دماء على أرض الجولان

محمد فاروق الإمام

رسائل النظام لتل أبيب وواشنطن

محمد فاروق الإمام

[email protected]

النظام السوري الذي يستبيح المدن السورية بدباباته وفرق موته التي تقمع المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية والكرامة والديمقراطية بوحشية ما سبقهم إليها أحد من الطغاة والجبابرة والمستبدين قديماً وحديثاً، يريد أن يتنفس بعض الصعداء بعد أن أفلست كل شعاراته الزائفة ودعاويه الباطلة، من خلال التغرير ببعض الشباب المتحمسين والدفع بهم إلى الجولان المحتل بصدورهم العارية وأقدامهم الحافية، ليشغل الناس عما يفعله بسورية الوطن والمواطن من قمع وتنكيل وتقطيع وذبح وتخريب ونهب وسلب.

هؤلاء الشباب المتحمسين يريد النظام السوري أن يستغل عاطفتهم وحميتهم ويدفع بهم إلى أتون الموت بلا مقابل يحصدونه لا في تحرير الأرض التي تخلى عنها ولا في دفع الصهاينة ثمناً باهظاً لاحتلالهم لها، فهدفه الوحيد هو لفت أنظار تل أبيب وواشنطن إلى جدية ما قاله رامي مخلوف ابن خال الرئيس وأحد أركان النظام: (الفوضى في سورية تعني الفوضى في إسرائيل.. الاستقرار في سورية يعني الاستقرار في إسرائيل)، وقد وصلت الرسالة وجاء الجواب (العب غيرها يا مغرور).

لعبة النظام مكشوفة.. ركيكة الإخراج وهزيلة السيناريو لا يمكن أن تنطلي على أحد أو يصدقها أحد وعلى النظام السوري أن يراجع أوراقه فالوقت ليس لصالحه - كما يظن – فكل ما يقوم به يحرق المراحل ويقرب دنو أجله، فسقوط 18 شهيد وإصابة أكثر من 125 جريح برصاص القوات الصهيونية لن يشغل السوريين والعالم عن عدد شهداء يوم (جمعة أطفال سورية) الذين سقطوا بفعل رصاص فرق الموت التي أطلق النظام السادي العنان لها لتقتل وتجرح المئات من المتظاهرين السلميين في حماة وجسر الشغور ودير الزور وحمص والمعرة والرستن وتلبيسة والحراك وبانياس وحلب ودمشق، الذين خرجوا بصدورهم العارية متحدين دبابات النظام التي سحبها من الجبهة السورية، حيث مكانها الطبيعي، لتحاصر المدن وتروع السكان وتدك دور العبادة وتدمر المنازل على رؤوس أهلها وتسوي مع الأرض كل ما صادفته في شوارع تلك المدن وساحاتها وميادينها.

السبيل إلى تحرير الجولان يا بشار الأسد لا يكون عبر دفع مجموعة من الشباب العزل إلى أتون الموت الرخيص.. السبيل إلى تحرير الجولان يكون عبر نفس الطريق الذي أخذ به، فما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.. ولا يفل الحديد إلا الحديد، وقد لعب النظام على مدى أربعين عاماً على وتر سيفونية الممانعة والصمود والتصدي والتهريج والمسرحيات والشعارات والعنتريات والادعاءات، ولم يحصد إلا الفضائح والهوان والذل والانكسار، وباتت هذه السيفونية المشروخة عند الشعب السوري والعرب والعالم من الماضي البائد، الذي سقط عند أول تحليق للطائرات الصهيونية في سماء دمشق واللاذقية وعين الصحاب ودير الزور دون التصدي لها إلا بالبيانات والشجب والاستنكار والتوعد بعدم الانجرار إلى معركة يحدد العدو الصهيوني مكانها وزمانها.

الشعب السوري الذي خرجت جماهيره بالملايين تصدح حناجرها بإسقاط النظام، تعرف أن السبيل إلى تحرير الجولان لا يمكن أن يتحقق إلا بعد تحرير سورية من هذا النظام الجاثم على صدرها منذ ما يقرب من نصف قرن، وقد خبرت ألاعيبه وأكاذيبه ودعاويه وزيف شعاراته، ففاقد الشيء لا يعطيه، ومن سلم الجولان دون دفع أو مدافعة لا يمكن أن يكون في موقع قيادة التحرير والممانعة والصمود والتصدي، ومن يذبح شعبه ويقتل أبناء بلده بدم بارد، ويسوقه إلى المقابر الجماعية والسجون والمعتقلات والمنافي والمهاجر هو نظام خائن، كما أعلنت الجماهير السورية الثائرة ذلك في هتافاتها وشعاراتها في كل المدن السورية وقراها وبلداتها، وألسنة الجماهير أقلام الحق تقول: إن موعدكم الصبح أليس الصبح بقريب!! هذه رسالة السوريين لبشار الأسد وسدنة حكمه وفرق موته.