اللغة الجديدة

قدري شوقت محمد الراعي

[email protected]

"لقد تحول المارد العربي إلي فأر مذعور

واستحال أبو زيد الهلالي إلي قزم تافه..

وصار شمشون الجبار امرأةً داعرة...! "

عندما تتبدل كل موازين العدالة فوق هذه الأرض ...

فيصير الجاني مجنياً عليه , والقاتل مقتولاً , والمظلوم ظالماً , والشهادة في سبيل الوطن إرهاباً

فهل تبقي للحياة معني بعد ذلك...؟!

وعندما يصبح الدم العربي ماءاً , وبنو العروبة  مثل التراب بلا ثمن ماذا يتبقي لنا من كرامة...؟!

وحين تغدو الشعارات المنمقة , والتصريحات العنترية الفارغة التي لا تنضح إلا زيفاً وكذباً هي كل ما يستطيع

حكام العرب فعله في مواجهة هذا العدوان الإسرائيلي العنصري الوحشي علي شعب فلسطين الصامد .

هي اللعبة الوحيدة التي لا يجيدون سواها في مواجهة إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل..

هي اللحن الموسيقي الوحيد الذي يحترفون عزفه علي مسرح الأحداث الملتهبة في فلسطين ومن ورائهم جوقة

من الكسالي والعجزة ومهرجو السلاطين

فهل بعد هذا الهوان هوان...؟!

والشعوب العربية الآن فاض بها الكيل وفي حالة قرف عام إزاء هذا التخاذل الواضح والمهين في مواقف صناع

القرار العربي –إن كان للقرار العربي صناع أصلاً-...!

ومهازل اجتماعاتهم ومؤتمراتهم وحواراتهم تشي بالضعف الذي تغلغل في الكيان العربي ,  وتؤكد علي أن وحدة

الصف العربي ستظل حلماً بعيد المنال..!

ولذا فالمحاولات المتكررة التي تجريها الأنظمة الحاكمة لبلاد العرب بقصد بث شحنات زائفة من أمل كاذب في أفئدة

شعوبها تجاة القضية الفلسطينية هي محاولات يائسة وفاشلة لا تسمن ولا تغني من جوع .

بل إن الشعوب العربية نفسها بات من المؤكد أنها فقدت ثقتها في حكامها , ولم يعد في خلاياها ذرة واحدة تدين

بالولاء لهم ...!

بعدما أفلح سفاحو الدولة الصهيونية المزعومة في أن يكشفوا لهم حجم الضعف والذلة والانكسار الذي يحاول

قادة العرب اخفاءه خلف أقنعة قد تبدو براقة لكنها زائفة...!

نجحوا باقتدار في أن يكشفوا لشعوب العرب فشل حكامهم , وضعف قوتهم , وقلة حيلتهم , وهوانهم علي العالمين.

لقد أسقط الصهاينة كل الأقنعة العربية , وأذابوا بريق المكياج السلاطيني فبدت الوجوه علي حقيقتها باهتة ..

شاحبة..دميمة ..وعاجزة !

مجرد قطع شطرنجية توجه وتحرك وتدار وفقاً للمزاج الغربي...

فئران مذعورة تتواري في المخابئ استحياءاً , وخوفاً , ورعباً .

لقد تحول" المارد" العربي إلي فأر مذعور دائم الشكوي والبكاء ...

واستحال " أبو زيد الهلالي " إلي قزم تافه ...

و"شمشون" الجبار صار امرأة داعرة ...!!

إن كل مواطن عربي في كل بيت عربي الآن يسأل : إلي متي ؟؟؟!!

إلي متي ستظل الأنظمة العربية مكتوفة الأيدي , قليلة الحيلة , عاجزة عن اتخاذ سلوك حازم وقوي وحاسم إزاء ما يتعرض له شعب فلسطين من اعتداءات ومجازر وحشية وعمليات إبادة جماعية علي أيدي اللوبي الصهيوني القذر..؟؟!

إلي متي هذا الصمت المخجل , والسكوت المهين ..ونحن نري كل يوم بالصوت والصورة جرائم قتل , واغتيال  وتخريب

لكل ما هو فلسطيني...؟؟!

متي سيكف القادة والحكام العرب عن اللجوء إلي لغة الشجب والإدانة والاستنكار ,  واتخاذها وسيلة وحيدة لا بديل

عنها في الرد علي إرهاب إسرائيل...؟؟!

كأن معاجم اللغة العربية عند حكامنا لا تحوي مفردات أخري أكثر ابهاراً .. وإثارة .. ومهابة.. سوي مفردات الشجب والإدانة والإستنكار.!!

إن صح ذلك فاللغة العربية إذن لغة عاقرة , ومشبوهة , وعاجزة , ومملة , ولا جدوي منها ..!

وعلي الحكومات العربية أن تبحث لها عن لغة أخري حازمة ..ورادعة..وقوية.

لغة تناصر المظلوم وتبطش بالظالم وتعيد الحق المغتصب إلي أهله ..

لغة جليلة وشريفة تعيد موازين العدالة المختلة إلي وضعها الطبيعي..

بإختصار لغة قادرة علي الفعل , وعلي التحدي , وعلي التغيير ..

لقد ذهبت السكرة وجاءت الفكرة ويجب علي ( جهينة )الآن وبسرعة وقبل فوات الأوان

أن تقطع قول كل خطيب...!