الفرحة العظمى بعودة الابن الضال من حلب الشهباء
الفرحة العظمى
بعودة الابن الضال من حلب الشهباء
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
هي لوحة زيتية مرسومة إذاً .....؟؟؟؟ ....!!!!!!
رسمت منذ آلاف السنين , توزعت مقاطعها بين السهل والجبل والبحر والصحراء والبادية
تشير بين طيات منحنياتها إشارات متعددة , تلك هي أقدم عاصمة في التاريخ , وتلك قلعة يعلو سورها ليتفوق على كل قلاع العالم قاطبة في العلو والإرتفاع
منذ شهور قليلة فقدت تلك القلعة , فقدت آثارها ضلت وتاهت
اللوحة موجودة في كل بيت في سورية وإن كانت غير موجودة على الحائط فهي موجودة في كل قلب ينبض بالحياة , وجودها على الحائط لايهم , سواءٌ أوجدت على المكتب أم لم توجد فكل خلية نبتت من تلك الخريطة , فهي منهم وهم منها
كل الشعب السوري وفي كل المحافظات وكل ذرة تراب من الوطن اشتركت في بناء نبتة أصيلة برية , تبحث عن قوة للبناء , وتسعى وتكافح وتبذل المال والنفس من أجل إكمال الخريطة , وإعادة الأجزاء المفقودة منها , وإزالة كل نبتتة سامة ظهرت في الخريطة
تصل البشرى , البشرى لم تكن قميص يوسف عليه السلام , لترد البصر لكريم ابن كريم , ولكن البشرى هنا جاءت
جاءت من لدن شعب كريم
كان قد فقد من الخريطة ....قلعتها ضاعت ....وابنها الأكبر ضل وضاع
وبغياب الإبن الكبير القوي والشجاع .....سرقت القلعة , اختبأت العائلة توارت عن الأنظار
نادت أخواتها من البحر والبر والبادية والصحراء تستغيث تعالي معنا وسوف نعيد لكم القلعة هي لنا ولكم ومنها ولها وفيها كل سر دفين سر العزة والكرامة , سر القضاء على النبات السام
العائلة مختبأة خائفة , أخواتها بحاجة ماسة لمساعدتها
هي العائلة والمحيط فيها كل مصير مجهول , تتحسر على ابنها الحامي لها والذي ضل الطريق
تنادي له تستغيث فيه
هو لايسمع , قد يكون أسيراً , أو قد يكون قد جبن , أو أن المنكرات أنسته العائلة , وأنسته القلعة
في مكان مظلم والخوف وصوت الشر ينطلق من كل مكان , ونبات السم ينتشر بسرعة ليلف العائلة كلها
صفير الهواء أصوات رعد , غيوم متراكمة سواد وظلام فوق ظلام , خيالات أشباح شياطين , جن وأصوات غرابيب سود
صوت رعد وميض برق يعقبه غيث تخف الوطأة الملقاة على الجميع , شعور ارتياح يتسلل للنفوس رويداً رويداً
ينسلخ النهار من الليل برقة وحنان صوت وقع خطوات يقترب ببطيء رويداً رويداً
إنه البشير ياأمي
أخي قادم غدا الخميس
تخرج الأم ومعها الجميع لاستقبال البشير فرحة مهللة وفي جعبتها تريد أن تسأل القادم بالبشرى , تختلط فيها كل قطرة دم أرهقت غدرا , مع كل خطوة خبطت بقوة متحدية الظلم وفي كل ذرة تراب من هذه الأرض تعطرت بأرواح الشهداء , لتختصر الأسئلة كلها بسؤال واحد فقط
ياصاحب البشرى :
عندنا لوحة زيتية كان فيها قلعة تسمى حلب الشهباء , وكل الأماكن المحيطة فيها اخضرت وأزهرت وتشعبت وتحدت تلك النبتة السامة , وانحصر وجودها في مكان القلعة
ولا سبيل للخلاص منها سوى دفنها تحت القلعة
فهل حقاً سيعود ابني الضال بالقلعة ؟
فقال البشير انتظري ظهر الخميس وسترين القلعة قد دفنت تحت عمق أساسها ذلك النبات السام