مطلوب رئيس مصري لمصر
علاء سعد حسن حميده
باحث مصري مقيم بالسعودية
كانت البداية نكتة أو بالأحرى مقالا ساخرا كتبه شقيقي محمد، لكنها ما لبثت أن تحولت في عقلي ونفسي إلى مطلب اعتقد أنه فعلا مطلب شعبي، نحن نريد رئيسا مصريا لمصر!!
فالإنسان المصري هو المواطن الذي يعيش بين المصريين، وليس فوقهم، ابن بلد بالمعنى الشعبي المعروف، يتحلى بشهامة أولاد البلد وطيبتهم وتسامحهم، يأكل مما يأكل المصريون يقف في الصف على طابور العيش ويفطر فول وطعمية، ويركب المواصلات العامة، والميكروباصات وسيارات الأجرة والتوك توك، ويعرف طبيعة الحياة في العشوائيات فإن لم يكن هو نفسه مقيما في هذه العشوائيات فلابد أن يكون أحد أقاربه أو معارفه مقيما فيها.. يشرب من نيلها، ويقف على طابور أنبوبة الغاز، حتى يعرف قيمة الغاز المصري فلا يتبرع به للجيران، رئيس مصري علاقاته الاجتماعية مثل علاقاتنا بالأهل والأقارب والجيران والأصدقاء، عائلته بها الشاب السلفي والاخواني وفيها كذلك الشاب الروش، ومنها السلبي، ومنها المنقبة والمحجبة والمتبرجة والمحتشمة.
لست ضد الأثرياء ولا أدعو بالضرورة ألا يترشح لرئاسة مصر من يمتلك سيارة فاخرة وفيلا خاصة، فلمثل هؤلاء حق الترشح مثلهم مثل أي مواطن طالما أن مالهم من حلال..
ولكن على كل مترشح للرئاسة قبل أن يعلن برنامجه الانتخابي أن يقيم في إحدى العشوائيات لمدة أسبوع على الأقل، ويجرب خلال هذا الأسبوع ركوب المواصلات العامة، ويركب الدرجة الثالثة في القطار المتجه للصعيد، ويذهب للقرى ويجلس بين الفلاحين البسطاء، ويقف في طوابير الحياة اليومية للمواطنين، ويعايش مشكلات الوطن والمواطن على الطبيعة ويتعرف على آلام الناس وآمالهم منهم لا نقلا عنهم، ثم يضع برنامجه الانتخابي وفقا لمعايشته واقع مصر والمصريين..
إن أعظم ما ترسخ من فساد خلال الثلاثين العام الأخيرة من عمر مصر، أن مصر أصبحت مصرين، والبلد صارت بلدين، والمصريين أصبحوا نوعين .. نوع كل مشاكله في الحياة أين يركن سيارته الفارهة، وكيف ينفق أمواله الطائلة، ونوع يشاهد تلك الفئة ويتعجب هل هؤلاء مصريون مثلنا؟
لقد صنع الحاكم الفاسد حوله دائرة كبيرة من المنتفعين تسموا بالنخبة وسيطروا على التوجيه والفن والرياضة والثقافة والإعلام وكل شيء، وهم يتحدثون ليل نهار ، لكنهم بالتأكيد يتحدثون عن وطن آخر غير الذي يعيش فيه المصريون، ولذا لا نريد لمرشحي الرئاسة أن ينخدعوا بهؤلاء ومشكلاتهم وترهاتهم، ولكن عليهم أن يعيشوا مصر لا أن يسمعوا عنها.