نعم للتدويل وللذهاب الى مجلس الامن

استمرارا للخيار العربي

محمد خليفة

[email protected]

توجه المجلس الوطني إلى مجلس الامن الدولي غدا خطوة صحيحة تماما , وفي الاتجاه الصحيح أيضا . وأما من ما زال يعارض أو يعترض عليها , فيتعين عليه ان يفحص قواه العقلية وجوارحه , أو نفحص نحن وطنيته , لأنه لم يعد لدينا وأمامنا سوى هذا الخيار التدويلي سبيلا لانتصار شعبنا في مواجهته التي فرضت عليه مع عصابة مجرمة لا مثيل لها في هذا العصر في العالم كله , وحماية أهلنا وشعبنا من الة القتل المتوحشة التي تزيد يوميا معدلات إنتاجها , وكأنها في سباق مع الزمن وهي تنفذ خطة إبادة شاملة وجماعية .

هذه الخطوة تأخرت كثيرا , كان يجب أن تتم منذ ان بدأت عصابات القرامطة الجدد مجازرها في حماة في شهر أعسطس - أب الماضي , ثم في حمص والرستن ودير الزور وادلب وريف دمشق , ناهيكم عن درعا . لكن الحسابات الخاطئة لشطر من المعارضة , وتقاعس الدول العربية والجامعة ورغبتها في تزويد بشار الاسد بفرص ومهل ومبادرات استمرت ثلاثة شهور على الاقل بلا جدوى . فضلا عن إغلاق أبواب المجلس في وجوهنا من قبل ديبلوماسية التشبيح الروسية

وإذا كان التوجه التدويلي في الشهور السابقة خيارا ينافسه ويزاحمه خيار عربي ... فإنه اليوم أصبح خيارا وحيدا اضطراريا حتميا , لا بديل له , لمن يهمه حقن دماء أهلنا في الوطن الذي يذبح من الوريد للوريد , ولمن تؤلمه جرائم القتل الوحشية التي فاقت كل الحدود كما نرى [وليس كما قال الرئيس الامريكي إن معدلات القتل والعنف تجاوزت الحد المقبول , وكأن هناك رقما محددا يسمح لبشار بقتله يوميا .. ليت الرئيس اوباما يوضحه لنا !!! ]

الخيار الدولي اليوم بالصيغة التي يتم بها الانتقال الى مجلس الامن , أي التدويل هو انتقال طبيعي , وتطور تلقائي , بحيث سيكون الخيار الدولي خيار عربي جماعي - ودولي , أي أن المبادرة العربية هي جزء منه ولن يكون هو بديلا عنها . وهذا التطور فرضه رفض عصابة دمشق للمبادرة العربية بكل بنودها , وإصراره على إفشالها , واختصارها في مهمة المراقبين حصرا , ثم تقليص هذه المهمة ومحاصرتها وتقزيمها حتى اصبحت مهزلة يضحك بها الاسد على ذقون العرب وجامعتهم , قبل أن يفشلها تماما مما اضطر نبيل العربي لاعلان تجميدها اليوم .

ولا بد أن نقر قبل كل هذه الموجبات وسواها بأن المطلب الشعبي الوطني الداخلي بصورة شبه إجماعية , كان منذ شهور وما زال ملحا على التدويل , ويطالب المجتمع الدولي والامم المتحدة بالعمل بكل الوسائل لتوفير الحماية وردع النظام الاجرامي ومنعه عن قتل الناس بهذه الطريقة الهمجية , وهذا الموقف المبكر نابع بطبيعة الحال من وعي تجريبي وحسي وعملي واقعي , فالسوريون يعرفون ان نظامهم عصابة مشتركة من اللصوص والقتلة لا تهمهم مصالح سوريا ولا مصيرها ولا مستقبلها , ولن يتخلوا عن السلطة بدون إكراه وقسر والزام من جانب قوى دولية وإقليمية أقوى منهم عسكريا , ويعرفون أنهم كشعب مهما بلغت تضحياتهم اليومية لن تحقق إسقاط نظام الطعمة , ولا حتى إجباره على إجراء أي إصلاح ولو جزئي للاسف

ولا مناص اليوم من تذكير جميع القوى والاطراف الوطنية المعترضة على التدويل والذهاب الى مجلس الأمن أن صاحب القرار أولا وأخيرا هو الشعب السوري الثائر الذي يتحمل اعباء المجابهة الدموية مع النظام , وهو الذي قال كلمته وحسم الخيارات منذ وقت غير قصير كما قلنا . ولذلك فإن التوجه غدا لمجلس الامن هو خيار وطني بامتياز , وخيار يعني الانحياز للانسان أولا على اي عنصر أخر , وينحاز للحياة على حساب القتل والعدم , ويستهدف حماية سوريا من التفكك والاقتتال الطائفي وانهيار الدولة والوطن على رؤسنا جميعا .

ولا بد أن نذكر مجددا تلك القوى المعارضة وسواها أنه ليس كل تدخل خارجي تدخل امبريالي ولذلك لا يمكن رفض كل اشكال التدخل , وقد شاهدنا في العقدين الاخيرين امثلة عن التدخل الإيجابي , إذ لولا التدخل العسكري الغربي لما نجا الشعب البوسني من الابادة , ولولا التدخل الغربي العسكري لما استرد الشعب الالباني استقلاله وحريته وسيادته من الاحتلال الصربي ... وهناك امثلة عديدة في افريقيا .

الامم المتحدة تمثل النظام الدولي حاليا شئنا ام أبينا , ولهذه المنظمة وجوه وادوار ومهام دولية بعضها إيجابي وكثير منها سلبي , ولكننا اليوم نتوسل الدور الايجابي منها ومن ميثاقها , لأنه لا خيار لنا أخر ولا إمكانية للتخلص من هذا النظام الذي هو أبشع وأسوأ وأخطر من أي استعمار خارجي أو أميريالية , بل هو أسوأ من الاحتلال الاسرائيلي , ويهدد بمخاطر وشرور لا تقل عن الصهيونية والامبريالية , إنه يمثل التقهقر والانحدار إلى عصور الطائفية البغيضة والعدمية

نعم فلنغذ السير نحو التدويل .. كاستمرار للخيار العربي , وتحت مظلة عربية واسلامية وأممية