السقوط المميت عندما تُجرّبُ المُجرّب
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
يقولون في المثل (المجرب لايجرب )
المعارضة السورية والتي ظهرت إلى الوجود بعد اندلاع الثورة السورية وتفجرها فلحقت فيها المعارضة , وطلبت الثورة منها طلبات محددة , تكللت الطلبات في تشكيل مجلس يضم تكتلات سياسية معارضة , وكذلك هيئة التنسيق الوطنية , كتجمعين رئيسيين , متفقان على نقاط رئيسية , من أهمها عدم التدخل الخارجي , وعدم المقاومة العسكرية , وطلب مراقبين عرب لحماية المظاهرات السلمية ,واستمرار الحراك السلمي حتى استجابة النظام لطلبات معينة وبسيطة ترضي هذين التكتلين , وخارج هاتين الكتلتين توجد أحزاب وشخصيات معارضة لاتتفق مع رؤى المجلس وهيئة التسيق , وتتفق مع رؤى الثوار في الداخل .
على الطرف المقابل النظام , يخشى فقط التدخل الخارجي , وكذلك الدول الداعمة له .
في مؤتمر تونس الأخير , كنا نتمنى من المجلس أن يوجه نداء استغاثة لحماية الشعب السوري من المجازر التي يتعرض لها , ولكنه اكتفى ببيان مهزوز لامعنى له , ولم يقدم نتيجة أو خطة تتوافق مع التطورات التي تحصل على الأرض .
يريد حلاً عربياً وهنا السؤال :
متى استطاعت الجامعة العربية حل قضية عربية عبر تاريخ وجودها ؟
فالعرب خذلوا الثورة الفلسطينية 1936 وكانت كارثة قيام الدولة اليهودية 1947 وخيانة القادة والزعماء العرب
1975 دخلت قوات الردع العربية لبنان , ومن ثم تركت لبنان للجيش السوري يفعل فيها مايشاء
1982 مجزرة ذلك العصر في حماة , لم يسمع ولا صوتاً واحداً نطق في الجامعة العربية يعبر عن امتعاضه حتى , مع مئات الالاف من المهجرين والمعتقلين , وكأن الشعب السوري لاوجود له على الاطلاق
1990 اجتمعت الجامعة العربية وأقرت جلب مليون جندي أجنبي لبلادها , بحجة تحرير الكويت , ولم تكلف نفسها بالسعي لحل الأزمة عن طريق بوس الشوارب بين العراق والكويت
2003تعاونت الجامعة العربية مع أمريكا لاحتلال العراق , وسحبت يديها وسلمتها لايران
في الثورة الليبية , كل مافعلته الجامعة العربية , هو طلب من المجتمع الدولي التدخل لوقف قتل المدنيين فيها
عمل الجامعة العربية المتواصل مع الأزمة السورية هو مهل وبروتوكولات وتمديد وانتظار , وعندما لمح بعضهم بتحويل الملف لمجلس الأمن , سارع النظام للتوقيع على البروتوكول , وبعد التوقيع على البروتوكول , كان معدل القتل اليومي كحد وسطي ثلاثين شهيداً , الحد المسموح لهم فيه , من الشعب السوري , ولكن بعد التوقيع البارحة ,المنظور منها فاق ال140 شهيداً , وتتضاعف عدد الشهداء في اليوم الثاني
فمجرموا سوريا وبعد التوقيع على البروتوكول , وعدم ارتباطه بمبادرة الجامعة العربية حسب وجهة نظرهم , أعطى لهم الفرصة لمزيد من القتل ومزيد من البطش والاجرام بحق هذا الشعب الأعزل , وتساوت الجامعة العربية والمعارضة السورية في سقوطهما السريع أمام الشعب العربي بشكل عام والشعب السوري بشكل خاص , في أن كلا الفريقين عاجزين عن تقديم الحماية وحقن دماء الشعب السوري , واكتفا الفريقان بالمراقبين , وقد رقص له النظام طرباً , على آلاف من جثث الأبرياء .
المعارضة تجرب مجرب , والجامعة العربية تجرب كاذب , والذي لم يصدق في موقف أو كلمة قط يجربون المجرب
ليس المهم أن تتعثر وتسقط أرضاً , أو أن تسقط في امتحان ما , أو تزل يوما فتقع , ولكن المهم في السقوط هو أن تسقط من أعين الناس , عندها لن تجد وسيلة للنهوض بعدها أبداً.