يا أبناء التل
د. منير محمد الغضبان *
يا أبناء التل ، مدينة ، وقضاء، وناحية ، وقرية ، وفردا
يا أبناء التل المجاهد ويا أبناء الجبل الشامخ ، يا أبناء شعبنا العظيم ...
أولا : أحيي فيكم هؤلاء الشباب الذين يصنعون تاريخا جديدا عجز جيلنا والأجيال التي قبله أن يصنعوه ، فأنتم معجزة عصركم ، يا أبناء الفيس بوك وتويتر ويوتيوب) لقد هزمتم دبابات الظلمة وهزمتم طائراتهم ، وهزمتم أسواط الجلادين ، وحراس الزنازين ، ورصاص الغادرين ، وأبرزتم أمتكم في الوجود ، وأخرجتموها إلى النور بعد قرابة نصف قرن .
والله إنا لنستصغر أنفسنا أمامكم وأنتم تكتبون سجل المجد لأمتكم ..
وأقصى ما قدمناه من كلمات ، جبلتموها بدمائكم ، وحولتم الخيال إلى واقع ، وانتقلتم بأمتكم من الأحلام ، وأكبر من الأحلام ، إلى الوقائع والأرقام ، وأنتم جزء من هذا الشعب السوري العظيم .
من هذا المارد الجبار الذي انتفض ؟ ومن هذا الحق الذي جاء . ( قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب . قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد )
لقد كنتم قدر الله الغالب الذي اصطفاكم واختاركم ، ليبني بكم أمة حرة كريمة عزيزة ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون)
وأنتن يا حرائر التل .. بأبي أنتن وأمي . أنتم الذين تشعلون الوقود في أبنائكم ، وأنتم المرجل الذي يغلي فيحرق باطل الطغاة وزيفهم ، أمهات ثكالى وزوجات أرامل وأخوات صابرات . وفتيات مثل الزهر يقلن الحرية أو القبر ، إنكن والله لأمتنا الفجر والفخر ..
وسوف يمر الزمن .. وسوف يتمنى كل شاب ، وكل فتاة وكل شيخ ، فاته شرف المشاركة في أفضل الجهاد . كلمة حق عند سلطان جائر .أن يكون قد شارك ولو بكلمة تسجل له في هذا الجهاد ، أو درهم بذله عونا له ، وسوف تقيل نفسه حسرة أن فاته هذا الشرف .
إيه يا شباب ،إيه يا عظماء الأمة ، ولا يغسل عار مدينة التل إلا خمسين ألفا من أبنائها تعلن للظالم لا ، تعلن كما قال الفاروق رضي الله عنه : يعجبني الرجل إذا سيم خسفا أن يقول بملء فيه : لا . هذه تربية الكرامة التي تربى عليها تلامذة محمد صلى الله عليه وسلم ، حين قال عمر رضي الله عنه وهو على المنبر : ما تفعلون إذا ملت برأس هكذا ؟ فأجابه جندي من غمار الناس : نفعل بالسيف هكذا ، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في رعية عمر من إذ اعوج قومه بسيفه .
دعونا إذن نبارك جهادكم ، ونبارك مظاهراتكم ، ونغبطكم على أجركم ، فأنتم قادة التحرير للأمة .
أما أنتم يا بعض وجهاء التل .. الذين تتزلفون إلى السلطان المنهار الخائن العميل ، فتقنعون أولادكم بالخنوع والمذلة ، والتمرغ في وحل النفاق ، وتمنعونهم من الخروج أو تقنعونهم بعدم الخروج مع المظاهرات ، وتكونون ظهيرا للمجرمين من الطغاة ، وتتسابقون في نجاحكم بالحيلولة دون خروج الشباب للموت .
دعوني أصارحكم بما أنتم عليه .
إني والله لأعرف أنكم في قلوبكم تلعنون هؤلاء الطغاة ، وتستجيرون من ظلمهم ، ويُسارُّني كثير منكم برأيكم فيهم ، ولن أذكر اسما واحدا حتى لا أحرج أحدا .
أذكركم بما قال الله في أمثالكم من المنافقين :
((ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة . ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين )
((ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون ، لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون ))
((وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خلدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم .))
((فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون ))
((إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون ))
حتى لو بنو المساجد الكبرى وزينوها ..
((والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى . والله يشهد إنهم لكذبون ))
حتى ولو ذكرتهم بالقرآن وبكتاب الله
(( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون ، وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون))
يا وجهاء التل وعقلاءها . اختاروا
إما أن تكونوا من هؤلاء المنافقين الذين سمعتم ما قال الله فيهم ،وتحشرون يوم القيامة مع الكافرين لا مع المؤمنين ((ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا ..))
وسوف تلقون عشرات الألوف ومئات الألوف يوم القيامة يتشبثون بكم ويجأرون إلى ربهم : يارب هؤلاء الذين أضلونا . يارب هؤلاء الذين ثبطونا أن نجاهد الباطل ونحاربه . يارب هؤلاء الذين منعونا من جهاد الطغاة والظلمة . وأحضروا من الآن جوابا لهذا الموقف .
وإما أن تختاروا على الأقل السكوت والخرس وتقفوا على الحياد . حتى لا تقام عليكم الحجة كما ذكرنا عن الفريق الأول .
وإما أن تخلعوا أيديكم من أن تكونوا أذنابا للطغاة تبيعون دنياكم بدينكم . وتضعوا أيديكم بأيدي شبابكم . ويجتمع مئات الوجهاء من كل قادة التل وزعمائها ، ويكونوا على رأس المظاهرات التي تطالب بإسقاط النظام . وتعلنوا القربة إلى الله بهذا الموقف .
((إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ، إلا الذين تابوا وأصلحوا ، واعتصموا بحبل الله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما ))
![]()
* باحث إسلامي سوري
