النظام السوري بطش ضد الأبناء

حلم مع الأعداء!

م. محمد حسن فقيه

[email protected]

إن بطش النظام السوري وعسفه ضد أبناء وطنه  من الشرفاء والأحرار، وجرائمه البشعة التي ارتكبها بحق مواطنيه فاقت كل التصورات ، ولم يعد محصورا معرفتها من قبل أبناء الشعب السوري المقهور فضلا عن إدانتها واستنكارها  بل امتدت شهرتها ووصلت أخبارها وتناقلت أحداثها  ووزعت لقطاتها  وانتشرت تسجيلاتها في جميع أنحاء العالم ، وقد  قرأحقيقة هذا النظام  وفهمه وأدرك حقيقته جميع المنصفين من بني الانسان كانوا ما كانوا وأينما كانوا .

لم تقتصر جرائم النظام الأسدي في مدينة معينة ، أو طيف اثني  أو مذهبي ، ولم يتوقف عند فئة عمرية معينة ولا عند جنس محدد ، لقد شملت جرائم هذا النظام جميع المحافظات والمدن السورية من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها وعمت جميع أطيافه ، وما زال العالم ينظر إلى هذه الجرائم الوحشية عن كثب على خجل أو استحياء ، إلى نظام قد نزع عن وجهه برقع الحياء وجفت من عروقه الدماء ، فلم تنجح مساعي منظمات حقوق الانسان والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي لإدانة هذا النظام المجرم .

إن ما قام به النظام من جرائم ضد أبناء شعبه على مدى عمر الثورة السورية  تعتبر بأبسط المعايير جرائم  ضد الانسانية ، فلم يوفر هذا النظام وسيلة من وسائل القمع والاعتقال والقتل والتنكيل والتعذيب حتى الموت والتمثيل بعد الموت وقبله ! وتعميم الجريمة لتطال أهل الناشط وذويه ولو كان أهله عجوزين مسنين ، أو فتيانا صغارا أو أشبالا بعمر الورود ، أو بنات وصبايا من أصحاب الخدور .

إنه من الصعب بمكان أن يتم حصر جرائم هذا النظام التي يرتكبها بشكل يومي في جميع مدن وقرى الوطن ، ابتداء من طلاب المدارس في درعا من الأطفال الذين سلخت جلودهم وشوهت أجسادهم ونزعت أظافرهم ، إلى الطفل حمزة الخطيب - وأخته هاجر- الذي مثل به النظام بطريقة ساديّة فظيعة ، بعد أن قتلوه تحت التعذيب وقطعوا أعضاءه التناسلية ، إلى قرية البيضا في بانياس وما حدث بها من تنكيل وتعذيب وإذلال وإهانة وقتل للعجائز من النساء ، إلى جسر الشغور التي حولوها إلى مدينة أشباح بعد أن اغتصبوا النساء ونهبوا المحلات وقتلوا البهائم وأحرقوا الزرع وهجروا أهلها ، والمضحك في الأمر من شر البلايا عندما أطلقوا تظاهرة تأييد للنظام في مدينة الأشباح المنكوبة جابت شوارعها البائسة الحزينة بعد المذابح والمجازر، جمعوا شتاتها وفبركوها من عناصر الأمن والشبيحة من القرى الطائفية المجاورة ، وقبل جسر الشغور في تلكلخ  ومن قبلها في درعا ومدنها وبلداتها وقراها ، وبعدها في حمص وحماه وديرالزور والرستن وتلبيسة والحولة ودوما وسقبا وحرستا والتل والميدان والمعرة وإدلب وجبل الزاوية وبنش ... وغيرها الكثير الكثير ، ولا يعلم إلا الله ما سيتبعها من مجازر وبطش وانتهاكات ، ولم يكن هذا البطش والعسف بدعا جديدا ظهر كردة فعل على الربيع السوري والاحتجاجات الشعبية ، إنما هو طبع متأصل ونهج قديم واستراتيجبة سياسية بطريقة بوليسية وجدت مذ وجد هذا النظام الشمولي ، وقد تجلت جرائم هذا النظام وبلغت أوجها في ثمانينيات القرن المنصرم حين أقدم هذا النظام الفاشي على جريمته الفظيعة النكراء داخل سجن تدمر الصحراوي في حزيران 1980 ، والتي أقدم فيها على قتل المعتقلين السياسيين داخل السجن من خيرة شباب الوطن ومثقفيه وكفاءاته الأحرارفي سابقة غير معهودة في عرف الجريمة وقاموس السفاحين والقتلة ، وقد ذهب ضحيتها ما يزيد عن ألف مواطن ، إلا أن الجريمة الأنكى في التاريخ الحديث والتي تسمى بحق مأساة العصر ، كانت مجزرة حماة والتي ذهب ضحيتها ما قدر بأربعين ألفا من المدنيين ، الذين قضوا تحت قصف المدافع ونيران الرشاشات وقذائف الدبابات وراجمات الصواريخ وقذائف الطائرات .

إن المقام لا يتسع لسرد وتعداد جرائم هذا النظام السفاح ، إلا أنني سأقف للمقارنة بين ردة فعل النظام وممارساته القمعية ضد أبناء سورية الأحرار، وبين تعامل الشبيحة والأمن الأسدي مع السفير الأمريكي ، الذي زار المعارض حسن عبدالعظيم في مكتبه بدمشق ، والذي يمارس معارضته تحت سقف النظام ، أي بشكل آخر لا يسمح له بالمعارضة أصلا ويختفي في لحظات من وجه البسيطة ، إن تجاوز حدوده وعبر عن نبض الشارع وردد هتافاته العفوية في إسقاط النظام ومحاكمة الأسد .

لقد قام شبيحة الأسد برمي السفير الفرنسي بالبيض والطماطم ( البندورة ) تعبيرا عن استنكارهم لزيارته ، بسبب تدخله في شؤون سورية الداخلية .

عجبا هل تحول النظام السوري إلى نظام سلمي ديمقراطي يعبر عن احتجاجاته بهذه الطريقة الراقية ضد من يصفهم بالأعداء ، ويلقي عليهم تهمة قيادة المؤامرة ودعم المندسين وتأييد الإرهابيين ، هل هكذا يعامل محرك  ومشعل الفتنة وداعم الإرهاب ، في نفس الوقت يقصف النظام المحتجين ضد الفساد والاستبداد من أبناء الوطن النشطاء ، من أصحاب الفكر النير الحر والنفوس العزيزة الأبية ، الذين خرجوا يهتفون للحرية ويطالبون بالكرامة  ؟ !

هل يعامل قائد المؤامرة الأجنبي بهذه الطريقة الديمقراطية من والرقي والتعبير الحضاري ، ويعامل ابن الوطن بطريقة تترية همجية بشعة ، من القتل والخطف والقمع الوحشي والنهج البوليسي عندما يطالب بحقه المشروع من الحرية والكرامة بطريقة سلمية وحضارية  ؟ ! .

  لم يعامل السفير الأمريكي بهذا الرفق ويؤخذ بالحلم ! ويعامل المواطن بهذا البطش والعسف وجميع الوسائل الهمجية والممارسات الوحشية  ؟ ! .

إن بطش النظام الأسدي ضد مواطنيه  ليس انتاجا حديثا ، وإنما هو سياسة قديمة ممنهجة في عهد الابن ومن قبله أبيه ، فكذلك حلمه ضد أعدائه قديم بقدم هؤلاء الطواغيت الجبناء الذين يركعون صاغرين أذلاء أمام الأعداء ، ويستأسدون على أبناء الوطن العزل فيبطشون ويقتلون ويعربدون .

كلما تلقى النظام السوري الصفعة تلو الصفعة من العدو الصهيوني ، يهبط عليه وحي الحلم والأناة ، فيقابل اعتداءات بني صهيون وإهاناتهم وتعديهم على أمن الوطن وسيادته  بالحكمة والسياسة ! وتخرس مدافعه ودباباته الصامتة على الجبهة ، ويتحرك لسانه برطانة ثقيلة ليتحفنا بالتنديد ... ثم احتفاظه بحق الرد ... والذي لم نشهد هذا الرد  بعد ، ولا يعلم أحد له موعدا حتى من كان من كان من أركان هذا النظام ! .

لقد خرس النظام السوري ، ولم تطلق قذيفة واحدة على العدو الصهيوني يوم اجتاحوا بيروت واحتلوها ونفذوا مجزرة صبرا وشاتيلا ، وعندما قصف الطيران الاسرائيلي بطاريات الصواريخ السورية في البقاع بلبنان لم يطلق صاروخ واحد عليهم بل لم تطلق طلقة مسدس باتجاههم ، في حين يهدد اليوم الأسد وزبانيته بتدمير العواصم العربية وحقول البترول إذا تدخل الغرب لحماية المدنيين من القمع والطش والإبادة !  ويوم قصفوا ودمروا مبنى المفاعل النووي في دير الزور لم ينجرأوا حتى على ذكر الخبر، ويوم حلقت الطائرات الإسرائيلية فوق القصر الجمهوري في اللاذقية واخترقت جدار الصوت وحين كان بشار داخل القصر ... ويوم صبت إسرائيل رصاصها المصهور على غزة وسكانها المدنيين ، ويوم اغتالوا مدير مشروع المفاعل النووي المفترض العميد محمد سليمان في طرطوس بزوارق بحرية إسرائيلية على الساحل السوري ، واغتالوا عماد مغنية في دمشق قرب مركز مخابرات كفر سوسة ....

كل هذه وأمثالها العشرات يصمت أمامها النظام السوري ، وتخرس دبابته وطائراته الحربية الصدئة  ويتلبسه الحلم ، وإذا نطق تلعثم مرددا تلك النكتة السخيفة الممجوجة ....  باحتفاظه بحق الرد ! .

وإذا خرج الشرفاء والأحرار من أبناء الوطن يطالبون بحقوقهم المصادرة ، تلبسه مارد من الجن أو عفريت من الشياطين ، فيقمع ويقتل ويخطف ويغتصب ويفعل العجائب في أبناء شعبه العزل ، مما لم يفعله فرعون في بني إسرائيل ، ولم يفعله الصهاينة في فلسطين .

إن جميع أبناء الشعب ومعهم جميع المنصفين والأحرار، يعلمون تماما ، لم يتعامل هذا النظام الجبان مع أعدائه بهذه الطريقة من الذل والتخاذل والتفريط بحق الشعب وسيادة البلد وأمن الوطن ، ويعلمون أيضا سبب نذالة هذا النظام وخسته في تعامله  بلؤم وحقد على أبناء وطنه ، حتى يعامل الشعب  بهذه الطرق الوحشية والاختراعات الجهنمية من القمع والبطش والاجرام .