المبادرة العربية ومراهنات الاستجابة من قبل النظام السوري

المبادرة العربية

ومراهنات الاستجابة من قبل النظام السوري

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

لعلي قد أختلف مع الكثيرين حول تقييم هذه المبادرة , وهذا لايعني صحة رأيي بقدر مايعني وجهة نظر , تتعارض مع وجهات نظر أخرى .

1-    لنعد لقراءة نص البيان من قبل رئيس اللجنة العربية السيد حمد بن خليفة , وزير الخارجية القطري , فالملاحظ من طريقة إلقاء البيان وإعلان الموافقة من قبل الحكومة السورية , قبل التطرق لمضمون المبادرة , نلاحظ أمر أً لم نعهده في أية مبادرات تصالحية أخرى , وإنما يظهر رئيس اللجنة في بيانه هذا عبارة عن أوامر محددة وعلى المعنيين تطبيقها فوراً , وكأن الوزير يلقي بتوجيهات وتعلميات لأعضاء وزارته وليست قابلة للنقاش .

2-    ثارت تكهنات كثيرة قبل عرض الموافقة وخلال اليومين الماضيين عن أن نظام القتلة السوري سيقوم بطلب تعديلات على المبادرة , وقد يشترط بعض الشروط حتى , وبعد موافقة اللجنة , سوف يقومون بالموافقة على المبادرة , وكانت النتيجة عكس تلك التوقعات , وتمت الموافقة عليها بنصها الكامل .

3-    منذ انطلاق الثورة وحتى الآن لم يعترف النظام ولا أبواقه بوجود ثورة ولا بوجود مظاهرات جماهيرية ولا بمعارضة خارجية , وإنما هم مجموعة من العملاء والخونة والمجرمين ومطلوبين للعدالة السورية , وبقبوله المبادرة هنا , فقد أسقط كل ادعاءاته السابقة , والتي كان يزعم فيها عن وجود عصابات مسلحة , ليعترف أخيراً بوجود ثورة ووجود معارضة وهو على أتم الاستعداد للجلوس على طاولة الحوار .

4-    يعتقد البعض أن بشار لن يف بتعهداته تلك وموافقته على المبادرة , لأنه معروف للجميع يقول ولا ينفذ ويعد ولا يوفي , وقد وصفه حسني مبارك المخلوع , فقال إنني لاأثق ببشار الأسد فهو لم يستطع أن يتخلى عن باطنيته , في أنه يفعل عكس مايقول .ولكن كما أتصور ويميل حدثي إليه أكثر , فإن بشار الأسد هذه المرة سيلتزم بالاتفاق , والناتج عن أنه انعدمت الحلول أمامه وصار في زاوية ضيقة , ولا يمكنه المراوغة بعد الآن , ولم تعطه المبادرة مهلة , فإما أن ينفذ , وإن لم يلتزم بالمبادرة , فلم تكن هنالك ضمانات لتنفيذها , وهذا جيد من حيث عدم ذكر الضمانات , لأنه سيصبح الأمر مفتوح على كل الاحتمالات ومنها التدخل العسكري المباشر , وهنا عائلة بشار لن تجد أمامها إلا هذه الفرصة لتخرج من ورطتها والتي صنعتها لنفسها بأقل الأضرار .

5-    الوضع بعد تطبيق وقف العنف سيعطي زخماً قوياً للتظاهر السلمي والاضرابات والاعتصامات , وقد نجد أنفسنا أمام حلين :

الأول : تضحية أركان النظام بعائلة بيت الأسد واسقاطه وقد يكون انقلاباً أبيضاً أو دموياً لتحافظ الطائفة الحاكمة على مكتسبات قادمة وضمانات حقيقية , في ان المسئول عن تلك الجرائم محصورة ببعض الأسر المتسلطة والتي ساندت بيت الأسد .

الثاني :هو تخلي بشار عن السلطة بسبب الضغوط الداخلية والخارجية وانتقال السلطة سلمياً على النمط التونسي , في حوار مستقبلي تحت سقف مبنى الجامعة العربية , لأن وجود عائلة المجرم في السلطة بعد الآن أصبح مستحيلاً , ولن يقبل بوجوده الشعب السوري ولو ذهب في سبيل نجاح الثورة مئات الآلاف لاسمح الله , فالجيش السوري الحر ستقوى شوكته وسيجد من يدعمه داخلياً وخارجيا على المستوى العربي والدولي .

فالنظام لايمكنه التحايل , ولا يمكنه المراوغة , وبنود المبادرة واضحة المعالم , سحب الجيش والمسلحين من الشارع اطلاق سراح الأسرى فوراً السماح لكافة الإعلام بالدخول الحر لكامل المناطق السورية , وإن نقضه ومراوغته على أي بند من البنود لن تقدم له سوى العزلة والضغط الدولي والعربي , ومن وجهة نظري لقد انتهى هذا الطاغي ولكن قبل أن ينتهي بالكامل لابد من الضربة القاضية والمطلوب من الثوار الآن بشكل خاص والشعب السوري بشكل عام هو :

1-    المطلوب من شخصيات مستقلة وهيئات انقاذ وطنية ومجلس وطني في الخارج وجمعيات حقوقية وإنسانية وإعلامية استنفار كامل وتعبئة شاملة لمخاطبة العالم , ودعم الجيش الحر بكل الامكانيات لتنظيم صفوفه , وعقد اتفاقيات دولية مستعدة لدعمه مادياً وعسكرياً ولوجستياً خلال هذه الفترة في حال لم يلتزم النظام بالمبادرة لتكون الضربة العسكرية القاضية , من قبل أبناء جيشنا الأحرار وبمساعدة الثوار في الداخل .

2-    حمص البطلة وشعبها الحر الأبي هو النموذج والعلم المرفرف على الثبات والصبر على الشدائد لكل المدن السورية , كما هي محافظة ادلب وجبلها الأشم , وريف دمشق وشعبها الحر الأبي , ودرعا البطلة وشعلة الثورة فيها وحماة العزة , وبانياس البطلة , ودير الزور الأبية , وجبلة واللاذقية , وريف حلب وعندان وتل رفعت الحر الأبي

3-    فبصبر هؤلاء وثباتهم وأنوار متعددة من قلب دمشق والمحافظات الأخرى ليكون مجدها كمجد حمص وجبل الزاوية ودرعا وحماة , لتخرج كل المدن السورية , ولكم في صمود حمص خير دليل , ليكون النصر القريب ولن يطول بعد الآن بعون ومشيئة الله تعالى .