هي الحياة.. هكذا

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

تساؤل على صفحات الثورة السورية  , باسم إشراقة الفجر

تساؤل ما قبل العاصفة

برسم الثوار والثائرين ((فقط ))الذين يتم قتل واعتقال وتشريد اهلهم وبلدانهم وليس الناس النائمين في ظل النظام وحجره الامنين بسبب سكوتهم وممالأتهم للنظام وظلمه واستبداده والمطالبين بتجميل وجه النظام القبيح واصلاحه:

في حال استمر:

القتل والتنكيل باهلنا المنتفضين نحو الحرية 

هدم البيوت وحرقها وتشريد اهلنا 

استمرار عصابات الاسد بالخطف والاغتصاب والتخريب المتعمد لاساءة سمعة الثورة

بدأ مسلسل جمع المال: طلب الفدية للمخطوفين --اطلاق سراح المعتقلين بالمال- ابتزاز الميسورين باعنقال ابناءهم - بيع السلاح المعطل للمظلومين طلبة الانتقام ثم ملاحقتهم.

التنكيل باهالي الناشطين واقرباؤهم

تصفية السجناء والمنشقين من اشراف ابنائنا

الالتفاف على بروتوكول الجامعة وزرع العصابات الاجرامية المتوقع تصنيعها الان

ماذا انتم فاعلوووووووووووووووووون افيدونا؟؟؟؟؟؟؟؟

فكل ماذكر أعلاه إن هو إلا قليل من فيض يعم سورية منذ نصف قرن قد مضى , وقد كتبت البارحة مقالاً بعنوان هذا هو قدر الثورة السورية , فلو أخذنا جانباً من معنى القدر , والمقصود فيه بشكله العام هو قدر الله تعالى وقع علينا , وعندما يقع القدر ومهما كان قاسياً , فلا سبيل أمام المقدور عليه إلا الصبر والبحث عن رفع تأثيره عليه , أو الاستسلام التام والذي يكون نتيجته الضعف واليأس وفقدان الحياة , كالانتحار أو قتل النفس أو الجنون .

فقد يقول قائل , كونه قدر وقع , فليس هناك وسيلة لدفعه , إلا عندما يرفعه الله عنك , فليس هناك اعتراض عندي على ذلك بإطاره العام , ولكن الله تعالى ربط إزاحة القدر هذا , بوجود قدر آخر , عليك البحث عنه , وعندما تبحث عنه , عندها يعينك الله في رفع قدره عنك بقدر آخر يكون خيراً لك , توضيح :

أثار تساؤلي آية في القرآن الكريم منذ عدة سنوات , وكأنني قرأتها لأول مرة في حياتي , والتي تتحدث بما معناه , أن الله خصص للإنسان ملائكة لتحميه من قدر الله , فعجبت للأمر وفكرت فيه طويلاً وسألت البعض فلم أجد جواباً شافياً ,ولكن حادثة بسيطة وقعت معي, بينما كنت أسير في الشارع قفزت حصوة صغيرة ودخلت داخل حذائي , وكرهت خلع الحذاء ونزعها منه , وقبل وصولي لرأس شارع فرعي وقفت , ونزعت الحذاء واستخرجت الحصى , وفي وقوفي هذا جاءت سيارة مسرعة من الفرع الجانبي وقد فقدالسائق السيطرة عليها وصعدت على الرصيف الذي أقف فيه , بعيدة عني بضعة أمتار , ونجوت من الحادث بقدر الله مقابل قدر كان سيهلكني .

فالذي أريد الوصول إليه هو أن هذه الحياة , وأخص هنا حياتنا كبشر , كلها مبنية على قوانين سببية , فعل ورد فعل , اغتنام الفرص , البحث في المعلوم والمجهول , الحركة المستمرة , الشك ,حسن وسوء الظن .

نجد الكثير من الناس والذين يحسبون أنفسهم أنهم يتحدثون بإيمان خالص يقولون عبارة (لن ننتصر إلا عندما نتق الله ) , ويعتقدون أن تقوى الله تكمن في العبادة والدعاء والصلاة ) وينسون أن تقوى الله تعني هو الأخذ بالأسباب , فمع الاخلاص لله والأخذ بالأسباب تكمن عوامل القوة والنصر

فالله تعالى لم يخصص موارد الحياة وعطائها وقوتها لعباده المؤمنين فقط , وإنما خصصها للجميع (كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا ) .

فالعصابات الحاكمة في سورية استخدمت كل السبل والوسائل , والتحايل والبطش وتصفية كل من كان يخيل إليها ستكون خطراً على وجودها , وبطشت بأقرب الناس لديها , والمجتمع السوري بغالبيته كان مابين الساكت على الباطل , وبين المساعد لهم حتى وصلوا لمرحلة قوية جداً , سيطرت على كل شيء في البلاد , وعلى الناس والشجر والحجارة وحتى على حركات الأنفاس , وقال زعيمهم أنا ربكم الأعلى ,فصفقوا وحمدوا ومنهم من سجد وعبد وحمد , واعتاد الناس على هذه الحياة , ورضخ لها عقوداً متوالية , حالهم حال الشعوب العالمية عبر عصور التاريخ , ويستسلمون لقدرهم , إلا في أصوات تكون شاذة تسمع هنا وهناك , معترضة على ذلك , وفي هذا السكون الطويل , قد يخرج صوت طفل أو مجنون , أو فيلسوف , وفي الماضي يظهر نبياً , بثورة على السكون لتعم الحركة , وفيها يصبح الدم متدفقاً , والقتل والظلم مكشراً عن أنيابه , يريد العودة للسكون السابق , ولكن البركان قد انفجر , والاعصار بدأ والطوفان اجتاح المكان .

هذه هي الحياة دائما ياإشراقة الفجر وما بعد العاصفة , حتماً الخير والعطاء وبناء جديد في تاريخ الحياة .