيق معهم لم يوجه لهم المحقق أي سؤال حول السلاح، موضحًا أن ما يتردد لا صحة له وبمثابة تشويه لصورة مصر الإسلامية بأن مساجدها بها مخازن أسلحة والأشرطة التي أذيعت عن دخول الجنود بدون أحذية صورت ليلاً والأحداث كانت نهارًا".

وأضاف: "أحد الشباب كان خارجًا من صلاة الفجر من مسجد الجمعية الشرعية بالعباسية وقتل فى أحد الشوارع، وبالتالي فإن المقصود هو شباب التيار الإسلامي".

وطالب الشيخ المجلس العسكري بأن يستغفر الله ويتقدم باعتذار إلى الأمة المصرية عن انتهاك حرمات بيوت الله.

هذه شهادة الشيخ التي تدين الغزوة غير المباركة ومن قاموا بها ، ومن يشيدون بها ، ومن  يختلقون الأكاذيب حول شعبنا الطيب الصبور ، ومن اقتحموا المسجد بالأحذية ، ولم يتعظوا بما كان في عهد المخلوع من سلوك مماثل انتهي بالحاكم إلى قفص المحكمة ! ترى هل يستطيع الجنرال أن يغزو الكاتدرائية ؟

إن الاعتقاد أن أسر الشعب المسالم ، وتعذيب الشباب ، وإهانة الحرائر سيجعل الناس تلزم بيوتها ، وتقبل بعودة نظام أمن الدولة المجرم مرة أخرى ، وبقاء الأبواق المأجورة ، وإعلام اللصوص والخونة ، وهم وسراب ، لأن الشعب ليس لديه ما يخاف عليه إلا كرامته وحريته ، فقد قدم الشهداء والضحايا على مدى ستين عاما لتحرير مصر من الإنجليز السمر أو المحتلين الوطنيين ، الذين تفوقوا على الإنجليز الحمر في الوحشية والصفاقة والكذب!

ولن ينخدع الناس بالمسلسلات الخيالية التي تتكلم عن العناصر المندسة ، وعناصر القاعدة القادمة من أنفاق غزة وقوافل التهريب من السودان وليبيا ، والملثمين الذين قيل إنهم ظهروا في العباسية !

إن شعبنا يعلم أن المشهد الحقيقي في العباسية كان مشهدا دمويا صنعه من يسمون بالبلطجية الذين يركبون سيارات رسمية ، ويستخدمون السلاح الآلي ضد المتظاهرين السلميين والمولوتوف بجانب الغاز المسيل للدموع الذي يستخدمه الأمن ، ويتناولون وجبات فاخرة من القاعات الرسمية ، ويعيثون في أرض العباسية والمناطق المحيطة تخريبا وترويعا ، مما أدى إلى مقتل أحد عشر إنسانا بريئا لم يبك عليهم أحد من الرسميين ولم يشيع جنازتهم أحد من الرسميين !!  هذا ؛ عدا الأسرى من الشباب والحرائر الذي قيل إن بعضهم قد أطلق سراحه ، والمصابين الذين لم يعرف عددهم أحد.

ترى هل ما جرى مقدمة لزلزال يعصف بالوطن ؟ أو هو انفلاتة غير محسوبة ارتكبها تصرف أحمق لم يقدر العواقب جيدا ؟  نسأل الله العافية !