سياسة الاختيار بين الحزبية والوطنية 4

د. محمد جمال صقر

[email protected]

استقمت في الصف صامتا، فأبى من خلفي إلا أن يتكلموا فيمن يختارون ولا سيما أن مندوبي المرشحين سارحون بين الجماهير المحتشدة أحرارا بعُرْفٍ قانونيٍّ يلغي القانونَ غيرَ العُرْفيِّ!

- أنا حفيد فؤاد سراج الدين، ولا يمكنني أَلّا أنتخب الوفد.

- أهلا بك! إن الوفد تاريخ مشرف وذكريات عطرة ومآثر كبيرة، ولقد أفضى إلى ما قدم، ولم نحضر اليوم لتَحْنِيط الحاضر!

- وخالي إسلاميّ نشيط.

- والخال والد!

- بل لي خال إسلاميّ نشيط آخر.

- اثنان على واحد!

- ولكنني مرشد سياحي، معطل عن العمل منذ أشهر، يمنعني من انتخاب الإسلاميّين ما سمعته عن قادتهم في خمر السياح.

- وماذا قالوا؟

- وعد بعضهم بمنعهم منها تماما، وتغاضى بعضهم مع منعهم منها في الداخل عن اصطحابهم لها من الخارج!

- "خمرتك في جيبك"! ما أشبه "التغاضي عن اصطحابهم لها من الخارج"، بالمُلَح (النكت)!

- أنت مدخن، وهم مدمنو خمر، وكلا التدخين والخمر حرام؛ فهل تستطيع أن تمتنع عن التدخين لتمنعهم عن الخمر وهي حياتهم؟

- مكروه لا حرام.

- بل أفتى نصر فريد واصل بحرمته صراحة، فتوى موثقة معلقة في المساجد.

- وإذا مُنِعْتُ من التدخين امتنعتُ؛ فلماذا لا يلتزمون عندنا بقوانيننا، مثلما نلتزم عندهم بقوانينهم؟

- طلب مني أحد السياح زجاجة خمر، فقلت له اطلبها من خدمة الفندق! فلما أصبح سألني عن ذلك، فقلت له: نحن المسلمين تَحْرُمُ علينا الخمر وأعمالها، ومنها حَمْلُها إلى شاربها.

- موقف مُشَرِّف، ولا يملك له إلا تقديرك.

- أتدري، ربما انتخبت الإسلاميّين!