العقوبات العربية على النظام السوري

(وجهة نظر)

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

كثيرون من المحللين السياسيين والاقتصادين العرب , عندما سؤلوا عن تأثير هذه العقوبات , كان جوابهم ينحصر في الآتي :

1- سورية معتادة دائماً على الحصار الاقتصادي وبالتالي لن يكون لهذه العقوبات تأثير يذكر

2- كثير من الدول مورس عليها الحصار الاقتصادي ولكنها لم تُسقط الأنظمة فيها , كالعراق وكوريا الجنوبية وكوبا , وإيران .

من الناحية النظرية فهذا الكلام صحيح , إن كانت الحالة السورية الحالية متشابهة , كما كانت في السابق , ولكن الواقع يشير لعكس ذلك ,وفي نفس الوقت عدم تشابه الوضع السوري الراهن مع الوضع الدولي للدول التي حوصرت اقتصادياً ولم تسقط أنظمتها .

عندما تعرضت سورية لحصار اقتصادي في الثمانينات , كان الوضع الداخلي يميل للاستقرار , ولم تكن هنالك ثورة شعبية , والجيش السوري كان محتلاً للبنان يصول ويجول فيها , وتحت مسمى قوات الردع العربية , ومواجهة اسرائيل .

في ذلك الوقت كان لزاماً على دول الخليج دفع النفقات المترتبة للنظام السوري ومعهم ليبيا والعراق , والعراق كان يدفع للنظام السوري سنوياً حوالي مليار دولار , وآخر دفعة استلمها النظام السوري من العراق هي سنة 1983 والبالغ مقدارها على ماأذكر (882) مليون دولار , مع أن العراق كان وقتها في حربه الشرسة مع إيران , وحافظ الأسد كان يأخذ المال من العراق والدول العربية , ويمد طهران بالأسلحة والمواد الغذائية ضد العراق .

فلو كانت العقوبات الاقتصادية والسياسية التي ستطبق على سورية , مصدرها الدول الغربية , فالتأثير سيكون قليلاً جداً , ولكن الحصار هنا يأتي من الدول العربية ومن تركيا المجاورة لسورية , وفي نفس الوقت توجد ثورة شعبية شاملة في الداخل , ووقوف إيران لجانب سوريا لن يكون له ذلك التأثير الايجابي الكبير , نظراً للصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها , وفي نفس الوقت يلفها الحصار وتزداد شدته يوماً بعد يوم , مما جعل الحكومة الايرانية , تناشد الشعب الايراني في التقليل من الاعتماد على العملات الأجنبية , في مقابل التدهور لحاصل للعملة الايرانية وارتفاع التضخم بشكل كبير جداً .

هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى , فخسائر النظام من حملاته الأمنية وصلت حتى الآن بحدود ستة مليارات دولار , وهنا يكون نزيف داخلي حاد , مع عدم ايجاد تعويض لهذا النزيف .

والشيء المهم في هذه العقوبات هو :

أنه قد رفعت الدول العربية الغطاء بشكل كامل عن النظام , وأصبح الطريق ممهداً أمام الضغط الدولي , وكما تشير المعلومات المتسربة , في أن أركان النظام يتلقون رواتب شهرية من قبل دول الخليج , وفقدان هذه المبالغ الضخمة , وتضرر مصالح المستثمرين ورجال الأعمال والداعمين لهذا النظام حتى الآن , فلن يجدوا أمامهم مناصاً من ركله والبحث عن مظلة أخرى تكون فيها فائدة أكبر لهم .

كشاهد حي على الحصار الذي تعرض له العراق , لقد وصل النظام للإنهيار الحتمي بعد سنتين من الحصار , والذي صبر الناس على الحصار هو البطاقة التمونية , فهي التي حمت الناس من المجاعة , ولكن مع بداية سنة 1983 لم يعد بإمكان الدولة تأمين مواد البطاقة التمونية والتي كانت في حينها (نصف كيلو سكر +ثلاث كيلوات من الدقيق والمخلوط بمواد كلسية وقش التبن ونوى التمر +كيلو ونصف من الارز ) , وعندها جرت المحادثات بين الحكومة العراقية والأمم المتحدة (النفط مقابل الغذاء ) والذي جعل الحكومة العراقية مستمرة عدة سنوات بعدها , مع أنها كانت مستقرة داخلياً .

أعتقد ان هذه العقوبات هي قاصمة لهذا النظام المجرم , مهما حاول التكابر حالياً

وحتى يتم الانتهاء من هؤلاء المجرمين واسقاطهم , فشباب وشابات الثورة ومعهم جيشهم الحر سيمحقونهم في القريب العاجل إن شاء الله تعالى .