إلى شيخنا إبراهيم السلقيني

د. منير محمد الغضبان

د. منير محمد الغضبان *

[email protected]

إليك وقد دلفت على الثمانين وأمضيت ثلاثة أرباع عمرك مهاجرا في سبيل الله ، وجئت إلى وطنك الحبيب ، وأوسد إليك أعلى منصب في سورية . منصب مفتي حلب .

وأنت ترفض أو تعتبر نفسك مفتيا للسلطة والنظام، إنما أنت مفتي الشعب في حلب مدينة وريفا ، وفي أعناقك الملايين ينتظرون توجيهاتك وأنت المفتي لهم .

ما أظن أنك يا سيدي الشيخ ترى أن النظام في سورية ، يمكن السكوت عليه ، باعترافات سدنة النظام عن الدكتاتورية وتسلط الأمن وسيطرة الفساد على الأمة كلها،وقد ثارت جماهير عزل من السلاح يطالبون بالحرية ، وإنهاء قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي للأمة منذ خمسين عاما كما نص الدستور فلا بد أن يسقط نظام البعث . نظام الواحد القائد ، ويقوم نظام الشعب القائد ، ولا بد أن يكون الحوار مع الشعب  بكل أطيافه لا مع أزلام النظام ولا مع عبيد الطغاة ، ولا مع الفنانين بصفتهم يمثلون الأمة .

أما أنت فمن حقك أن تمثل الأمة لأنك لسان الشعب أمام طغيان النظام فإذا كان الشعب بلا لسان . فقد تودع منه . وهاهو الآن من أجل لسانه والتظاهر بما يريد يقدم ألف شهيد ونيف ، وعشرة آلاف معتقل ونيف.

لقد خرجت سورية كلها إلا حلب . تنتظر مفتيها أن يقول القول  الفصل . وهذه هي فرصة العمر في تحرير هذا الشعب من الاستبداد للحرية ومن الظلم إلى العدل .

سيدي الشيخ : دعني أكون صريحا معك ، وأرجو الله أن لا أتجاوز حدود الأدب ..

أسألك بالله عليك هل خطر بذهنك أن تأتي يوم  القيامة ، وتأتي هذه الملايين تقتص منك عند ربك ، صارخة جائرة إلى ربها . يارب هذا الذي حال دون سقوط نظام الفساد والكفر في سوريا . حين أفتتانا بعدم التظاهر وقول الحق .

والملايين هذه يا سيدي الشيخ لو أفتيت بتجمعها. واجتمع عشرها فقط . لسقط النظام الجائر الفاسد المجرم الذي يتحكم بمصير العباد . يقتل من يشاء ويذبح من يشاء ، ويعتقل من يشاء ، ويطالب زبانيته بالاعتراف أن بشار ربه .

يا سيدي الشيخ ..أعتقد أن كل ما يجري في الأمة يصلك

فلا يكن عندك أحد أكبر من الله . في كل يوم  تنتهك البيوت ، وتدك بالدبابات ، وسل الذين خرجوا أحياء من بين يدي هذا النظام .

إنني والله يا سيدي الشيخ . لا أتكلم لأقيم الحجة عليك فأنت أدرى وأعلم . لكن من حقي أن أذكرك بهذا الموقف . حين تتعلق بضعة ملايين بك  . تحملك وزر إبقاء النظام والحفاظ عليه ، وعدم الفتوى  بالتظاهر السلمي والخروج عليه . من السهل أن تقول لي : هذا خير لي من أن أفتي فأريق قطرة دم واحدة ، تسألني يوم القيامة فيم أرقتني ؟

وإن كنت فعلا ضائعا بين هذين الأمرين ، فاعتزل عملك . ولا تحتمل وزر هذين الموقفين . وتبرأ إلى الله من الأمرين . لعلك تنجو أمام الله . وكلنا نطلب النجاة والرحمة من الله .

لكن الذي أذكرك به أنك لو وقفت في مسجدك موقف العلماء العظام ، وقدت أنت شعبك للتظاهر ، ,أعلنت موقف نصرتك للحق الذي يكون ثمنه حياتك فسيسجل لك عند الله مقام الأبرار العلماء ورثة الأنبياء عند الله .

وستكون والله أعلم بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تسعى لتنقذ أمتك من الفساد والرذيلة والرشوة والفجور والتألي على الله .

إنها مواقف ثلاثة يا سيدي الشيخ أذكرك بها مختصة بك ..

-أن تختار إنقاذ شعبك وأمتك ، وتعلن الحق قائلا للنظام يا ظالم ، وفي هذا نجاة لك ولمن مضى معك ((فأنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفعلون ((

-أو تختار اعتزال الفتوى ، ولا تحمل رقبتك مواقف الملايين فيشهدوا عليك يوم القيامة .

-أو تختار أن تبقى منحازا إلى النظام . مدافعا عنه . ملدوغا من جحره مائة مرة وتتلقى تشبث الملايين فيشهدوا عليك يوم القيامة .

-أو تختار أن تبقى منحازا مع النظام موافقا له مدافعا عنه ، ملدوغا من جحره مائة مرة . وتتلقى تشبث الملايين في رقبتك يوم القيامة قائلين .يا ربنا هذا الذي أفتانا بالسكوت عن الظلم والظالمين ( فمن أنكر فقد بريء . ومن سكت فقد سلم ، إلا من رضي وتابع )

أملنا بك أن تختار الموقف الأول فتنقذ نفسك وتنقذ شعبك وأمتك . وها نحن ننتظر.

                

* باحث إسلامي سوري