عوائد النفط والموازنة العراقية

د. لطيف الوكيل

سعر برميل النفط سيرتفع فوق 60 $ للبرميل وسيرتفع الانتاج الى 4 مليون برميل يوميا.

فيصل  الدخل الريعي من النفط الخام الى 60 x 4  =  240مليون $ .يوميا

240   360 x= 8640 مليون $ خلال سنة 2015

تحليل سعر النفط الخام

يتعلق الاستثمار بنسبة الربح كلما ارتفعت ارتفع الاستثمار معها ،لكن لا شيء في الدنيا يستديم ارتفاعه لذا تهبط الاسعار في مرحلة الانكماش كي تعود نسبة الربح الى الارتفاع ومعها ينمو الاستثمار.

الان انخفضت تكلفة الصناعة التحويلية بانخفاض سعر النفط مثلا تكلفة انتاج السيارات وكذلك سعر الوقود الذي يؤدي الى زيادة الطلب على العجلات والسيارات وبهذا يزداد ربح مصانع السيارات فيتحول الى استثمار. الاخير يرفع من الاقتصاد العالمي الذي سيزيد الطلب على النفط. اذ لم تسد اوبيك هذا الارتفاع ستتمكن حقول النفط ذات التكلفة العالية من زيادة انتاجها النفطي. ولابد للسعر ان يكون فوق تكلفة انتاجها.

ان النظام الرأسمالي يتقسم كل سبع سنوات الى اربع مراحل الذروة الاقتصادية ثم هبوط الاستثمار ثالثا مرحلة الانكماش واخيرا مرحلة نمو الاستثمار.

يمر الان العالم الغربي او اقتصاد السوق الحر العالمي في مرحلة الانكماش،  في هذه المرحلة ينخفض سعر المنتجات الصناعية نتيجة تراكم المنتجات فينخفض الطلب على المعدات والمكائن والمواد الاولية بما فيها سعر النفط الخام، واسهم الشركات.

والقادم هي مرحلة نمو الاستثمار وبها يرتفع الطلب على النفط فيزداد سعره.

ان سعر المنتج لا يتعلق بالطلب عليه فحسب وانما ايضا بسعر تكلفته ، لكن النفط له سعر موحد رغم اختلاف تكلفة انتاجه . لا يرتبط في هذه الحالة سعر النفط بتكلفة انتاجه في دول الاوبيك وانما بتكلفته العالية في الدول الصناعية.

عندما ينتعش الاقتصاد العالمي سيرتفع الطلب على النفط المنتج في الدول الصناعية فيصار الى ارتفاع سعر النفط الموحد الذي يؤدي الى ارتفاع الدخل الريعي لنفط دول الاوبيك ،وان هذا الارتفاع  الى فرق التكلفة مرجعه وهو الريع التفاضلي.

اذا  ارتفع انتاج نفط الاوبيك الذي يقدر الان بثلاثين مليون برميل يوميا فيسد ارتفاع الطلب على النفط من اوبيك يبقى السعر كما هو عليه الان تحت 50$ للبرميل. هذا يعني لو ان اوبيك الان خفضت انتاجها سيتحول الطلب الاني على نفط الدول الصناعية ذي التكلفة العالية ولابد للسعر من الارتفاع ليغطي تكلفة انتاجه. لكن اوبيك رفضت خفض انتاجها.

والسبب هو ان المملكة السعودية تصدر10 مليون برميل يوميا اي  ثلث معروض الاوبيك  وهي ودول الخليج تخزن كما من فائض الدخل الذي ادخرته ، حيث كان سعر النفط 115$ للبرميل وموازنات دول الخليج كانت تعتمد سعرا لا يتجاوز السبعين $ للبرميل فضلا عن ان هذه الدول بعكس العراق نوعت من مصادر دخلها. لذا اصبحت اوبيك اسيرة دول الخليج.

وهي تستفيد من انخفاض سعر النفط كي تنتصر على منافسيها منتجي النفط بتكلفة عالية تصل الى اكثر من 60$ للبرميل الى جانب منتجي الطاقة النظيفة ذي التكلفة العالية، بهذا ترتفع حصتها في اسواق النفط العالمية.  وينخفض الاحتياطي المؤكد لدى الدول الصناعية. حيث تتحول مكامن النفط ذات التكلفة التي تصل الى 100$ للبرميل الى مكامن نفطية غير مؤكدة بانتظار ارتفاع سعر النفط والتطور التكنلوجي لاستخراج النفط . الاخير قد يسبق حركة ارتفاع السعر فيستخرج نفط بتكلفة منخفضة مثل النفط الصخري في امريكا وكندا.

بعد هذا التحليل لسعر النفط انصح باعتماد الموازنة العراقية سعر يناهز 60 $ للبرميل. ودخل ريعي من النفط الخام

يساوي 8640 مليون $ خلال سنة 2015.بالاضافة الى احتياطي نقدي لدى البنك المركزي ووزارة المالية من العملات الصعبة يقدر ب 90 مليار $ وكم من الذهب اوصل العراق الى درجة 37  بين دول العالم.

لكن اذا ترشد صرف الموازنة بخفض ميزانية التشغيل ( بناقص الوظائف الهوائية والفضائية ) ورفع ميزانية الاستثمار في البنى التحتية ودعم الزراعة وتشغيل المصانع المغلقة ستحدث فورة اقتصادية في العراق .

هناك مصروفات في الموازنة لا داعي لها مثلا ما فائدة العراق وشعبه من ثلاث نواب لرئيس الجمهورية؟ وكل منهم يستهلك رواتب 63 مليون دينار من الموازنة.  ولماذا تصرف دولة نامية مثل العراق 80 مليون دينار اجرا لرئيس الجمهورية. بالإضافة الى النثريات الخيالية .ضف الى الموازنة استرجاع سرقات المال العام الذي سرقه ساسة فاسدون.

ان فساد الساسة لا يعود الى كون الساسة اصلا فاسدين ، بل الى نظام المحاصصة  وان وضعنا به ملائكة صالحة تتحول بفعل محاصصة الحكم  بلا سلطة رقابية الى ساسة فاسدة .كون البرلمان مقسم الى ثلاث حكومات سنية كردية شيعية ، وفق مشروع بايدن الذي اقره مجلس الشيوخ الامريكي سنة 2007 حيث قسم العراق الى ثلاث دويلات تتنافس في ما بينها لتقديم حقول نفطها ارخص لشركات النفط  الامريكية والمتعددة الجنسية ، كما حصل وفق عقود النفط الكردستانية. .بيد ان المفروض في النظام الديمقراطي كما هو الحال في جميع الدول الديمقراطية ، يقسم البرلمان الى جهتين حكومة مقابل معارضة برلمانية داخل البرلمان خارج السلطة التنفيذية تلعب دور السلطة الرقابية المقومة للقرارات الحكومية.

لذا اصبحت ديمقراطية العراق عرجاء بلا معارضة برلمانية تشكل سلطة رقابية. هذا الوضع السياسي مناقض للدستور حيث الغى الفصل بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية و اعطى للأعلام الحر زخما شعبيا وجعله فعلا سلطة رابعة، بل سيف مسلط على رقاب الساسة بدليل قناة تلفزيونية مثل البغدادية تحولت الى محكمة تضع السياسي في قفص الاتهام يأتيها خاضعا بمحض ارادته لتبرئة ذمته.

اما تكلفة الحرب على الارهاب فالعراق يجب ان يتجه نحو هيئة الامم ويطالب بدعم مالي لأن الدعم العسكري وحده لا يكفي ،فهناك مصائب النازحين التي تشبه مصائب الكوارث الطبيعية، كون العراق ساحة حرب دولية ضد الارهاب العالمي وهو يحارب نيابة عن دول العالم وعلى الاخص الدول الصناعية من روسيا الى اليابان وامريكا حتى أوربا.

لكن لماذا العراق اصبح ساحة حرب ضد الارهاب وليس غيره من بقاع العالم ؟ لو كان الجواب بسبب الاحتلال الامريكي لصعوبة التخلص من هيمنة حزب فاشي ،فسورية ليست محتلة ورغم ذلك اصبحت  هي الاخرى  ساحة حرب ارهابية.

لكن منطقي اذا قلنا ان حزب البعث حزب ارهابي فاشي يمتد من سورية الى العراق وهذا الحزب يمارس الارهاب ضد شعبي سورية والعراق ويجتذب ارهابي العالم الى الهلال الخصيب لان الطيور على اشكالها تقع وشبيه الشيء منجذب اليه. وكي يضع العراق حدا لتسلل الارهاب لابد من غلق الحدود بين سورية والعراق .

بدليل ان داعش البعث جاء من سورية الى العراق وقبله تقنع البعث باسم القاعدة وكانت سورية ترسل الارهابين الى العراق لدرجة، ان العراق قدم شكوى الى مجلس الامن ضد النظام البعثي في سورية. لكن منذ ثورة الربيع العربي ضد الدكتاتورية العسكرية  غطى الاعلام الايراني على تلك الحقيقة وانصاع العراق لإيران وذهب هو المظلوم  لتقديم الدعم الى ظالمه النظام البعثي الفاشي وقد صب دعمي ايران والعراق للنظام السوري بطريقة غير مباشرة في مصلحة داعش البعث. ضف الى ذلك ان مصالحة المالكي سنة 2008 مع البعثين واعادتهم الى مناصبهم الامنية سهل على البعثين ممارسة الارهاب في العراق واستقبال داعش البعث السوري . الاخير ولدته الاستخبارات السورية وهناك الكثير من الادلة على ان الجيش السوري سهل دخول داعش البعث الى العراق . فاستقبلته قيادات الجيش البعثية التي نصبها المالكي، لذا خلت الرمادي وصلاح الدين والموصل للبعثين كي يعيثوا بهن ارهابا وفسادا. وكان طبعا من السهل على عصابة احتلال ثلث العراق بساعات معدودات.

الان وبعد التغير عوض الله العراق برئيس وزراء وطني ذكي دؤوب وهو الدكتور حيدر العبادي الذي انتبه الى ما جاء في اعلاه. فطرد القيادات العسكرية الخائنة وفتح العراق سلميا  واقتصاديا على دول الجوار مثل تحسن العلاقات مع تركيا والسعودية والكويت كذلك تحسين العلاقات الدبلوماسية مع دول العالم.

بالإضافة الى تقوية العلاقة بين الاقليم الكردي وبغداد لكن تبقى قضية النفط شائكة بسبب العقود النفطية الكردستانية المناقضة للدستور. لان الدستور يقول كل النفط ملك كل الشعب فلا يمكن لفئة من الشعب الاستحواذ على ملك كل الشعب.

فعقود المشاركة التي ابرمتها حكومة كردستان تنافي الدستور حيث جعلت شركات النفط شريكة الشعب في ملكه.

حيث تستحوذ شركات النفط على حصة من نفط  كردستان تقدر ب15% من الانتاج النفطي واكثر من 16% من الغاز المصاحب  بعكس عقود وزارة النفط فهي عقود تشغيلية  وادامة لأبار النفط  اي عقود خدمة تحصل الشركات الاجنبية بموجبها على مبلغ بسيط على كل برميل منتج لا يتجاوز الدولارين  ، لذا اصبحت عائدات النفط من الاقليم اقل من عائدات وزارة النفط . هذا بالاضافة الى فقدان الشفافية في الاقليم الذي لا يسمح لوزارة النفط بالرقابة على كمية انتاج النفط الخام وعلى كمية المنتجات النفطية المكررة . وبناء عليه يقول الخبير النفطي حمزة الجواهري  نجد ان الآية قد انقلبت فاصبح هناك استحقاق للميزانية السيادية يقدر ب 5% من عائدات الاقليم النفطية محسوبا على اساس سعر البرميل عالميا

وليس على اساس صافي العائدات النفطية وهذا ما يجب ان تدفعه حكومة الاقليم للحكومة الاتحادية وليس العكس كما كان يحدث قبل الاعلان الرسمي لوزير الموارد الطبيعية فقد اصبح للإقليم مصافي تعمل بطاقة اجمالية بحدود 192 الف برميل يوميا بعد افتتاح مصفى خورمالة  والتي تعتبر جزء من حقل كركوك العملاق ،لم تظهر ارقاما عن هذا المصفى في التقرير السنوي لوزارة الموارد الطبيعية في الاقليم للعام 2013 حيث تضمن التقرير ارقام المصافي الصغيرة المنتشرة هناك فقط حيث قدر التقرير طاقتها بحدود  92 الف برميل يوميا ومع ذلك بقى الاقليم يطالب الحكومة الاتحادية بحصة من المشتقات المنتجة في باقي المصافي العراقية وكذلك المشتقات المستوردة بالأسعار العالمية لسد النقص.

ان ما جاء في بحث الاستاذ حمزة الجواهري يعد ظلم بحق المحافظات العراقية وعلى الاخص بحق المحافظات المنتجة للنفط. لان المساواة اساس العدالة الاجتماعية. هذه المظلومية تظهر جليا عند مقارنة اربيل بالبصرة المظلومة وهذه المظلومية جعلت البصرة تطالب بنفس الاستقلالية التي تتمتع بها اربيل. فقبل ان نقول لبصرة الخير والبركة لا تنفصلي لننصفها اولا كذلك محافظة ميسان انتجت 93 مليون برميل في العام الماضي لكن ميزانية المحافظة مفلسة.

تفاءلوا بالخير تجدوه. ولتقر الميزانية بعد ترشيدها وكما قدمتها رئاسة الوزراء.