مصر لن تكون "موكوسة"!!

مصر لن تكون "موكوسة"!!

حسام مقلد *

[email protected]

لا نفهم سر هذا الإصرار العجيب على جعل مصر موكوسة منحوسة بعد ثورة 25يناير، فبدلا من إنهاء الفترة الانتقالية وتسليم السلطة بأسرع ما يمكن؛ لدفع عجلة التنمية وإطلاق مسيرة البناء والتعمير في كل ربوعها هناك أيادٍ أثيمة تسعى سعيا حثيثا إلى انتكاس ثورتنا، وتعويق مشروع نهضتنا الوليد الذي نريد أن نعبر من خلاله إلى آفاق واسعة من الازدهار والتقدم والرخاء، وكأن ستة عقود من التخريب والتدمير والتجريف لم تكن كافية لجعل مصر خرابا يبابا، وكأن قدرنا أن نظل نتنقل من احتلال إلى نكسة إلى خيبة ووكسة!!

لقد نجحت ثورتنا وسقط رأس النظام منذ أكثر من تسعة أشهر، ورسم لنا استفتاء19مارس خارطة طريق واضحة لإنجاز أكبر تحول ديمقراطي حقيقي في التاريخ المصري، وتعهد المجلس العسكري بنقل السلطة في ستة أشهر، وقال لنا رجالاته إنهم يؤمنون بالتخطيط العلمي، ووضع المهام ضمن أطر وجداول زمنية دقيقة ومحددة تمكنهم من تحقيق الأهداف المطلوبة وبلوغ غايتهم على أفضل وجه ممكن، ووثقنا فيهم وصدقناهم، ومن حقنا أن نتساءل في حيرة: ما الذي تم إنجازه عمليا كي نقترب من بناء الدولة المدنية القوية التي نريدها؟!

في الواقع لم نفعل أي شيء حتى الآن، بل لم نستطع أن نكون مثل تونس التي قطعت شوطا كبيرا في مسيرة نهضتها بعد الثورة!! فلا نزال نتخبط فيما يحاك لنا من مؤامرات وفتن وصراعات، وكلما انقشعت غمة، وأطفئت فتنة، أدخلنا تقاعُس المجلس العسكري في غيرها، فبعد بروفة الفتنة الطائفية في قرية صول، اندلعت فتنة الجمل (الدستور أولا) ولم تكد تهدأ حتى اشتعلت فتنة (ماسبيرو الطائفية) التي أوشكت أن  تحرق البلد بأكملها وتأكل الأخضر واليابس، ولكن الله سلم، ولم يكد المصريون يتنبهون لقرب الانتخابات البرلمانية، ولم يكد يهدأ غبار فتنة (الدستور أولا) حتى اندلعت فتنة السلمي (وثيقة المبادئ فوق الدستورية) ويتساءل المصريون في استياء بالغ: من الذي يمكر بنا وبثورتنا بهذا الشكل الخبيث؟! من الذي يتلاعب بنا ويستخف بعقولنا بهذا الشكل المؤسف؟! وهذا المجلس العسكري الذي وثقنا فيه وحملناه أمانة الثورة لماذا يسمح بهذا التلاعب بمشاعرنا والاستخفاف بعقولنا؟! ووزارة داخليتنا أين ذهبت؟! ومن هو ذلك العبقري الذي تمكن مؤخرا من اختراع طاقية الإخفاء وقام بإلباسها بصورة جماعية مذهلة لمئات الآلاف من قوات الشرطة المصرية فاختفت فجأة وبشكل جماعي في ظروف غامضة إبان عنفوان الثورة ولم تعد حتى الآن؟!

ولماذا يخشي البعض (بمن فيهم المجلس العسكري) فوز الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية القادمة أوَ ليس من حق المصريين أن يقولوا كلمتهم ويختاروا من يشاؤوا ثم يعاقبوه إن أخفق؟ أليست هذه هي الديمقراطية؟! فلِمَ الحجر على الشعب المصري ومحاولة إلهائه والضحك عليه وسلبه ثورته المباركة؟!

إن المصريين لم يقوموا بثورتهم لاستبدال وجوه بوجوه، فلم تكن المشكلة فقط في مبارك ورجال نظامه المستبد، بل المشكلة في المنظومة بكاملها التي نخرها سوس الفساد، فمن هؤلاء الشياطين الذين يريدون إعادة إنتاج نفس النظام؟! من أدخل في عقول المجلس العسكري وبعض القوي السياسية أن المشكلة في التيارات الإسلامية؟! إن جموع المصريين من إسلاميين وعلمانيين يتوافقون حول إقامة دولة مدنية حديثة في مصر وليست دولة عسكرية قمعية فمن هؤلاء الأشرار الذين شتتوا شملنا ومزقوا صفوفنا ويحاولون دفع المجلس العسكري إلى النكوص عما وعدنا به؟! من هؤلاء الأبالسة الذين يريدون سرقة ثورتنا وتعويق مسيرتنا؟! لكن لن تصبح مصرنا الحبيبة موكوسة أبدا، بل ستظل بإذن الله تعالى محفوظة محروسة!!

                

 * كاتب إسلامي مصري