لك الله يا شعب سوريا

لك الله يا شعب سوريا!

د. صلاح عودة الله- القدس المحتلة

[email protected]

"فرشتُ فوقَ ثراكِ الطاهرِ الهدبا... فيا دمشقُ... لماذا نبدأ العتبا؟
حبيبتي أنتِ... فاستلقي كأغنيةٍ ... على ذراعي، ولا تستوضحي السببا".

 اه يا شام..قلبي تمزق والمذيع يذيعها.."درعا" روما احرقت بالنار..ان القلب ليحزن وان العين لتدمع على ما تمر به بلاد الشام من قتل وتدمير وتشريد وقطع للتيار الكهربائي ومنع للتجوال..اه يا شام..كم صدق شاعرنا الدمشقي ابن الشام نزار قباني حينما قال:"يا شام يا شامة الدنيا،ووردتها..يامن بحسنك أوجعت الازميلا..وددت لو زرعوني فيك مئذنة..أو علقوني على الأبواب قنديلا..يا بلدة السبعة الأنهار..يا بلدي..ويا قميصا بزهر الخوخ مشغولا..يا شام ان كنت اخفي ما أكابده..فاجمل الحب حب- بعد- ما قيلا".

 يقول الراحل نزار قباني"يوم ولدت كانت الأرض هي الأخرى في حالة ولادة، وكان الربيع يستعد لفتح حقائبه الخضراء..هل كانت يا ترى أن تكون ولادتي في الفصل الذي تثور فيه الأرض على نفسها، وترمي فيه الأشجار كل أوراقها القديمة؟, أم كان مكتوبا علي أن أكون كشهر اذار, شهر التغيير والتحولات"...نعم يا شاعرنا العظيم ففي شهر اذار انطلقت رياح التغيير الشبابية وفي كافة البلاد العربية من المحيط الى الخليج لتقول لحكامها كفانا ظلما واستبدادا واستعبادا..شباب واجهوا اليات البطش العسكرية السلطوية بصدورهم العارية..اليات عسكرية لم تستخدم في وجه العدو الذي لا يزال محتلا لأراضي عربية نسيها فراعنة العصر, كيف لا والكرامة أغلى ما يملكه الانسان..هذه الكرامة التي هدرها حكام أقسموا ألا يغادروا كراسي حكمهم حتى الممات أو الى ما بعد ذلك, فهم حكام كأنهم أمر من الله لا يجوز الخوض فيه ولا انتقاده..انهم حكام ألقى بهم التاريخ وسيلقي بغيرهم الى مزابله فهم لا تاريخ لهم.

رياح التغيير الشبابية تمكنت من الاطاحة ببعض الطغاة ولا تزال تقاوم للاطاحة بما تبقى منهم..طغاة أياديهم ملطخة بدماء أبناء شعوبهم..طغاة لا زالوا ينفذون أحكام الطوارىء..فالكلام ممنوع وحرية التعبير عن الرأي تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون..ممنوع فتح الأفواه الا عند طبيب الأسنان..الشعوب جائعة وفقيرة وتفتك بها الأمراض, وفي نفس القوت يعيش هؤلاء الطغاة وحاشيتهم في نعيم قد لا يوجد في الجنة.

 المئات سقطوا في مختلف المدن السورية وذنبهم الوحيد هو مطالبتهم بالتغيير والاصلاح ورفع حالة الطوارىء والسماح بتعدد الأحزاب وحرية التعبير عن الرأي ورفع المستوى المعيشي الى غير ذلك من المطالب العادلة الموجودة منذ عشرات السنين في الدول الديمقراطية المتحضرة. نطالب القيادة السورية بضبط النفس فالمطالب مشروعة وعدم استخدام أساليب القمع الوحشية ضد شباب ثاروا على الظلم والفساد وسلاحهم الوحيد هو حقهم المشروع وصدورهم العارية.

 ومن ناحية أخرى ندين أي تدخل أجنبي في الشأن الداخلي السوري والا سيكون مصير بلاد الشام كمصير بلاد الرافدين وهذا ما نرفضه جملة وتفصيلا.

 ونذكر القيادة البعثية في سوريا بأن هنالك جزء من الأراضي السورية تم احتلاله في حرب حزيران ولا يزال محتلا الى يومنا هذا, ولم تطلق طلقة واحدة لتحريره ونذكرهم أيضا بأن الصهاينة هاجموا المفاعل النووي السوري ولم تكن أية ردة فعل سوى الاستنكار..فهل مواجهة الصدور الشبابية العارية بأسلحة فتاكة تعتبرونه عملا بطوليا؟..فاما الرحيل واما التغيير الجذري بكل ما تعنيه الكلمة وكفى اراقة دماء.

 وانهي بما قاله شاعرنا الراحل العظيم نزار قباني, وهي أبيات معبرة تتحدث عن نفسها ولا داعي لشرحها وتفصيلها:

 "يا ابنَ الوليدِ.. ألا سيفٌ تؤجّرهُ؟** فكلُّ أسيافنا قد أصبحت خشبا..دمشقُ،يا كنزَ أحلامي ومروحتي**أشكو العروبةَ أم أشكو لكِ العربا؟..أدمت سياطُ حزيرانَ ظهورهم**فأدمنوها.. وباسوا كفَّ من ضربا..وطالعوا كتبَ التاريخِ واقتنعوا**متى البنادقُ كانت تسكنُ الكتبا؟".

حمى الله سوريا وشعبها والنصر حليف الأحرار.