يقتلوننا وهم يفتخرون

يقتلوننا وهم يفتخرون

ويسلبوننا كل شيئ وهم المظلومون,

فبأي شريعة يحكمون؟

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

د.عبد الغني حمدو

عندما يسلبني شخص ما حق من حقوقي أدافع عنه , وعندما يكون قوياً وأقوى مني ألجأ لجهة أعلى منه

على هذا الأساس :

تعالى ياشعبي السوري الحبيب نناقش الأمر

يروى لنا عندما كنا أطفالاً يقولون في قصص شعبية حقيقية أو اسطورية عن ملك ظالم , ويشبهونه بوحش أو على الأغلب بحيوان شرس أو من الصفات التي يوصف فيها الشخص بذلك متماثلاً مع الحيوان فيقولون عنه خنزير

وملك عادل كريم يوصف بصفات الجود والكرم والخير ويبتعدون وصفه بحيوان  حتى ولو كان حصانا

الشعب السوري يريد اسقاط الحاكم

الحاكم يريد قتل الشعب

الشعب متآمر والحاكم كما يدعي هو المخلص

لنرى من هو على الحق؟

الناس أوجدت الأنظمة لتحميها من الشاذين خلقياً عن المجتمع , واستعانت برجل كان أو امرأة لتنظم حياة المجتمع وجعلته ملكها أو شيخها أو رئيسها ولا يهم التسميات

هذا الحاكم والنظام والدولة مهمتها تطبيق القوانين وحماية البلد من الأعداء

فالقوانين وضعت لتنظيم الحياة ومحاسبة المجرمين , حتى تحمي دماء وأعراض وممتلكات المجتمع , والدفاع عن كيان البلد من عدو خارجي يكون في إعداد الجيش بكل مايلزم لكي يبقى المجتمع بعيداً عن الإحتلال الخارجي

فالقوانين في سورية مكتوبة وبدون تطبيق , ولا شبيه للقوانين عند الدولة إلا كالحمار يحمل أسفارا , بشرط ان يكون منتهك القانون يتبع طرفا معينا فيه صلة قربى ما ....للرئيس أو من طائفته وهو في موقع من المسئولية في الدولة , وهذه القوانين فقط لحمايتهم وليس لحماية المجتمع , فلا يحاسب أحدهم على أية جريمة أو جنحة  , وإن اشتكى المتضر فيكون نهايته في سجن طويل يسع عمره كله إن وصل إلى السجن قبل أن يُقطع في غرف التعذيب إن كان حظه جيدا

والجيش وتوابعه يخصص لحماية حدود الوطن والدفاع عن شعبه

هنا علينا أن نتساءل

ياترى مالفرق بين الجيش السوري  وجيش دولة أجنبية تريد أن تغزو سورية أو استعمرت سورية من قبل  ؟

الدولة الغازية بعد احتلالها بلداً ما , تعتمد في سياستها على الجزرة والعصا , وتسايس المجتمع وتقلل من عمليات التدمير وتحاول الظهور بالمظهر الطيب حتى ترضي الناس بوجودها , ومع ذلك فالشعب يثور عليها ويستميت في الدفاع عن أرضه ليتخلص من الإحتلال

بينما النظام في سورية يقدم للشعب فقط العصا , ويقتل ماطاب له وما لم يطيب

لم يحمل المتظاهرون عصا ولا حجارة ولا سكينا ولا سلاح , فقط يقول حرية سلمية , يطلق الجيش والأمن النار عليه فيردوه قتيلاً

السؤال هنا :

من هؤلاء القتلة  , وما هو جنسهم , ولماذا يقتلون بهذه الأعصاب الباردة ؟

ويقتلون ويقتلون ويعذبون ويهتكون الأسرار , ويغتصبون الرجال والنساء ويقلعون عيون وأظافر الأطفال

أسأل نفسي دائماً : من هؤلاء ؟

وأتعجب أكثر أيضا عندما يدور السؤال التالي بخاطري

كيف تتوجه رصاصة أحدهم لشاب يمشي في الشارع فيرديه قتيلاً ؟

أو كيف يرمي الناس بالنار والقتل وهم خارجون في جنازة من قتلوهم قبل اليوم وبشكل عشوائي؟

لو تتبعنا سيرة الشعوب والحروب والإبادة وقتل العزل من الناس لوجدناها تصف في صفوف متعددة ولكن أهمها:

الصراع العرقي , والصراع الديني بشقيه المذهبي الطائفي والإثني , وينتمي لجرائم القتل الجماعي الصراع السياسي , كجرائم  استالين وماوتسي تونغ

هذا القتل الذي يمارس في سورية الآن وبهذه الوحشية , وهو امتداد لنفس وحشية الإجرام منذ عشرات السنين والتي نفذت وتنفذ الآن بيد نفس الأشخاص السابقين واللاحقين

فتحت أي مسمى يمكن أن نطلق عليه؟

قد يجيب البعض أن الصراع يتمثل في سورية بين طائفتين , طائفة أقلية تحكم الأكثرية , وهذه الطائفة الحاكمة لايمكن لها البقاء في السلطة إلا بممارسة هذه الأعمال الوحشية والتي أثبتت نجاحها حتى الآن , وعندما يمارس القتل الطائفي فإنه يتصف بوحشية لاتوصف كما شاهدنا في وقتنا الحاضر في العراق وما فعلته العصابات الطائفية هناك والمتمثلة بفرق الموت الشيعية فيها , وعلى هذا الأساس يكمن إجرام هؤلاء القتلة في أن المقتول يمثل قربانا لمن يعبد , إن كان المقتول لاينتمي لعبادة ربه هو, وعلى هذا الأساس يتم قتل المتظاهرين المسالمين ليكون المقتول قربانا لربه الذي يعبده , سواء أكان هذا الرب شيطانا أم كان إنسانا , وهنا النظام الحاكم في هذه الحالة لن يعتمد بشكل رئيسي إلا على المقربين منه ومن طائفته والتي بيدها تحريك السلطات جميعا , والذين معهم من الطوائف الأخرى لن يكون بيد أي واحد منهم سلطة قرار وإنما وجودهم لإخفاء حقيقة النظام الطائفي وفي نفس الوقت لمليء الفراغ

وقد يقول الاخر إن النظام لادين له ولا طائفة , وما هو إلا مجموعات من العصابات والتي لادين لها , ولذلك يجب إزالة هذه العصابات والعودة بالوطن لنظام يمثل غالبية شعبه في الخير والصلاح

بينما أجد نفسي مع الرأيان , هو أن النظام في سورية أقنع طائفته بأنه هو من يمثلها في الوجود وهو الذي يحميها , وإن انهار النظام فسوف تكون نهاية طائفته , ولكي يقنعهم بذلك عمد لسياسة إرضائهم في المكتسبات الحياتية بحيث ميزهم عن الطوائف الأخرى , وهذه المكتسبات جعلت أبناء طائفته ينقسمون لقسمين رئيسيين

القسم الأول :لايريد أن يفقد من هذه المكتسبات شيئا ولذلك يمارس كل أنواع الجرائم بحق الشعب السوري , ولا يهمه القتل والسلب والهتك , والذي يهمه فقط هو بقاء النظام لبقاء مكتسباته

أما القسم الثاني فكان موقفهم على الحياد لامع هؤلاء ولا مع هؤلاء ينتظرون النتيجة ولو أن قسما قليلا منهم قد أعلنوا وقوفهم مع إخوانهم الثائرين

ويدعم عمليات الإجرام من الطوائف الأخرى للحفاظ على مكتسبات حياتية , ومنهم من يقف على الحياد كمحافظة حلب ينتظرون من الغالب في الأخير وليس لهم علاقة في الأمر

فالشعب السوري ليس أمامه إلا التخلص من هذه العصابات الإجرامية , باستمرار الثورة والمظاهرات والعصيان المدني حتى تسقط هذه العصابات

وعلى الذين يقفون على الحياد فهم يعلمون مثلما نعلم أن النظام يحكم باسم الطائفية ويمارس القتل باسمها وفي نفس الوقت هو نظام لادين ولا مذهب له , وحتى يرتاح شعبنا من هذا التمييز بين مكونات شعبه , وتنتفي التمايزات الأثنية او العرقية أو المذهبية فلا بد من الإستمرار حتى يتخلص الشعب السوري جميعه من العصابات المجرمة والتي تحكم سورية باسم النظام ليعم عندنا الخير للجميع , وهذا الخير لن يكون خاصاً لفئة أو طائفة أو مذهب أو عرق وإنما هو خير شامل لكل مكونات المجتمع ولن يحاسب إلا المجرم وحده.