هل ستحسم الإدارة الأمريكية موقفها من النظام السوري

هل ستحسم الإدارة الأمريكية

موقفها من النظام السوري

م. عبد الله زيزان

[email protected]

المتتبع البسيط للمواقف الأمريكية تجاه الأحداث الدامية في سورية يلحظ توجساً أمريكياً حقيقياً من سقوط نظام الأسد، وهذا التخوف نابع من حرص الأمريكيين على تأمين حدود مهمة تربط سورية مع فلسطين التاريخية...

والحق أنهم محقون في تخوفهم، فنظام حمى الحدود ومنع حتى الرصاصة من أن تضل طريقها لتصل إلى الجولان المحتل يستحق أن تتمسك به الإدارة الأمريكية...

لكن ما لم تدركه الإدارة الأمريكية حتى اللحظة أن الشعب السوري قد أراد الحياة، فهذا الشعب قد قرر، وبدأ بتنفيذ قراره، فهو لم يعد يطيق الذل والعبودية، وهو الآن وبعد أن استنشق الكثير من أبنائه رائحة الحرية وإن كانت مخلوطة بروائح الدماء الزكية التي نزفها بشوارع وأحياء الوطن لم يعد يحتمل رائحة الذل والمهانة على أيدي باعة الجولان والمتاجرين بالقضايا القومية...

لم تدرك الإدارة الأمريكية بعد أن الوضع في سورية وصل لنقطة اللاعودة... فلم يعد من الممكن ضبط هذا الشارع بعد الآن بيد أجهزة قمعية خسرت هيبتها تماماً أمام صمود وتحدي الشباب السوري البطل...

ونقطة اللاعودة هذه تعني أن سورية مقبلة في هذه المرحلة على غموض لا يعرف كنهه إلا الله... فكل الخيارات متاحة... من فوضى، وانعدام أمنٍ، وفقدان السيطرة على عدة مناطق وأحياء... ولا أظن أن أحداً يريد لسورية أن تصل إلى هذه المرحلة... فلا المواطن السوري يرغب بذلك ولا الجار الصهيوني يرضى بذلك... فانعدام الأمن والفوضى بيئة مناسبة لكثير من الاحتمالات بما فيها انفتاح جبهة الجولان المحتل، مما يشكل قلقاً أمنياً حقيقياً للدولة المارقة في فلسطين المحتلة، فسواء أكانت رواية انشقاق الفرقة الخامسة في درعا صحيحاً أم لا فإن سيناريو الانشقاق والتمرد وارد جداً وغير مستبعد في حال تأزم الأمور مستقبلاً وتوسع عمليات القتل والتعذيب...

بناء على ما تقدم يتضح أن مراهنة الإدارة الأمريكية على نجاة هذا النظام مراهنة خاسرة، وثمن هذه الخسارة لن يكون بسيطاً، ولن تتمكن حينها كل الأجهزة الأمريكية مع حليفتها الإسرائيلية تجاوز تبعات خسارة الورقة السورية... فالنظام ساقط ساقط... والأمر مسألة وقت فحسب... فإما أن تطول فترة سقوطه وما سيجلبه ذلك من فوضاً عارمة ودماء سورية غزيرة، يصحبها انفتاح كل الاحتمالات في جبهة الجولان في ظل هذه الأجواء... أو أن يكون السقوط سريعاً تحافظ فيه سورية على أهم مقومات الدولة... فيسهل ذلك الانتقال السلمي للسلطة من خلال عملية ديمقراطية حقيقية يختار فيها الشعب ممثليه الحقيقيين...

إن تباطأ الإدارة الأمريكية في حسم موقفها من الأزمة السورية الحالية سيسهم بشكل كبير في تقويض هذا البلد وهدم أهم أجهزته وبنيته التحتية، فالإدانات الخجولة ودراسة تجميد بضعة دولارات لرموز النظام السوري لا يعطي انطباعاً بأن هناك جدية في حسم الأمر على أرض الواقع...

فضغطٌ أمريكي جدي على النظام السوري لوقف إراقة الدماء، وإتاحة الفرصة للشعب السوري للتظاهر بسلمية، سيعطي وقتاً أكبر للتفكير في كيفية إخراج سورية من هذه الأزمة، وسيعطي الفرصة لتشكل قيادات ميدانية في شوارع سورية قادرة على استلام زمام الأمر في سورية مستقبلاً، وهذه القيادات ستشكل البديل الآمن لهذا النظام وتجنب سورية والمنطقة مزيداً من الفوضى وغموض المستقبل.

وخلاصة القول أن سحب الغطاء الأمريكي والغربي وحتى الإسرائيلي عن النظام السوري الحالي سيخفف من تبعات الحالة السورية الحالية وسيجلب الهدوء والاستقرار المطلوبين لهذه المنطقة التي تمثل برميل بارود سيصيب انفجاره حتى أطراف واشنطن...