دروس من الماضي للحاضر

عصام العطار

يا إخوتي يا أخواتِي

يا أبنائي وبناتي وأحفادي وحفيداتي..

يا شبابنا الثائر وشعبنا الثائر في سورية

اسمحوا لي بأن أذكَّركم في هذه الكلمة الصغيرة ببعض مفاصل تاريخنا، ومعالم النضال والتحرر في بلادنا، ففي تاريخنا الماضي ما يعلمنا ويبصرنا ويسدد خطانا في الحاضر والمستقبل

زار الجنرال غورو (القائد الفرنسي الصليبي الاستعماري المتعصب) دمشق بعد احتلالها في 24 تموز (يوليو) 1920م، وتوجه مباشرة إلى قبر صلاح الدين الأيوبي (محرر القدس وقاهر الغزاة الصليبيين) فلما وقف على القبر سلّ سيفه ووضعه على القبر بنشوة واستعلاء، وخاطب صلاحَ الدين بروح الغزاة الصليبيين :

Saladin! Salalin! Nous voilá revenus!! ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين

وبدأ غورو بتقسيم البلاد وتجزئتها طائفياً ومناطقياً واجتماعياً فأقام هو ومن أتى بعده في سورية الصغيرة (185،180 كيلومتر مربع) أربع دول، دولة للعلويين، ودولة للدروز، ودولة في حلب ودولة في دمشق، وأنشأوا إدارة خاصة للبدو..

لماذا هذه التجزئة وهذا التقسيم؟!

الجواب بسيط : كي لا تقوم لسورية المقسّمة قائمة ولا تقدر على تحرّر أو نهوض، وكي يضربوا -في حدود حاجاتهم ورغباتهم الكبيرة أو الصغيرة- طوائف سورية وأعراقها ومناطقها وشرائحها الاجتماعية بعضها ببعض، فيضمنوا بذلك عجزها الدائم وتبعيتها الدائمة وهيمنتهم المطلقة عليها على الدوام

وفشل هذا المشروع التقسيمي الاستعماري الاستغلالي بعد أن أقاموه فعلاً على الأرض، واتخذوا لقيامه وترسيخه واستمراره كلّ ما يملكون من الوسائل والأسباب، فما الذي أفشل هذا المشروع القاتل الرهيب؟

أفشله شعور السوريين بأكثريتهم العظمى، شعورُهم بمختلف أديانهم وطوائفهم وأعراقهم ومناطقهم وطبقاتهم بالأخوة الوطنية، والكرامة الوطنية، ونضالُهم المشترك من أجل الحرية والوحدة والاستقلال.. حتى نصرهم الله، فأسلمونا سورية الحبيبة موحدةً مستقلة واثقة بنفسها مُتْرَعة الصدور بأجمل الآمال

يا إخوتي يا أخواتي.. يا شعبنا الرائع في سورية

حافظوا حافظوا على وحدتكم الوطنية، وطهارة ثورتكم النقية من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية وسائر حقوق الإنسان، فذلك هو سبيل انتصاركم السياسيّ والأخلاقيّ والحضاريّ -إن شاء الله-

وإيّاكم ثمّ إيّاكم من الفرقة والانقسام الطائفي، فهذا ما يريده بكم أعداء ثورتكم في الداخل والخارج، وهو لا يتلاءم مع أهدافكم ومقاصدكم السامية العادلة ولا مع مصلحة أي فئة وطنية، ولا أي مواطن حرٍّ شريف من أبناء الأمة والبلاد

هذا درس من دروس الماضي، وثمة دروس ضرورية مُكَمِّلَةٌ أخرى لعلها تجد من يستعيدها للإخوة المشاهدين، ولأبناء شعبنا الكريم

والسلام عليكم ورحمة الله