الأمن القومي العرضي

طارق شمالي

سواء كان الموساد الصهيوني ضالعاً في الغارة الجوية على سيارة في عمق الأراضي السودانية أم لا فهذا الأمر بات شيئاً عادياً .

فالموساد الصهيوني والذي تصفه بعض وسائل الإعلام الصهيونية بالجهاز الهش والغبي أصبح له يداً طويلة في معظم البلدان العربية على وجه الخصوص .

فلقد تحرك بحرية تامة في دبي فقتل القيادي في حماس محمود المبحوح ، وتوغل في عمق دولة الممانعة وتمكن من تصفية قيادي آخر من حماس وسط العاصمة السورية ، وله العديد من المهمات في مختلف الدول العربية أدت إلى تصفية العديد من القيادات والشخصيات الفلسطينية والعربية وحتى الأجنبية .

وهذا إن دل فإنما يدل على أكذوبة ما يسمى بالأمن القومي العربي والذي كانت تتغنى بها أنظمة الحكم العربية المستبدة وما زالت .

واسمحوا لي أن أصحح هذا المصطلح وأبعد عنه صفة العربية ليصبح الأمن القومي العرضي !، فهو عبارة عن حالة عرضية تظهر فجأة حينما يتعلق الأمر بخطر يهدد أركان الأنظمة الحاكمة في بلادنا العربية من المحيط إلى الخليج  .

فعندما يشعر النظام الحاكم أن هناك خطراً ما يتهدد بقاءه وسيطرته على ثروات الشعب ومقدراته تظهر أجهزة إعلام هذا النظام لتمارس دورها في الردح والنفاق وترديد الاسطوانة المشروخة لن نسمح لكائن ما كان أن يمس أمننا القومي !.

وعندما يحاول بعض الأحرار في العالم لكسر الحصار الظالم المفروض على غزة كان يخرج علينا صاحب الطلة البهية وزير خارجية النظام المخلوع في مصر ليهدد ويتوعد من يحاول الاقتراب من الحدود بتكسير قدميه بحجة الحفاظ على الأمن القومي .

وبنفس الحجة حاولوا بناء سور فولاذي عازل على حدود قطاع غزة مع مصر لتشديد الحصار على غزة والمحافظة على مصالح العدو الصهيوني .

وبحجة الحفاظ على الأمن القومي قمعت الشعوب وزج الآلاف من الشباب والشيوخ وحتى النساء والأطفال في السجون القمعية لتلك الأنظمة الظالمة .

فتهديد الأمن القومي يكون فقط عندما يطالب المواطن بحقه في حياة كريمة وأجواء ديمقراطية حقيقية وحرية وعدالة اجتماعية .

وتهديد الأمن القومي يكون في محاولة البعض العمل على نصرة إخوانه المستضعفين في فلسطين والعراق والصومال .

أما توغل الموساد الصهيوني "الضعيف" في عمق الأراضي العربية واستباحة الدماء في مختلف الدول العربية فهذا على ما يبدو لا يشكل تهديداً للأمن القومي العربي !.

لذلك أكذوبة جديدة تكشفها لنا الأيام وفي ظل نشوة انتصار الشعوب على جلاديها في زمن انتصار الحق على الباطل ، فلا وجود لمصطلح الأمن القومي العربي في قاموس تلك الأنظمة الخائنة ، والأمن القومي العربي تحميه الشعوب وإرادتها الصلبة أما ما كان وما زال يتغنى به الإعلام الرسمي المنافق فهو الأمن القومي "العرضي " .