هل تغير الموقف الروسي؟

عبد الرحمن الشردوب

هل تغير الموقف الروسي؟

عبد الرحمن الشردوب

باحث في مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية

[email protected]

خبـــر

اتفقت اللجنة العربية الخماسية المعنية بالأزمة السورية خلال اجتماعها مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على خطة من خمس نقاط للبدء في التحرك لحل تلك الأزمة.

وجاء الاتفاق على النقاط الخمس التي صدرت في بيان مشترك للجنة الخماسية وروسيا بعد جلسة مباحثات مغلقة بدأت بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية بالقاهرة. وقال حمد بن جاسم في مؤتمر صحفي مشترك مع لافروف إنه تم تحديد مرجعيات ثابتة لمهمة المبعوث الأممي والجامعة العربية كوفي أنان في سوريا .

تعليق

القارئ لبنود اتفاقية اللجنة العربية الخماسية مع روسيا يجد بعض التطور من حيث الشكل لا المضمون على الموقف الروسي ، وذلك بتوقيع الروس على اتفاقية  كان أبرز ما فيها دعمُ مهمة كوفي عنان لإطلاق حوار بين دمشق والمعارضة السورية على أساس المرجعيات التي اعتمدتها الأممُ المتحدة والجامعة العربية ، والتي تنص بشكل واضح على نقل صلاحيات الأسد لنائبه ، وهو الأمر الذي رفضته روسيا سابقا . ورفعت من أجله الفيتو ممهدة لنظام الأسد اقتحام حمص وقصفها وارتكاب المجازر الجماعية في أنحاء سورية .

هذا الأمر أكّده دبلوماسي عربي في تصريح له - بحسب الحياة اللندنية - بأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وافق على اعتماد المبادرة العربية التي تنصّ على نقل صلاحيات بشار الأسد إلى نائبه ، على أن يكون ذلك ضمن مرجعيات مهمة كوفي عنان

الموقف الجديد لروسيا جاء بعد جلسة شهدت تلاسنات ورداً شديداً من جانب السعودية وقطر على كلمة ألقاها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لم يتغيّر مضمونها عن سابقاتها التي تقف فيها موسكو مع نظام الأسد ، وهو الأمر الذي يثير شكوكا في جدية التغير الروسي في التعامل مع الملف السوري .

إن توقيع الاتفاقية  بعد خطابات حملت بونا شاسعا في وجهات النظر وشهدت بعدها نقاشا حادا من قبل قطر والسعودية قد يفهم أنه تقدير من روسيا لمدى تأثير سياستها  وموقفها السلبي على مستقبل علاقاتها مع الدول العربية وبداية تغيير لموقفها ، وقد يكون نوعا من الدبلوماسية المبطنة والمناورة التي تتيح لنظام الأسد مزيدا من المهل للخروج من الأزمة ، خاصة وأن مضامين بنود الاتفاقية فضفاضة قابلة للالتفاف والتلاعب من جهة وما زالت بعيدة - من جهة أخرى- عن مطالب الشارع السوري الثائر الذي لا يرضى بأقل من إسقاط النظام بكل رموزه ويرفض أي حوار مع نظام الأسد الذي لم يتجاوب مع أي مبادرة إلا بذراعي العنف والتضليل التي يقف عليهما منذ بداية الثورة ، وقد حملت إحدى المبادرات توقيع روسيا عندما  طلبت من مجلس الأمن الدولي الانعقاد من أجل مشروع قدمته للحوار بين نظام الأسد والمعارضة ولم يكن غير مهلة أعطيت لنظام الأسد ضوءً أخضرا للمزيد من القتل الممنهج .

وروسيا وإن اتفقت مع العرب على النقاط الخمس غير أنها ما تزال بعيدة عن مطالبهم ، ولا يعني اقتراب الروس من بعض المبادرات العربية واتفاقهم المبدئي مع العرب على تغير موقفهم المتمسكين به منذ بداية الثورة ، والمتأمل في التصريحات العربية بعد الاتفاق يجد أن ما حدث عبارة عن توافق على الحد الأدنى من نقاط الخلاف ، خاصة دعوة وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم إلى إرسال قوات عربية ودولية الى سوريا ، وقول الأمير سعود الفيصل بوجوب دعم المعارضة السورية وتسليحها ، وهذان الأمران يخالفان جوهر الاتفاق مع روسيا الذي ينصّ على عدم التدويل وإيقاف العنف .

تصريحات حمد بن جاسم وتأكيده بعد الاتفاق مع روسيا على المرجعيات الثلاثة المتفق عليها لكوفي أنان (  قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وخطة العمل العربية ، وقرارات الجامعة العربية ) وما تحمله من إعطاء صلاحيات تتيح نقل الحكم في سوريا لنائب الأسد يطرح تساؤلا مهما حول تمسّك روسيا بالأسد والسيناريوهات المتوقّعة منها فيما لو التزمت بالاتفاقية ، وهل بإمكان روسيا تنحية الأسد بالصيغة اليمنية أو بصيغة تحاول فيها الاقتراب من الموقف الدولي الذي يجمع على أنّ بشار الأسد فقد شرعيته ،وأنّ هناك حاجة ملحّة لتغيير جذري على هذا النظام خشية اندلاع حرب اقليمية في المنطقة .

وبمراجعة الموقف الروسي منذ بداية الثورة لا نلحظ أي تغييرعلى جوهر الموقف ، وأي محاولة روسية لم تخرج عن التغيير الشكلي الذي يعتمد على حسابات براغماتية تنطلق من نظرتها إلى كون نظام الأسد حليفا استراتيجيا يمكن الوثوق به لتحقيق مصالحها وإلى قوة هذا النظام الديكتاتوري على الأرض وقدرته على سحق الثورة الشعبية العارمة ، غير أنّ السؤال الذي يفرض نفسه بقوّة على الروس هو الذي قد يغيّر موقفها : إلى متى سيبقى رهانهم على الأسد ونظامه والوقوف في وجه شعب تعدّى نقطة اللاعودة في مواجهته لنظام فاقد للشرعية ؟!