العرب يعيشون وهماً كبيراً

قدري شوقت محمد الراعي

[email protected]

" إن الحدأة لا تلقي كتاكيتاً , وفرعوناً لن ينجب موسي

واليد الآثمة المدنسة بدماء الأبرياء..

لن تحمل غصن زيتون أبداً....! "

ثمة حقيقة هامة جداً ينبغي أن نلتفت إليها جميعا نحن العرب شعوباً وحكومات...

هي أننا نعيش وهماً كبيراً اسمه (السلام مع إسرائيل) ...!

ونلهث خلف سراب كبير اسمه (التعايش مع إسرائيل)..!

وتجاربنا معهم في الماضي تؤكد حقيقة هذا الوهم الخادع , وما يقومون به اليوم من جرائم وممارسات

وحشية مع الشعب الفلسطيني الأعزل- أقل ما يمكن أن توصف به أنها ممارسات ضد الإنسانية – هو أيضاً تأكيد

لهذا الوهم ..!

فكم من مرة عاهدت ثم نقضت , وكم من مرة أعلنت حسن النية ثم راوغت ...!

وملفاتهم في الماضي شاهدة علي ذلك ودفاترهم القديمة تكشف ألاعيبهم وخداعهم وحقدهم القديم ..

ثم إن هناك تفسيراً ربما يكون بسيطاً إلي حد السذاجة , لكنه يقف دليلاً دامغاً هو الآخر علي أن فكرة السلام

مع إسرائيل فكرة مفرطة في الخيالية ومستحيلة اطلاقاً أن تحدث...!

إن السلام العادل والشامل الذي نطالب به بني صهيون يعني في أبسط صوره تحقيق مبدأ " الأرض مقابل السلام"

أي أعطني أرضي أولاً أضمن لك العيش في سلام وأمان ...

وإقرار إسرائيل بالسلام يعني ببساطة خروجها من أرض فلسطين ...

وقبول إسرائيل لهذا المبدأ معناه القضاء عليها نهائيا والعودة بها إلي سابق عهدها قبل عام 1948 .

أيام كانت تكتلات ...صغيرة..متفرقة ..ومبعثرة في أرجاء العالم لا مأوي لها ولا وطن...!

وإسرائيل لن تقبل بهذا أبداً..

بل إن فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنباً إلي جنب مع إسرائيل كانت ولم تزل مجرد فكرة محل نظر

وموضع تحفظ من جانب الحكومة الإسرائيلية..

وحزب " الليكود " في الكنيست الإسرائيلي لم يزل يرفضها بشدة ويصوت ضدها..!

إذن علينا أن نفيق ونعترف لأنفسنا أن السلام الذي ننشده مع إسرائيل , والتعايش الذي نسعي إلي تحقيقه معها

وهم كبير...وسراب كبير!

وفي سبيل هذا الوهم ومن أجل هذا السراب تم إهدار ملايين الجنيهات علي مؤتمرات واجتماعات ولقاءات

لم يكن هدفها فيما يبدو سوي بيع الكلام ونسج الأحلام والنصب علينا صحواً أو نيام..!

وفي سبيل هذا الوهم ومن أجل هذا السراب قدمنا من التنازلات الكثير علي حساب كرامتنا كعرب , وعلي حساب

أمة عربية تعيش الاضطهاد في أبشع صوره..!

حان الوقت الآن لكي ندرك تماماً أن فكرة السلام مع إسرئيل فكرة مستحيلة , ومحض سراب كبير

وأن أفدح خطأ وقع فيه حكام العرب هو تبنيهم للسلام كخيار إستراتيجي وإصرارهم عليه رغم حرب الإبادة

العنصرية التي تشنها كل يوم دولة "بن جوريون" علي شعب فلسطين .

والشعوب العربية تسأل : ما جدوي هذا الإصرار الغريب علي التمسك بالسلام كخيار إسترتيجي وحيد مع شعب

خادع لا يعترف بالسلام ولا يقيم له أي وزن أو قيمة..؟!

كأن (سوق) السياسة العربية لا يعرف إلا هذا النوع من (الخيار)...!!

ما جدوي محاولات التحايل والاستعطاف وأساليب التسول التي يمارسها الزعماء العرب استجداءاً لوهم كبير

وسعياً خلف سراب مستحيل ..؟!

وإسرائيل هي الأولي أن تقف موقفنا هذا...

هي تستجدي ونحن نتمنع...

هي تستعطف ونحن نترفع...

هي تتوسل ونحن نفكر...

هي تبكي ونحن نضربها بالحذاء..!

ولكن للأسف يبدو أننا نصنع الأوهام بأيدينا ثم نبيعها لأنفسنا...!

ومن الأوهام ...طلب النجدة من أمريكا وتوقع أن تفعل شيئاً لصالح الشعب الفلسطيني علي حساب إسرائيل.!

إن أصغر طفل في الشارع العربي يدرك جيداً حميمية العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

ويتفهم جيداً أنه ليس من المعقول أن يطلب من (أم) أن تلقي بطفلها في النار مهما كانت الأسباب ...!

حتي ولو كانت السماء والأرض وكل مفردات الوجود تمقته, وتلفظه, وتلعنه...!

إن أمريكا بالنسبة لإسرائيل الأم , والأب , والعشيقة..!

هي الحضن الدافئ , والملاذ الآمن , والراعي غير الرسمي لكل خطط وبرامج ومشروعات القتل والتدمير

والتخريب علي أرض فلسطين...!

بل إن( أمريكا) هي أكبر إرهابي في العالم وهي رأس الأفعي –علي الأرجح- الذي يدبر ويخطط ويمول ثم يحيل

مهمة "التنفيذ" إلي البلطجي الأرعن (إسرائيل)..!

إن "الحدأة" لاتلقي كتاكيتاً و "فرعون" لن ينجب موسي , واليد الآثمة المدنسة بدماء الأبرياء لن تحمل

غصن زيتون أبداً...!!

ستكون فضيحة إنسانية كبري لو أننا بقينا علي هذه الحالة المخزية ..

ينبغي أن نفيق من الأوهام وإلا ستذهب فلسطين إلي حيث لا عودة..

ولن يغفرها لنا التاريخ أبداً...

سيقول التاريخ يوماً : إن العرب باعوا فلسطين لأولاد الخنازير .

وسيأتي جيل وراء جيل يردد : لقد تواطأ حكام العرب مع القتلة الحقيقيين , وحولوا فلسطين صفقة رخيصة...!