بابا المسلمين المنتظر 4

د. عبد الرحمن المحمود

د. عبد الرحمن محمود المحمود

 عود على بدء , لكي تكون لنا مرجعية عالمية واحدة نحن المسلمين , علينا أولا استبعاد التفكير في شخص طبيعي نهائيا , لا بابا ولا ماما وذلك للأضرار الفادحة التي سنجنيها من ورائه , والتفكير في منظمة قوية قادرة تتداعى لها دول العالم بالتآزر والتعاون , واذا كان لنا في منظمة التعاون الاسلامي أمل , فعلينا نقل مقرها الى عاصمة احدى الدول الصاعدة بقوة على المسرح السياسي العالمي كقطر أو تركيا أو ماليزيا ( وحتى مصر أو ليبيا بعد أن تهدأ الأوضاع فيهما وتتبوأكل واحدة منهما مكانتها اللائقة بين الأمم ) وأنا وان كنت أميل الى الدوحة عاصمة دولة قطر , فليس هو بميل عاطفي لانتمائي لهذا البلد , وهو مجرد رأي على كل حال يخطيء تارة ويصيب , , ولكنه ميل منطقي حسابي احصائي لما قدمته قطر وما سوف تقدمه للعالم من انجازات , ولنا في ذلك أمثلة كثيرة كأعمال الاغاثة التي تقدمها قطر لا على المستوى الشعبي بل والرسمي ,فالجيش القطري قام بأعمال انقاذ واغاثة في كثير من دول العالم ابتليت بنوائب ونكبات (في الوقت الذي تمارس فيه جيوش الطغاة العدوان والبغي على شعوبها!!) , هذا خلاف النشاط السياسي لحل مشاكل الدول الأخرى والنشاط الاقتصادي للمساهمة في مشاريع تنموية في العالم والأمثلة أكثر من أن تحصى وما خفي منها أضعاف 

 أما اذا ما أبقينا على الوضع الراهن لمنظمة العالم الاسلامي بكل القيود المكبلة لها , فليس هناك من مفر من ايجاد مرجعية أخرى ذات فعالية أقوى ونشاط أكبر , فمسئولية المسلمين الذين يذبحون ويهجرون من ديارهم وتغتصب حقوقهم أهم وأعظم وأجل من أن تحجبها مجاملات 

 ومرجعية المسلمين المقترحة بأي صورة من الصور , لن يكون هدفها الأساسي الدفاع عن المسلمين فقط , بل أيضا الدفاع عن الأقليات العرقية والدينية الموجودة في ديار المسلمين , فلماذا وهم مواطنون يلجأون الى دول أجنبية أخرى للدفاع عنهم ان تخاذلت حكوماتهم عن القيام بواجباتها نحوهم؟! لذا فالهدف الأكبر هو الدفاع عن المسلمين أينما وجدوا , وعن الأقليات الأخرى في بلاد المسلمين , ثم تأتي التفاصيل بعد ذلك في التنمية والتعليم والمشاريع الاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها 

 هذا على مستوى الاطار العام للمسلمين عموما بكل مذاهبهم , أما المرجعية الفقهية المفقودة لأهل السنة حتى الآن (ذكرنا أن الشيعة الجعفرية قد حسموا أمرهم واختاروا مرجعهم ) فانني لا أرى في الأفق غير الجامع الأزهر لأن المجامع الفقهية الأخرى في بعض الدول الاسلامية قد حصرت أنشطتها في دولها ولا يعنيها أمر المسلمين في الدول الاخرى على اعتبار أن لكل دولة مرجعيتها 

 الجامع الأزهر كان لد دور عظيم في الدفاع عن ديار المسلمين , ولقد لمست أثناء جولاتي في دول العالم الأعداد الكبيرة من الذين تخرجوا منه وعلى نفقته , ولكن تم تكبيله وتحجيمه وذلك بجعله مؤسسة حكومية تخضع للقوانين المحلية مما حد كثيرا من نفوذه العالمي ونشاطه , ولكن لنا وطيد الأمل بعد الثورة المباركة في أن يستعيد دوره السابق على مستوى العالم , وأملي هذا نابع من مؤشرات خرجت من الأزهر أهمها تلك الوثيقة الوطنية الجامعة المانعة التي وضعها خيرة علماء مصر من مجالات مختلفة , وكذلك الوثيقة الاسلامية التي دعى شيخ الأزهر علماء الأمة الاسلامية للمشاركة في وضعها لتكون قاعدة ينطلق منه العمل الاسلامي المشترك , وهكذا تصدى الأزهر الشريف لدوره بعد أن تخاذل الآخرون .